القبس "الكويتية"- عالجوا التدين

يبدو بوضوح اننا نتجه تدريجيا إلى التحول إلى دولة تعسفية وربما بوليسية، بغض النظر عن المزاعم والتعهدات الحكومية والنيابية باحترام الدستور والنظام الديموقراطي العام. هذا الاتجاه أو التحول يتم بكل اسف عبر مشاركة واحيانا قيادة مجلس الامة وتعاون أو تهاون القوى الوطنية الديموقراطية، التي انضمت بلا وعي إلى مجاميع التخلف تردح معهم في الساحات وعلى سطور البيانات وصفحات الجرائد مطالبة بالقمع والتشدد حيال الحريات العامة.
هذا التحول يتم بصمت وفي الواقع برضا الكثيرين بعد ان تم تدجين الاغلبية وتطويعها أو احيانا تخريعها من مغبات تأمين حرية الرأي واطلاق حقوق التعبير.
ويأتي معرض الكتاب لتؤكد الحكومة من خلاله سياسة القمع والمنع التي لم تكن غريبة في استفحالها هذه الايام، التي رخصت فيها الحريات وسطت فيها الموبقات وتحكم فيها المتخلفون مستغلين التهاون الحكومي والغفلة الوطنية.
ولم يكن غريبين هذان التعسف والتشدد اللذان ضربا عرض الحائط بالقوانين والمواد الدستورية والمقومات الديموقراطية بعد ان تبنى الكثيرون ممن كانوا يحسبون من المدافعين عن الحريات والحقوق الدستورية سياسات القمع والتشدد وتحولوا إلى معاول هدم بيد المجاميع الرجعية تهدم بها اسس المبادئ العامة الكافلة والضامنة للحريات السياسية وصروحها.
ان ما يحدث حاليا وما سيتكرر بكل تأكيد مستقبلا سببه الاساسي زيادة الجرعات الدينية وليس اطلاق حريات الرأي والتعبير كما يلمح أو يزعم المناوئون لهذه الحريات. ان هوس التدين هو المسيطر، بينما الدين نفسه مغيب أو مغتصب من قبل المتطرفين والمتشددين الذين يتعيشون على التدين وعلى المجاهرة والمفاخرة به.
ان الشحن الطائفي ليس سببه الانقسام كما يحاول ان يصور البعض، فالانقسام وجد وسيبقى والناس يتعايشون، سنة وشيعة، متشددين ومتسامحين، ولكن سببه الاساسي والطارئ هو زيادة الجرعة الدينية وادخال الدين عنوة في كل مناحي الحياة، بحيث ان «الفروق» بين الناس تبقى حاضرة اكثر من التآلف أو التواؤم الاجتماعي والوطني الذي يجمع بينهم.
في السابق كان الدين حاضرا، والتدين نادرا، اليوم في كل مناسبة وكل حدث يحضر التدين ويتم فرضه على الناس، مدعوما حقوق الآخرين وحقهم في التواجد والتعايش الانساني.
القبس - عبداللطيف الدعيج