القدس "الفلسطينية- الابن العاق والمدلل

 

حين توقفت المفاوضات توقف الاستيطان رسمياً، كما يقولون، ولدى استئناف المفاوضات استؤنف الاستيطان. منطق غريب عجيب لايدل على اي اهتمام حقيقي بالسلام. اليوم يحاول العالم كله اقناع اسرائيل بتجميد الاستيطان وتقدم الدول الاغراءات العسكرية والامنية والاقتصادية والسياسية لعلها «تتنازل» وتوافق على تجميد الاستيطان ولو لمدة قصيرة لا تتجاوز ٦٠ يوماً، ولائحة الضمانات الاميركية تبدو بغير حدود رغم النفي الرسمي لها.

الوفود لا تتوقف من اميركية واوروبية وغيرها والرسائل والاتصالات مستمرة، وتنهال علينا في المقابل الضغوط والتفسيرات والتبريرات للقبول بما تقبل به او تريده اسرائيل. ويجيء الجواب الصريح والواضح على لسان ليبرمان ومن قلب الامم المتحدة نفسها بأن السلام ليس قريباً ويحتاج عشرات السنين، وان الاستيطان مستمر وان لا مكان للفلسطينيين داخل حدود ١٩٦٧، ولا مجال للتفكير بحق اللاجئين في العودة، لان اسرائيل دولة يهودية ولليهود والمستوطنين فقط. وميدانياً تزداد غطرسة المستوطنين وممارساتهم سواء داخل القدس والحرم القدسي بصورة خاصة او في معظم مناطق الضفة من الخليل جنوباً حتى نابلس وجنين شمالاً.

واذا كانت واشنطن والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا لا تستطيع اجبار اسرائيل على التجميد الجزئي والمؤقت للاستيطان، فكيف نتوقع التوصل الى حل دائم يعيد القدس الشرقية ويفكك المستوطنات في الضفة وغير ذلك، ما دامت اسرائيل تتصرف كالابن المدلل والعاق في تعاملها مع المجتمع الدولي الذي يحاول اقناعها وليس إلزامها بالمطالب الدولية.

وهل اسرائيل دولة فوق القانون يحق لها ما لا يحق غيرها، كما حدث في الوكالة الدولية للطاقة حين عارضت الاغلبية مشروع قرار عربي يلزم اسرائيل بحظر انتشار الاسلحة النووية في الوقت الذي تمارس فيه كل انواع الضغوط على ايران مثلاً، بسبب برنامجها النووي والمخاوف من امتلاكها سلاحاً ذرياً.

وامام هذا الواقع يتساءل الجميع ما الذي يمكن للسلطة الوطنية ولجنة مبادرة السلام العربية فعله في اجتماعها العام يوم ٦ الجاري؟ وهل يتم تأجيل اتخاذ قرار الى مؤتمر القمة العربي الاستثنائي في سرت الليبية؟

وهل تستطيع واشنطن ومن معها او وراءها، ايجاد حل وسط في هذه الفترة يكون مقبولاً عربياً واسرائيلياً ليتم استمرار مساعي السلام والمفاوضات وانقاذها من الانهيار؟

أسئلة كثيرة وأجوبة قليلة وخيارات صعبة وأصعب وأحلاها مر، ولكن لابد من اتخاذ موقف واعلانه والالتزام به، لعل هذا الرأي العام العالمي المتراكم والمتزايد تفهماً للمواقف الفلسطينية يؤثر في النهاية على صانعي القرار في اسرائيل.

 

القدس