العمال والدور المنتظر

عيد العمال ليس كباقي الأعياد، فهو يوم يتذكر فيه عمال العالم كيف اتحدوا ضد الظلم والاستغلال، وللمطالبة بحقوقهم المادية والمعنوية، والاعتراف بدورهم الأساسي في عملية التنمية..
العامل هو أساس العملية الإنتاجية، ورغم تطور التقانة المستخدمة في شتى أنواع الصناعات بقي العامل أهم أدوات تطوير الإنتاج، ولا يمكن الاستغناء عن جهوده أو وجوده..
إلى عمالنا في جميع منشآتنا في القطاع العام والخاص نوجه التحية الخالصة لأنهم بناة حقيقيون للوطن، وجنود في مواقعهم، يعملون على تأمين جميع احتياجات المواطنين ، واستثمار خيرات بلدنا المحلية بأفضل السبل والصيغ التي تحقق قيمة مضافة لاقتصادنا الوطني..
لكن هل الدور المطلوب والمرسوم لهم في الفترة السابقة، والذي تم تنفيذه وفق الإمكانات الإدارية والبشرية ورؤيتها، يكفي لتحقيق متطلبات المرحلة المقبلة في سورية؟
لا نغفل حقيقة عند القول: إن القطاع العام هو الحامي الأول لأبناء سورية، ولولا وجوده أثناء فترة الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية، أو أي أزمة أخرى، لشاهدنا نتائج كارثية على اقتصادنا ومجتمعنا، فالفئات الأخرى من الفعاليات الاقتصادية تعمل في ضوء ما يحقق مصالحها أولاً، ويساعد على تطوير أدوات الاقتصاد الوطني، وخلال الأزمات ينكفئ القطاع الخاص، ويتقلص دوره وحضوره في الساحة الاقتصادية الوطنية، بذرائع تتعلق بأزمة التسويق والسيولة خلال فترة الأزمة، بينما المنتظر منه هو الاستمرار بالعمل وفق الإنتاجية نفسها بل البحث عن أسواق جديدة تزيد منعة وقوة اقتصاد الوطن..
سورية تعبر اليوم إلى مرحلة جديدة من تاريخها الحديث، وهذا يتطلب أولاً وضع تصورات للدور المطلوب من الطبقة العاملة، وهذا الدور يضعه العمال أنفسهم، من خلال البحث عن صيغة تعامل جديدة، تتيح لكل واحد منهم المساهمة في عملية البناء، وفي الوقت نفسه المحاسبة عند وجود أي تقصير..
المطلوب من العامل زيادة القدرة الإنتاجية وتحسينها وتطويرها، والمنتظر من التنظيم النقابي تقديم المحفزات للقيام بهذه العملية، وأن يشعر العامل أن أي تطوير سينعكس عليه خيراً، وسيكون المستفيد الأول منه، وأيضاً أن يكون له دور في منع أي محاولة قد تقوم بها الإدارات لمحاولة تقليص دوره، الإنتاجي والرقابي..
البناء الحقيقي للوطن يكون بالتشاركية، وأولى خطوات التشاركية هي مشاركة العامل في اتخاذ القرار، للاستفادة من خبرته العملية خلف الآلة، وليس رسم استراتيجية من داخل المكاتب، بعيدة أحياناً عن الواقع، والطلب من العامل تنفيذها..!
منيـر الـوادي - تشرين