القذافي يدين مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات عليه

أدان القذافي مجلس الأمن الدولي لفرضه عقوبات عليه ولبدء تحقيقات في جرائم حرب، مردفاً أن «المجلس لا يمكنه أن يرى كيف أن طرابلس آمنة»، محملاً «أجانب وتنظيم القاعدة» المسؤولية عن الاضطرابات التي تهدد حكمه المستمر منذ 41 عاماً. تصريحات العقيد جاءت بعد يوم واحد من حزمة عقوبات أقرها مجلس الأمن الدولي بحق مسؤولين في النظام الليبي على رأسهم القذافي نفسه تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة دون التهديد باستخدام القوة العسكرية، مع إحالة ممارسات النظام بحق المتظاهرين إلى المحكمة الجنائية الدولية.

وصوت مجلس الأمن بالإجماع ليل أول من أمس لفرض عقوبات على ليبيا تشمل حظرا على صادرات الأسلحة وعلى السفر وتجميد أرصدة لأفراد من نظام القذافي وعدد من أفراد أسرته وأعوانه المقربين. ومن بين الشخصيات التي وردت أسماؤها على القائمة معمر القذافي وأبناؤه عائشة وهنيبعل، وخميس، ومحمد، وسيف العرب، وسيف الإسلام إضافة إلى رئيس مكتب الاتصال باللجان الثورية عبد القادر محمد البغدادي، ووزير الدفاع اللواء جابر أبو بكر يونس، وعدد آخر من القيادات الأمنية.

إصرار القذافي على التقليل من حجم الأحداث التي تشهدها البلاد، وكذلك نجله سيف الإسلام الذي أجرى مقابلة مع محطة «ايه.بي.سي نيوز» الأميركية، جاء متناقضا مع ما تقوله مصادر مطلعة من أن العقيد لم يعد يسيطر سوى على أحياء محددة من العاصمة طرابلس خاصة مع خسارات أكبر منيت بها قواته في مدينة الزاوية التي تبعد 50 كلم فقط علن العاصمة بعد أن أحكم الثوار سيطرتهم عليها، وكذلك على منطقة الشاطئ جنوبي مدينة سبها.

وكان ثوار ليبيا قد حققوا أمس  اختراقاً ميدانياً مهماً، كسر الجمود الذي شهده مسار ثورتهم خلال اليومين الماضيين، حيث تمكنوا من إحكام سيطرتهم على مدينة الزاوية، المدخل الغربي لطرابلس، ومدينة مصراتة، مدخلها الشرقي، مشددين بذلك الخناق على الرئيس معمر القذافي، الذي يعاند رياح التغيير من حصنه في باب العزيزية، ما يزيد من عزلته الداخلية المتمثلة بخروج المناطق الشرقية في ليبيا عن سيطرته العسكرية والسياسية، وعزلته الدولية، المتمثلة بالعقوبات القاسية التي فرضها مجلس الأمن على اركان نظامه وافراد اسرته، وإقرار إيطاليا، أقرب حلفائه، بأن أيامه في الحكم قد أصبحت معدودة.

وأحكم الثوار الليبيون سيطرتهم على مدينة الزاوية، الواقعة على بعد 50 كيلومتراً إلى الشرق من طرابلس. ورفرف العلم الليبي لفترة ما قبل القذافي بألوانه الأحمر والأخضر والأسود والأبيض فوق مبنى في وسط المدينة، فيما هتف المئات «الشعب يريد إسقاط النظام»، و«هذه ثورتنا»، مطلقين النار في الهواء من مدفع مضاد للطائرات منصوب على شاحنة، فيما لوحوا بأعلام الثورة على ظهر دبابة استولوا عليها.

وظهرت على البلدة الاستراتيجية، التي تقع على الطريق السريع المؤدي إلى الحدود مع تونس آثار القتال العنيف، وقد بدت آثار الحرائق على الجدران التي غطتها الثقوب الناجمة عن الأعيرة النارية بعد أيام من القتال. وقال المحتجون إن نحو ألفي جندي من الموالين للقذافي يحيطون بالبلدة، وإنهم يستعدون للهجوم مجدداً. وقال رائد في الشرطة انشق على القذافي وانضم إلى معارضيه «سنفعل كل ما بوسعنا لصدهم. سيهاجمون قريبا»، لافتاً إلى أن 2500 من قوات الشرطة و400 ضابط قد انشقوا على نظام القذافي وأنهم مستعدون للدفاع عن الزاوية.

وفي هذا السياق قال خبراء عسكريون مطلعون على الشأن الليبي إن القذافي مع امتلاكه عدة آلاف من الجنود المدعومين بالمدرعات الثقيلة والمنتشرين حول العاصمة ومع القمع العنيف الذي يقوم به أنصاره المسلحون للمحتجين داخلها قد يساعده على تأجيل الحسم لفترة مؤقتة ولحين تمكن أنصار المعارضة من الحصول على تعزيزات إضافية.

إلى ذلك أعلن وزير العدل الليبي المستقيل مصطفى عبد الجليل عن مشاورات لتشكيل مجلس وطني مؤقت برئاسته يضم شخصيات مدنية وعسكرية «موثوقاً بها»، على أن تكون مدينة بنغازي مقرا مؤقتا للمجلس إلى حين تحرير طرابلس العاصمة، وفق قوله، رافضا أي شكل من أشكال التفاوض مع النظام.

وما إن تم الإعلان عن فكرة المجلس الوطني الانتقالي حتى نال تأييد نائب رئيس البعثة الليبية في الأمم المتحدة إبراهيم دباشي، في حين حثّ سفير ليبيا في الولايات المتحدة علي العجيلي المجموعة الدولية بما فيها الولايات المتحدة على دعم الحكومة البديلة، لأن ذلك «من شأنه تسريع رحيل القذافي».

وفي أعقاب ذلك سارعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون للإعلان أن واشنطن تتواصل مع جماعات المعارضة شرق ليبيا.

وفي آخر ردود الفعل الدولية، تخلت ايطاليا أخيراً عن حليفها القديم، واعتبرت أن نهاية حكم القذافي أمر محتوم على حين أعلنت بريطانيا أن القذافي يجب أن يرحل فوراً. كذلك أعلنت كل من استراليا والاتحاد الأوروبي عزمهما تطبيق عقوبات ضد النظام الليبي بعد خطوة مماثلة من قبل الولايات المتحدة.

ومع استمرار عمليات النزوح على خلفية الأزمة، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن نحو 100 ألف شخص فروا من العنف في ليبيا خلال الأسبوع الماضي، بحسب بيان للمفوضية بثته وكالة «رويترز»، على حين كشفت إحصائيات منظمة الصليب الأحمر الدولية عن سقوط 256 قتيلاً و2000 جريح في بنغازي.

 

 

 

 

 

شام نيوز- وكالات