اللبنانيون يستبشرون خيرا بشفاء الملك السعودي و إسـرائيل تهـدّدهم" نفطيا "

 

استبشر اللبنانيون خيرا، وهم يشاهدون الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز يخرج من المستشفى في نيويورك، بعدما أنهى العلاج من الانزلاق الغضروفي، آملين أن تسير المساعي السورية - السعودية لإنجاز التسوية إلى الأمام بالتوازي مع الخطوات الأولى للملك، بعد شفائه.

كان اللبنانيون يدققون في ملامح الملك عبد الله أثناء مغادرته المستشفى، مطمئنين إلى صحته التي أصبحت مقياسا لصحة التسوية المنشودة، فيما كان العديد من زعمائهم يواكبون في الرياض انتقال الأمير عبد العزيز بن فهد إلى «القفص الذهبي».

وأكد انه «لا يتلقى تعليمات من احد ولا يتأثر بالسياسة، وأنه يتخذ قراراته باستقلال تام ومن دون إملاءات من أحد».

في هذا الوقت، عكس السفير السوري في بيروت علي عبد الكريم علي خلال زيارته أمس إلى كل من الرئيسين سليم الحص وعمر كرامي، مناخات إيجابية تواكب المسعى السوري - السعودي، كما أكدت مصادر اطلعت على أجواء اللقاءين، مشيرة إلى ان السفير السوري أكد لهما ان هناك أملاً وتفاؤلاً بإيجاد حل للأزمة في لبنان، لكنه مشروط بأن يتحرك المسؤولون اللبنانيون نحو الاتفاق على ترتيبات تؤدي إلى تسهيل تنفيذ الحل، وهناك استعداد سوري وسعودي لدعم أي توافق لبناني.

وقال الرئيس الحص انه خرج من اللقاء مع السفير علي بانطباع ان ثمة أجواء ايجابية من الحركة السورية – السعودية، لكن لم تعلن تفاصيلها بعد، موضحا انه بدّل انطباعه التشاؤمي إلى ترقب ما يمكن ان ينقذ البلاد.

وإذ طمأن السفير علي إلى «ان الاتصالات بين سوريا ورئيس الحكومة سعد الحريري بخير»، قال ان الموقف الإيراني من المحكمة الدولية الذي عّبر عنه السيد علي الخامنئي يتناغم ويتكامل مع مواقف كثيرة تصدر في أكثر من مكان في لبنان وخارجه تشكك في صدقية المحكمة وصوابيتها وتسييسها، لافتا الانتباه إلى ان التسريبات التي نقلتها الصحافة هزت صورة هذه المحكمة.

إسرائيل تهدد «نفطياً»

في هذه الأثناء، دخلت إسرائيل بقوة على خط ملف الحقوق النفطية، موجهة رسائل تهديد إلى لبنان من خلال الإعلان عن تصميمها على العمل بكل ما يلزم من قوة سواء في مواجهة لبنان أو أي بلد آخر، للدفاع عن حقول الغاز في البحر المتوسط ، كما جاء على لسان وزير البنى التحتية الإسرائيلية عوزي لانداو، في وقت يستمر التجاذب اللبناني حول هذا الملف الاستراتيجي الذي لا يحتمل لعبة النكايات الداخلية ولا هواية هدر الوقت التي يجيدها البعض.

الجدير ذكره، ان إسرائيل التي وقعت اتفاقية ترسيم حدود بحرية اقتصادية مع قبرص استبقت ذلك بمنح امتيازات لشركات تنقيب عن النفط والغاز في مناطق بحرية واسعة، وهي تجاوزت في هذه الامتيازات الكثير من قواعد القانون الدولي، مع احتمال كبير بحدوث تعديات على مناطق يمكن أن تكون حقا لبنانيا، أو على الأقل ذات امتداد في مناطق بحرية من حق لبنان.

ولذلك، فإن الخلاف اللبناني حول ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية مع قبرص لا ينبغي أن يكون حائلا دون مطالبة الأسرة الدولية بالتحقيق في التجاوزات المحتملة وتحديد النتائج. ومن المنطقي الافتراض، أقله استنادا الى خرائط امتيازات التنقيب التي عرضتها وزارة البنى التحتية الإسرائيلية وتلك المعروضة على موقع شركة نوبل أنرجي، أن من واجب لبنان المطالبة ليس فقط بمعرفة ما إذا كانت هناك تعديات حدودية أم لا، بل أيضا المطالبة بما يمنحه القانون البحري الدولي للبنان من حقوق في المنطقة الاقتصادية المشتركة.

وفي كل الأحوال ثمة بين الخبراء من يرى أن إسرائيل تسلك في البحر السلوك الاستيطاني ذاته الذي تسلكه في البر والقائم على فرض وقائع على البحر هذه المرة وليس على الأرض.

