الفيتو الـ 51 والاخير

في احصاءات مجلس الامن وفي توثيق العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل سجل مؤخرا الفيتو الـ 51 الذي استخدمته الولايات المتحدة ضد مشروع قرار مناهض لاسرائيل، منها 45 في مواضيع تتعلق بالنزاع الاسرائيلي – الفلسطيني.
عمليا كان هذا أحد قرارات استخدام الفيتو الاميركية الاشد، الاكثر مرارة التي يزعم ان اسرائيل حظيت بها. صيغة بيان الشروحات والايضاحات لسوزان رايس السفيرة الاميركية كانت على نحو يجمل فيه باسرائيل ان تفترض بان الفيتو في هذا الموضوع لن يستخدم بعد الان – مع كل ما ينطوي عليه ذلك من معنى.
الفلسطينيون، فرضوا على الولايات المتحدة استخدام الفيتو على النشاط الاستيطاني لاسرائيل، ولكن الخسارة كلها لاسرائيل. صحيح أن الفلسطينيين فشلوا في الخطوة السياسية التي اصروا على تحريكها في سياق ومناخ سائل في الشرق الاوسط، الا ان الولايات المتحدة وقفت وحيدة امام 14 عضوا في المجلس، وهو الوضع الذي في عالم مفاهيم باراك اوباما لا يستوي مع مبادئ السياسة الخارجية التي وضعها. اسرائيل تلقت مرة اخرى تذكيرا بعزلتها الدولية وبتعلقها السياسي والهش في مثل هذه المواضيع بالولايات المتحدة.
ظاهرا، عالم مجلس الامن في الامم المتحدة ورد فعل الولايات المتحدة يسير كالمعتاد. الفلسطينيون، بدعم من الدول العربية الاعضاء في المجلس ومعظم اعضاء المجلس الدائمين وغير الدائمين، يبلورون قرار شجب ضد اسرائيل في موضوع اجمالي كالاستيطان. الولايات المتحدة تحاول الغاءه، تأجيله، تلطيفه وتغيير صيغته. عندما لا تفلح في ذلك، بسبب هيكلية مجلس الامن، فإن الالية السياسية في المجلس وفكر باقي الدول، لا يعود امامها مفر فتهدد بالفيتو.
ولما كان الحال هنا لعبة غايتها تكثيف وتشديد الشرعية الدولية للموقف الفلسطيني، فان الولايات المتحدة توضح بانها ستستخدم الفيتو وهذا ما يكون. لاعتبارات الحلف مع اسرائيل، السياسة الاميركية الداخلية والاصرار غير المفهوم من دول أعضاء حول الصيغة، التوقيت ومجرد المنفعة السياسية التي في الخطوة، تستخدم الولايات المتحدة في نهاية المطاف الفيتو، ليس قبل أن يطرح موظفون في الادارة ودبلوماسيون اميركيون بصوت عال عجبهم – متسائلين لماذا يوجه الرئيس تعليماته لاستخدام الفيتو على قرار يكاد يكون كلمة بكلمة تعبيرا عن سياسته.
غير أن هذه المرة يخيل أن هذا هو الفيتو الاخير – وبالتأكيد أحد الاخيرين – بهذا الاسلوب. فقد ملت الولايات المتحدة الدفاع عما تعتبره في نظرها غير قابل وغير جدير بحمايتها ورعايتها – المستوطنات. تصريح أميركي ضد المستوطنات في مجلس الامن ليس موضوعا جديدا. في عهد ولاية جورج بوش، في 2006، عندما كانت الرئيس الدوري لمجلس الامن شجبت الولايات المتحدة بشدة وبشكل لا لبس فيه «استمرار النشاط الاستيطاني لاسرائيل».
ولكن مؤخرا، بشكل لا سابقة له، نشرت الولايات المتحدة، من خلال بيان مكتوب بوسائل الاعلام من السفيرة سوزان رايس: «شروحات».
في الشروحات للتصويت تشرح الولايات المتحدة بان عمليا وجوهريا تتفق هي مع القرار. سياسة الاستيطان الاسرائيلية هي: «... سخيفة، غير شرعية، عائق في وجه السلام وتقوض أمن اسرائيل منذ أربعة عقود». هذا ما قالته الولايات المتحدة الاميركية، وليس جدعون ليفي.
من يشكك صبح مساء بالرئيس الاميركي، من أوهم نفسه باحتفالية بانه خدع الولايات المتحدة في موضوع التجميد، من يعتقد بان عدم التنسيق مع الولايات المتحدة هو أمر مقبول، من لم يتحدث مع الرئيس الاميركي ولو مرة واحدة في الاسبوع السابق وفي الاسبوع اللاحق لسقوط حسني مبارك، لا ينبغي له أن يعجب اذا لم يستخدم الفيتو في المرة التالية.
ألون بنكاس - معاريف