الـ "هاليو" موجة كوريا الثقافية التي اجتاحت العالم

الـ "هاليو" موجة كوريا الثقافية التي اجتاحت العالم

رزان حبش – شام إف إم

لماذا حققت أغنية "غانغام ستايل" الكورية نجاحاً كبيراً ورواجاً في مختلف أنحاء العالم؟؟

وكذلك المسلسل الكوري "لعبة الحبار" الذي حظي بشهرة كبيرة عام 2021.

وهل تقتصر شهرة الأغاني والدراما الكورية على هذين العملين فقط؟

 

الـ "هاليو" وتاريخها:

الـ "هاليو" أو "Hallyu" وتعني "الموجة الكورية"، وهي موجة اجتاحت العالم منذ بداية الألفية الثانية، وتمكنت من خلق قاعدة جماهرية عالمية واسعة، وخاصةً ضمن فئات المراهقين والشباب، وذلك عبر الموسيقى وفرقها الغنائية كـ "Big Bang" وغيرها، والدراما والسينما.

وكانت الدراما التليفزيونية والموسيقى الشعبية الكورية الجنوبية اكتسبت شعبية كبيرة في الدول الآسيوية مثل الصين واليابان منذ منتصف التسعينيات وحتى منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

إلا أن تأثير الـ "هاليو" توسع بعد عام 2010 ليشمل العادات والتقاليد، والأدب الكوري واللغة، وحتى الطعام والشراب، وصيغ الألقاب!

 

اللغة:

ومن أكثر دوافع المراهقين لتعلم المزيد عن اللغة الكورية، هو محاولتهم لحفظ كلمات أغانيهم المفضلة.

وقد ازداد عدد دارسي اللغة الكورية في الجامعات الأمريكية بنسبة 14 في المئة بين عامي 2013-2016، وفق ما أظهر تقرير لرابطة اللغات الحديثة في الولايات المتحدة الأمريكية.

 

الموسيقى:

يُطلق مصطلح "كي- بوب" أو "K-Pop" على الموسيقى الكورية، وذلك اختصاراً لـ "البوب الكوري".

وكانت أغنية "غانغام ستايل" التي صدرت عام 2012 واحدة من أشهر محطات تاريخ الكي بوب، كونها كانت أول فيديو غنائي على يوتيوب يتجاوز مليار مشاهدة، وأصبحت حركاتها الراقصة صيحة رائجة بين الشباب والمراهقين عبر العالم.

وقد وصل عدد مشاهداتها على يوتيوب اليوم 5.1 مليار مشاهدة!

ومن الأمثلة الحديثة حول الكي بوب هي فرقة الـ "بي تي إس" والتي تربعت على عرش الموسيقى العالمية منذ تأسيسها عام 2013، كما سجلت أغنية "داينامايت" رقماً عالمياً قياسياً بتحقيقها أكثر من 100 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة، واحتلت قائمة Billboard Hot 100 لأسبوعين متتاليين في آب عام 2020.

كما أشار استطلاعُ عبر موقع "ستاتيستيكا" والذي ضمَّ 18 دولة، أن 39 % من المشاركين ذكروا أن موسيقى الكي بوب شائعة في بلادهم.

 

الدراما والسينما:

على غرار الكي بوب، يُطلق أيضاً على الدراما الكورية اسم الـ "كي دراما" أو "K-Drama"، والتي بدأت موجتها بعد انتشار مسلسلي " "What Is Love?و" "Winter Sonataفي الصين واليابان، كما انتشر مسلسل "جوهرة القصر" عام 2003 في ٩١ دولة منها اليابان والصين وهونغ كونغ وتركيا.

حتى أن الأمر وصل بمعجبي الدراما الكورية لإطلاق مصطلح يعبر عنهم وهو الـ "كيدراميين"، فقد أصبحوا كياناً خاصاً يضم الملايين حول العالم وتجمعهم الثقافة الكورية.

أما حديثاً فقد حقق مسلسل "لعبة الحبار Squid Game" نجاحاً واسع النطاق، وشاهده أكثر من 111 مليون أسرة بعد شهر واحد من بدء عرضه في أيلول الماضي، بحسب مواقع صحفية، وقد تناول المسلسل فكرة الظلم الاقتصادي.