واعتبر وزير البنى الاسرائيلية عوزي لانداو، في حديث لوكالة «فرانس برس»، أن «كل مطالب لبنان لا أساس لها من النواحي القانونية والاقتصادية، ولجهة رسم الخرائط، وستعرف اسرائيل كيف تدافع عن مصالحها بكل ما يلزم من قوة إزاء هذه التهديدات»، مشددا على ان الاتفاق مع قبرص يرسم الحدود البحرية الشمالية لإسرائيل ويرسم بحكم الامر الواقع الحدود مع لبنان.

وأشار إلى أن احتياطي حقل «تامار» قبالة مرفأ حيفا يقدر بثمانية مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي في حين ان احتياطي حقل «لفياتان» يمكن ان يبلغ الضعف ويضمن توفير استهلاك إسرائيل لمدة 25 عاما، معلنا عن ان نتائج التجارب التي جرت في حقل»لفياتان» ستظهر خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

واعتبر ان إسرائيل «يمكن ان تصبح مصدّرا للغاز إلى أوروبا، ونحن على استعداد للتعاون في مثل هذا المشروع مع مستثمرين أجانب، وأيضا مع اليونان وقبرص».

أما في شأن تركيا، فقد اكتفى الوزير الإسرائيلي بالقول ان «الاتفاق مع قبرص يحدد بوضوح حقوقنا في المتوسط».

وتجدر الإشارة إلى ان تركيا كانت قد احتجت على اتفاقية ترسيم حدود المناطق التجارية الموقعة في 17 كانون الأول الجاري بين إسرائيل وقبرص.

الرد اللبناني

وقال وزير الطاقة جبران باسيل تعليقا على الموقف الإسرائيلي ان «منطق القوة الذي تستخدمه إسرائيل لا ينفع معنا، ولم يعد يخيفنا، وبالتالي فإنه من الأفضل لها ان تتوقف عن استعماله، خصوصا أن لبنان وجد الدواء المناسب للتعامل مع هذا النمط العدائي».

وردا على قول وزير البنى التحتية الإسرائيلية ان مطالب لبنان لا أساس لها من النواحي القانونية والاقتصادية، أكد باسيل ان لبنان يحتكم في مسألة ترسيم الحدود البحرية مع الكيان الإسرائيلي إلى قانون البحار الذي يحدد كيفية إجراء هذا الترسيم «وقد وقّعنا عليه كدولة لبنانية، في حين ان إسرائيل لم تنضم إليه، والمطلوب منها ان تتقيد، ولو لمرة واحدة، بالقانون الدولي، وعندها لن تكون هناك مشكلة، أما إذا حاولت ان تعتدي على حدودنا البحرية وثروتنا النفطية، فإن مصالحها كما الشركات الأجنبية العاملة في مجال التنقيب قد تصبح مهددة، ما يعني ان المناخ الاستثماري في إسرائيل قد يصبح معرضا للخطر، ولذلك فإنه من الأفضل لها ان تهدأ وتدعنا نعمل بسلام».

ولفت باسيل الانتباه إلى ان المشكلة الحقيقية والمستعصية على مستوى الملف النفطي «تكمن في سلوك بعض المسؤولين اللبنانيين المقصرين إلى درجة الخيانة العظمى»، متهما هؤلاء بالتقاعس عن القيام بأبسط واجباتهم، «علما أنني وجهت إلى الحكومة ثلاث مراسلات، بعدما يئست من جدوى الكلام، أطالب فيها بالانتهاء من موضوع ترسيم الحدود وإرساله إلى مجلس النواب والأمم المتحدة، ولكنني لم ألق أي تجاوب».

وانتقد «العراقيل التي تضعها وزارة المال في وجهنا»، كما استغرب «اعتقال اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص لدى رئاسة الحكومة، في حين ان أضعف الإيمان يقتضي إحالتها إلى مجلس النواب لإقرارها»، معتبرا ان تبرير عدم إحالتها حتى الآن بالرغبة في عدم إغضاب تركيا هو عذر أقبح من ذنب، ومشيرا إلى ان هذا الموقف يشكل إدانة لأصحابه لانه يعبر عن إخضاع القرار الوطني للإرادة الخارجية، «تارة حتى لا تزعل تركيا وطورا حتى لا تزعل السعودية أو أميركا أو فرنسا، وكل ذلك على حساب الحقوق الوطنية اللبنانية».

ورأى ان لا مبرر كي ترفض تركيا هذه الاتفاقية، لأن هناك علاقات دبلوماسية واتفاقيات موقعة بين لبنان وقبرص ولا توجد قطيعة بينهما، عدا عن ان قبرص التركية ليست معنية من الناحية الجغرافية بترسيم حدود لبنان البحرية مع قبرص اليونانية، لافتا الانتباه إلى ان «القبارصة اليونانيين وعندما يئسوا منا ولمسوا خضوع دولتنا لإرادة خارجية توجهوا نحو اسرائيل ليبحثوا معها في كيفية حماية مصالحهم».

 

شام نيوز- السفير