القدس "الفلسطينية"- القمة .. والخيارات الصعبة !

اجتماع القمة العربية - الافريقية في سرت الليبية اليوم يأتي غداة اجتماع وزراء الخارجية ولجنة المتابعة العربية لاعتماد اربع وثائق اساسية عكف وزراء الخارجية على مناقشتها الليلة الماضية بما في ذلك ما يتعلق بالمجال السياسي والبيان الختامي الذي سيطلق عليه "اعلان سرت"، الذي من المقرر ان يتضمن موقفا موحدا من تداعيات الرفض الاسرائيلي لوقف الاستيطان على مستقبل المفاوضات وعملية السلام على ضوء هذا الرفض وعلى ضوء الموقف الفلسطيني المبدئي برفض العودة للمفاوضات المباشرة مع اسرائيل دون تعهد اسرائيل في اعلان واضح بتجميد الاستيطان، وهو الموقف الذي ينسجم اساسا مع ما قررته لجنة مبادرة السلام العربية والقمة العربية السابقة.
ومن الواضح ان الموقف العربي والقرار العربي بهذا الشأن سيكون مصيريا، خاصة وان الجانب الفلسطيني الذي دخل المفاوضات غير المباشرة ثم المفاوضات المباشرة قد فعل ذلك بقرار عربي، ونظرا للأزمة التي خلقتها اسرائيل باصرارها على استمرار الاستيطان غير الشرعي الذي يسد الطريق امام جهود السلام وامام رؤية المجتمع الدولي لحل القضية الفلسطينية فقد ارتأت القيادة الفلسطينية ان استمرار المفاوضات في ظل هذا الموقف الاسرائيلي المتشدد انما يعني تحويلها الى مفاوضات عبثية وافراغ جهود السلام من أي مضمون حقيقي ولذلك قررت وقفها مستندة الى الموقف العربي ومنتظرة ان يحدد القادة العرب موقفا داعما لانقاذ عملية السلام ولضمان الحقوق والمصالح الفلسطينية.
هذا يعني ان القادة العرب اليوم امام احد خيارين اما تبني الموقف الفلسطيني والبدء بتحرك جاد وفاعل على الساحة الدولية لالزام اسرائيل بوقف استيطانها واعادة عملية السلام الى الطريق الذي يمكن ان يؤدي الى ايجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية واما الانكفاء امام الضغوط الغربية والاسرائيلية لمطالبة الجانب الفلسطيني بالعودة للمفاوضات دون اي تعهد اسرائيلي جاد بتجميد الاستيطان.
والحقيقة ان كافة الخيارات المطروحة صعبة، فقرار وقف المفاوضات يعني وجوب توفر بديل واضح من التحرك الفلسطيني - العربي لتحقيق الاهداف الفلسطينية من التحرر من الاحتلال واقامة الدولة المستقلة، كما ان قرار العودة للمفاوضات في الظروف المعطاة امامنا يعني التسليم بعجز النظام الرسمي العربي امام التشدد الاسرائيلي، كما يعني ان هذه المفاوضات لن تعود الى تحقيق النتائج المنشودة.
واذا كانت القمة العربية - الافريقية اليوم تهدف الى التوصل الى استراتجية للتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ..الخ، فمن الواضح انها تشكل مناسبة لموقف عربي - افريقي موحد ازاء الصراع في الشرق الاوسط وهو ما يمكن ان يشكل اداة فاعلة للتحرك العربي على المستوى الدولي لدعم القضية الفلسطينية.
ولذلك نقول اننا ننتظر اليوم من هذه القمة دعما واضحا للموقف الفلسطيني وللمطلب الفلسطيني العادل بعد ان اثبتت التجربة للقادة العرب وللعالم أجمع ان اسرائيل ضربت عرض الحائط فرصة المحادثات غير المباشرة ومن ثم المباشرة التي وفرت القمة العربية فرصة فريدة لها وأصرت على المضي قدما في خطوات الاستيطان ونسف جهود السلام.
ولهذا تتحمل اسرائيل وحدها المسؤولية عن الطريق المسدود الذي آلت اليه جهود السلام، وعلى العالم اجمع ان يتحرك لازالة العقبات الاسرائيلية، هذا هو الموقف الذي ننتظر سماعه من البيان الختامي لقمة سرت حتى يمكن انقاذ عملية السلام وحتى لا تجرنا اسرائيل مجددا الى دوامة مفاوضات عقيمة لا تقود إلى شيء.
القدس