كما فاز فيلم "باراسايت" بأربع جوائز أوسكار، بعد أن رُشِّح لستة منهم، وهو فيلم كوميديا سوداء حول الفجوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء.

 

مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي:

اجتاحت موجة من الفيديوهات الكورية مواقع التواصل الاجتماعي أُطلق عليها اسم "Mukbang" والتي تعني فيديو يبث على الإنترنت وعادةً ما كون مباشراً، ويظهر فيه شخص يتناول كميات كبيرة من الطعام.

وقد حظي هذا النوع من المقاطع التي يمكن أن تحتوي بالإضافة لتناول الطعام على تسريح الشعر أو الهمس أو تطبيق الملابس، بجمهور واسع من الأشخاص.

 

الهاليو في العالم العربي:

وفقاً لتقرير في موقع "سبوتيفاي Spotify"، فإن أكثر مشغلي الكي بوب من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الفترة بين الـ 2014 والـ 2020 هم من السعودية والإمارات ومصر والمغرب والجزائر على الترتيب.

كما فاجأ أعضاء فرقة BIG جمهورهم العربي عبر أدائهم لأغنية "أنت معلم" للفنان المغربي سعد المجرد.

وكان هناك 60 ألف متفرج لمشاهدة الحفل الموسيقي لفرقة "بي تي إس" ضمن موسم الرياض الترفيهي عام 2019.

 

قوة الهاليو الناعمة:

أنشأت وزارة الثقافة الكورية في عام 2020 قسم دعم ونشر "الهاليو" التي يمكن إطلاق مصطلح القوة الناعمة عليها، وذلك للاستفادة منها للصالح الكوري بعد أن روجت الثقافة الكورية واخترقت معظم أنحاء العالم.

وبرأي البعض فإن فوز فيلم "باراسايت" بالأوسكار كان أحد نتائج الموجة الكورية وتأثيرها في العالم.

 

الـ "هاليو" في سورية:

قالت معلمة اللغة الكورية ومؤسسة أكاديمية آرام مرام الخطيب لـ "شام إف إم" إنها أسست الأكاديمية في دمشق عام 2016 إلكترونياً، رغبةً منها في نشر الثقافة الكورية في سورية، بعد أن كانت متعلقةً بها بسبب الدراما بدايةً، ثم تطور ذلك إلى التعرف على ما هو أعمق حول الثقافة الكورية.

وبيّنت أن أعداد الطلاب تجاوزت الـ 3000 طالب كمجموع كامل بين الدورات التعليمية والورشات، متضمنة طلاب اللغات الكورية واليابانية والصينية، مشيرة إلى أن أعداد طلاب اللغة الكورية واليابانية يشكلون معظم هذا الرقم..

وأفادت الخطيب بأن الغالبية العظمى من المتقدمين هم من فئة المراهقين والشباب (طلاب المدارس والجامعات) الذين رغبوا بتعلم اللغة الكورية متأثرين بمسلسلٍ أحبوه أو تعلقوا به.

فيما يشكل التجار الفئة الأقل للراغبين بتعلم اللغة اللغة الكورية أو حتى اليابانية والصينية، كون هذه اللغات هي لغات التواصل مع الشركات من هذه الجنسيات.

وأشارت الخطيب إلى أن هناك أيضاً ورشات حول طهي تتعلق بالمأكولات الكورية والشرق آسيوية، لافتةً إلى أن الطلاب غالباً ما يرغبون بتعلم وصفات الأطعمة الكورية التي شاهدوها في المسلسلات!

 

وبالنظر إلى هذه المعلومات فيمكننا الاستنتاج بأن فئة الشباب والمراهقين متأثرة بالدراما الكورية لدرجة الرغبة في تعلم اللغة الخاصة بهم، وليس ذلك فقط بل إن لديهم الرغبة في صنع وتناول الأطعمة التي يتناولها أبطال المسلسلات.

وهو ما دفع الخطيب نفسها إلى وضع مؤسسة تعليمية للغة الكورية موضع التنفيذ على أرض الواقع في بلد يبعد عن كوريا 7,731 كيلومتر، ناهيك عن البعد الاجتماعي بين البلدين إن صح التعبير.

 

وهذا ما يؤكد تأثير الـ "هاليو" فعلياً على الفئات التي هدفت بالأساس للتأثير بها.