اللاذقية موطن الإنسان منذ مليون عام ومركز حضاري على مر العصور

تحتل اللاذقية مكانة فريدة على امتداد الخارطة السياحية السورية لكنها إضافة إلى هذه المكانة فانها تحتل مكانة اثرية وتاريخية فريدة حيث يشير الاثريون إلى انها كانت موطنا للانسان الاول منذ مليون عام واستمرت مركزاً حضارياً على مر الأزمنة والعصور.
وتبين المسوحات الآثرية التي قام بها مجموعة من العلماء السوريين والاجانب ان مدينة اللاذقية احتضنت بين ثراها مواقع آثرية تعود لعصور ما قبل التاريخ وتشير إلى ان الانسان الأول وصل إلى القارة الآسيوية قادما من افريقيا عن طريق الممرات الطبيعية سالكا الطرق الساحلية ووديان الانهار ليستقر في سورية على ضفاف النهر الكبير الشمالي في موقع ست مرخو الذي يقع شمال اللاذقية على بعد 13 كم وارتفاع 130 مترا عن سطح البحر على مصطبة نهرية طولها 200 متر ويعود لك إلى العصر الاشولي الأدنى اي حوالي مليون سنة خلت.
وأشار الباحث جمال حيدر مدير آثار اللاذقية إلى ان أهم المواقع الآثرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ في اللاذقية تقع على ضفاف النهر الكبير الشمالي وفي ست مرخو وبكسا والشير والهنادي والخلالة وغيرها وهي تؤكد بما لا يقبل الجدل بأن اللاذقية كانت موطنا للانسان الأول.
ولفت حيدر إلى ان الانسان سكن اللاذقية في العصر الحجري الوسيط الذي يبدأ من 12000 إلى 8000 قبل الميلاد و يعتبر عصرا انتقاليا من العصر الحجري القديم إلى الحديث الذي تبدأ خلاله مرحلة جديدة من حياة الانسان على الساحل السوري وتؤكد ذلك المكتشفات الآثرية في مواقع عديدة منها تل سوكاس ورأس ابن هاني وتل معيوي وتل الروس وغيرها من المواقع التي ما تزال اوابدها شاهدا على تلك الحقبة الزمنية.
وأشار حيدر إلى أن من مكتشفات تلك الحقبة فؤوسا حجرية مصنوعة من الصوان بحجم قبضة اليد لها قبضة مستديرة و حدان عاملان ورأس حاد صنعها انسان العصر الحجري القديم ليستفيد منها في الدفاع عن نفسه و تأمين عيشه و صنف العلماء هذه الأدوات ضمن مجموعتين الأولى فؤوس بدائية متآكلة تغطيها الكمخة بفعل الزمن الطويل والثانية تضم فؤوسا وقواطع وحيدة الوجه وفؤوسا بيضوية اقل ضخامة من الأولى وأفضل تحضيرا.
وأضاف حيدر ان أهم الآثار التي تدل على تلك المرحلة اكتشاف السوية الآثرية الخامسة في أوغاريت على عمق حوالي 15 متراً من التل الآثري وفق الاسبار الآثرية التي اكتشفها في موقع أوغاريت عالم الآثار الفرنسي هنري دوكنتسون وعثر فيها على آثار يعود تاريخها للالف الثامن والسابع قبل الميلاد وهي عبارة عن آثار من الصوان والعظم والحجر وتلك الآثار أكدت أن الانسان الأوغاريتي حقق ما يعرف بثورة العصر الحجري الحديث الثورة النيوليتية التي انتقلت بالانسان من حياة الصيد إلى حياة الاستقرار ومعرفة التدجين والزراعة وصناعة الفخار هذه الانجازات الحضارية التي تحققت في أوغاريت جعلت منها أقدم القرى الزراعية في العالم والتي كانت خطوة أساسية على طريق نشوء المدن.
من جهته أكد الباحث غسان القيم مدير موقع أوغاريت أن على أرض أوغاريت نشأت الحضارات الأولى في التاريخ و بدأت قصة الزراعة منذ أكثر من عشرة آلاف سنة حيث ابتكرها الانسان الأوغاريتي بعد ان عرف كيف يزاوج القمح والماء ويستنبت من السنبلة الواحدة الاف السنابل واكتشف النحاس وابتدع خليطة البرونز وقدم للعالم أول أبجدية عرفتها البشرية في منتصف الالف الثاني قبل الميلاد تلك الأبجدية التي لولاها لما كان للانسان ان يكتب او يحيا او يفكر كانسان حقيقي.
ولفت القيم إلى أن اوغاريت عاشت خلال القرنين الرابع عشر والثالث عشر قبل الميلاد في اوج عزها و ازدهارها حيث كانت محور وعاصمة التجارة العالمية انذاك البرية منها و البحرية ومركز الاشعاع الثقافي الذي جمع في طياته جميع الاتجاهات الثقافية المختلفة لمناطق شرق المتوسط وآسيا وصولا إلى مصر وفي مينائها مينة البيضا كانت ترسو سفن ثلاث قارات.
وأشار القيم إلى انه على الرغم من كثرة الوثائق وتنوع المصادر التاريخية ووفرة المكتشفات الآثرية فان كتابة تاريخ أوغاريت بالكامل شبيه بأحجار الفسيفساء التي تحتاج إلى الكثير من العمل والصبر للحصول على اللوحة النهائية مؤكداً ان ما كشفت عنه الحفريات الاثرية من كتابات منقوشة على الاف الالواح الفخارية كان تاريخا للانسانية كلها وليست لسورية فقط لا يماثلها في القدم والخصوصية اية بقعة في العالم.
سانا