القطاع المصرفي بحاجة إلى توسيع توظيفاته لامتصاص سيولته المتنامية بفعل التدفقات

ومعلوم أن نمو ودائع القطاع المصرفي على حساب التسليفات تنجم عنها مخاطر كثيرة تتمثل بانخفاض الفوائد بشكل منظم، كما تصبح أغلب الودائع قصيرة الأجل، وتجعل بالتالي مخاطرة القطاع أعلى بكثير، في حين تؤمن السيولة الكافية نمو الاستثمارات و استقرار القطاع. وبحسب مدير المصرف التجاري السوري د. دريد درغام أن استمرار نمو الودائع دون تسليف أو توظيف تمثل مشكلة كبيرة للمصارف وهي كالدهون الخطيرة المتراكمة عن حاجة الجسم، مشيراً إلى أن التجاري السوري يرفض منذ سنوات استقطاب ودائع كبيرة، قبل حصوله على موافقة نهائية من الجهات الوصائية على مشاريع القروض التي رفعها. وترتبط مشكلة السيولة الفائضة في المصارف الخاصة بتشدد الأخيرة وحرصها على آليات إعطاء القروض والتسهيلات والفتح الكامل للقطاع نتيجة تهرب الكثيرين من تقديم الضمانات والرهونات المطلوبة، فضلاً عن الأوراق اللازمة جراء ضعف الثقافة المصرفية وغياب المؤسسة الضمانية للقروض، ما يجعل الأخيرة غير قادرة على توظيف كامل ودائعها التي بحوزتها في السوق، ووفقاً لمدير بنك الشرق جمال منصور فإن ذلك غير وارد تقنياً ومهنياً، إذ يجب الاحتفاظ بسيولة حرة محددة إضافة إلى أن حجم التوظيف في السوق السورية يتنامى بينما أدوات العمل غير متوفرة بالكمية والنوعية التـــي تساعد على إطلاق التوظيفــات والاستثمارات بأقل المخاطر المقبولة مهنياً، إذ تحتاج هذه التوظيفـــات إلى عناية فائقة من الناحية المصرفية بغية الدخول في استثمارات كبيرة ومتوسطة. تتبع المصارف المركزية عادة نوعين من الإجراءات لجهة الاستفادة من سيولة المصارف، الأول له علاقة بالدعم المباشر كأن يقدم المشرع دعماً مقابل ودائع بالعملة الأجنبية من مستثمرين خارجيين فيما يعوض الأخير فرق سعر الفائدة، والنوع الآخر ذو صلة بتوسيع قدرة المصارف على التوظيف في الخارج، ولكن بحسب «المركزي السوري» ليس المطلوب أن يجري سيولة المصارف، إذ يجب تنويع محفظة تسليفاتها لتكون مفيدة اقتصادياً أيضاً. وما يحصل فعلياً أن القطاع السكني استحوذ على العدد الأكبر من القروض لأن لديه نوعاً من الجاذبية لدى المصارف،و لاسيما في ظل الطلب من الشرائح المختلفة على تملك المنازل . وكانت محاولات المركزي الأخيرة لمعالجة سيولة المصارف الفائضة تلخصت بتخفيض أسعار الفائدة ثلاث مرات على التوالي وإطلاق جملة من التحضيرات لدعم الاستثمار والتشغيل، فضلاً عن دراسة خيارات جديدة للتمويل مع الأخذ بالحسبان إيجاد سوق للسندات الحكومية، ودراسة النواحي الإيجابية والسلبية للمصارف العاملة بهدف تحليل وضعها وتقويمها . في كل الأحوال، فإن معالجة سيولة المصارف الفائضة تتم اليوم عبر تحفيز التسليفات .. وهناك طرح بتشجيع المصارف على توسيع أعمالها لكن هناك أيضاً حلولاً أخرى وهي أن يخلق المركزي أدوات مصرفية تخصص للتنمية بشراكته ، فالإشكال الرئيسي الذي يواجه القطاع هو مواءمة موارده المالية قصيرة الأجل مع طبيعة التوظيفات المطلوبة أي طويلة الأجل . الثورة