الفقراء يقاطعون أسواق المدينة ويزحفون نحو أسواق المخيم

شام نيوز – وجيه موسى
في الجنوب من العاصمة دمشق وفي مثل هذه الأيام من كل عام يمكنك أن تشاهد منظرا من يوم الحشر، وما عليك إلا أن تتوجه إلى شارع اليرموك أو شارع لوبيا الذي يتفرع عنه أو شارع صفد الذي يتفرع عن شارع لوبيا ....
شوارع تتفرع عن الأخرى وجميعها تعيش حالة من الازدحام الشديد الذي تشهده منطقة المخيم استعدادا لاستقبال عيد الأضحى المبارك بعرض البضائع المتنوعة من الألبسة، والأحذية وحاجيات العيد، و تعيش حراكا اقتصاديا هاما وازدحاما لا مثيل له.
وعلى الرغم من انتشار العديد من المحلات التجارية الفخمة والمجمعات الواسعة في أرقى أحياء وضواحي دمشق إلا أن هذه الأسواق تستقطب يوميا وخاصة في فترة المساء آلاف الزوار والمتسوقين إما للتبضع فورا أو لمجرد مشاهدة ما تعرضه واجهات هذه المحلات واخذ فكرة عن الموديلات والأسعار للعودة في وقت لاحق وشراء البضائع ولذلك تشهد هذه الأسواق ازدحاما شديدا من المتسوقين.
ولعل الكثيرين ممن يرتادون هذه الأسواق يعتبرون السير على أرصفة سوق اليرموك ولوبيا نزهة يومية لا غنى عنها سواء في فترة الأعياد أو في الأيام العادية التي لا تحمل مناسبات بغية مشاهدة حركة الناس والسوق والشارع والاستمتاع بأضواء واجهات المحلات ومصابيحها الملونة وأرماتها المميزة فالكثيرون يرون في هذا التجول واجبا يوميا لابد منه حتى ولو لم يكونوا يريدون شراء أي شيء من تلك الأسواق.
شام نيوز قام بجولة في هذه الأسواق وسط الازدحام المنقطع النظير وسجل لكم الانطباعات التالية :
يقول ماهر صاحب أحد محلات الألبسة في شارع اليرموك أن السوق متخصص تقريبا ببيع الألبسة الرجالية والنسائية والأحذية وألبسة الأطفال، و بالنسبة للأسعار فهي أرخص بكثير من أسواق الصالحية و الحمرا وباب توما و الشعلان لذلك تجد الكثير ممن كان يرتاد تلك الأسواق قد غير وجهته إلينا نظرا لتباين الأسعار الواضح.
إذا قلت للزبون" ببلاش" يقول لك أعطيني أجرة تكسي
ويقول أبو زيد صاحب احد محلات الألبسة في شارع لوبيا أن حركة البيع ضعيفة جدا و ربما تزداد يوما بعد يوم مع اقتراب عيد الأضحى وهذه الحركة الضعيفة لم تكن متوقعة خصوصا مع أن الجو ما يزال صيفيا وهذا الازدحام لا يدل على أن هناك بيع ففي مثل هذه الأيام من كل عام تكون حركة البيع أفضل بكثير ربما يعود ذلك إلى تزامن افتتاح المدارس و مواسم "المونة " والناس "مفلسة " لعلها تنتظر الفرج كي تشتري حاجيات العيد .
ويضيف أبو زيد لقد أصبحت هذه المهنة شاقة لما نلاقيه من متاعب مع الزبائن فعلى سبيل المثال وللخروج من هذا الكساد نحاول أن نربح اليسير فننزل الأسعار حتى يقبل الناس على الشراء ولكن إذا قلت للزبون" ببلاش" يقول لك أعطيني أجرة تكسي
فمهما فعلت " لا تخلص من نق الزبائن " لذلك تجد بعض الباعة يرفعون بالأسعار ثم ينخفضون بها إلى الحد الممكن وهنا يطمئن الشاري بأنك كارمته وخفضت السعر له ولكن بعد أن يكون "قد نشف ريقك ".
ويتدخل أحد الزبائن قائلا كيف لي أن أثق بالبائع إذا كانت هذه الكنزة مسعرة بـ/1400 / ل.س وتطلب ثمنها /800/ فأنتم من "عود" الناس على "المفاصلة والمجادلة " فلو اقتنع البائع بالربح المعقول لأراح واستراح.
ويرد أبو زيد صاحب المحل لو قلت لك سعرها منذ البداية /800/ ل س هل كنت ستدفع دون أن تفاصل فابتسم الزبون وخرج.
عروض شركات السيارات وارتفاع أسعار المواد الغذائية سبب المشكلة!!
ويقول السيد خالد ويعمل موزع جملة إن حركة السوق هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة ضعيفة جدا تكاد لاتصل إلى ربع المعتاد عليه في السنوات السابقة ويرجع السبب في ذالك لعروض شركات بيع السيارات المغرية فالناس تفضل أن تركب سيارة وتدفع أقساطها وتبقى على لباس العام الماضي.
ويقول أحمد الأحمد صاحب محل لبيع الأحذية على كل حال الحمد لله لكن الحالة لا ترضي رغم هذا الازدحام الشديد الذي تراه لكنه لا يتناسب مع ما يباع فهذا العام مقارنة بالعام الفائت والذي سبقه البيع فيه أقل بكثير.
ويضيف أحمد أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أثر كثيرا على حركة بيع الأحذية والملابس فالناس لا يمكن أن تلبس ولا تأكل وبما أن الدخل محدود يذهب كل الراتب على المواد الغذائية ولا يبقى شيء لغيره.
متعة وفرحة كبيرة في شراء ملابس العيد
من جانبها تقول مرام ربة منزل إنها تجد متعة وفرحة كبيرة في شراء ملابس العيد لها ولأطفالها وتعتبر شراء ملابس جديدة وارتداءها في العيد بمثابة تجديد للحياة للحصول على ارتياح نفسي داخلي لافتة إلى أنها تشتري الملابس من شارع صفد لأن البضاعة فيه تناسب ذوي الدخل المحدود.
شراء ملابس العيد تحول إلى تقليد
ويقول عدنان وهو موظف إلى أنه لا يذهب إلى أسواق الشعلان والصالحية وأبو رمانة وسواها لأن الأسعار فيها كاوية على حد تعبيره وإنما يأتي إلى هنا لأن الأسعار فيها تناسب دخله وأنه يجد في هذه الأسواق تشكيلة واسعة ومميزة له ولأسرته مبينا أن عادة شراء الملابس الجديدة قبل العيد لا يمكن الاستغناء عنها أبدا فقد تحولت إلى تقليد موروث بات متأصلا لدى الجميع.
المعادلة غير متكافئة
يقول نزيه أن ارتفاع الأسعار بشكلها غير المعقول، مقارنة مع دخل المواطن الثابت والمحدود، لا يخضع للمنطق، حتى لو انخفضت بنسبة 50 %، فالمعادلة غير متكافئة، في حين يبقى دخل المواطن ثابتاً لا يتغيّر، فيما الأسعار ترتفع بشكل يفوق قدرة المواطن الشرائية.
في ظل ارتفاع الأسعار الجنوني تجد المستهلك يقف حائراً، ولا يعرف لمن يشتكي.. وتجد البائع متذمرا لقلة البيع والجميع ينتظر حدوث معجزة تنقذنا من هذا الوضع المبكي المضحك؟