اللجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة.. لمزيد من التكامل والتنسيق

بحث المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء في طهران اليوم مع الدكتور علي أكبر صالحي وزير الخارجية الايراني علاقات التعاون بين سورية وإيران وسبل تطويرها والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستوى العلاقة الاستراتيجية القائمة بينهما بما يحقق مصالحهما وتكامل امكاناتهما ومواردهما.

واستعرض الجانبان الأوضاع على الساحة الإقليمية مؤكدين أهمية التشاور والتنسيق بين دول المنطقة لحماية أمنها واستقرارها. حضر اللقاء سفيرا البلدين في طهران ودمشق ومدير مكتب رئيس مجلس الوزراء.

وقد بدأت أمس أعمال الدورة الثالثة عشرة للجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة برئاسة المهندس عطري ومحمد رضا رحيمي النائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية وذلك في مبنى وزارة الخارجية الإيرانية.

وأكد المهندس عطري في كلمته خلال افتتاح أعمال اللجنة أهمية هذه الاجتماعات والمباحثات التي تشكل ركيزة قوية ودعامة متينة تنهض عليها العلاقات الأخوية بين سورية وإيران والتي تخدم مصالح الشعبين والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم مشيرا إلى ما شهدته هذه العلاقات من تطور متنام في المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية.

ولفت عطري إلى أهمية الخطوات والإجراءات التي عززت عملية التواصل وتمتين العلاقات وتوسيع شبكة المصالح بين البلدين وشعبيهما التي تبرز في مقدمتها اتفاقية إلغاء تأشيرات الدخول بين مواطني البلدين ودخول اتفاق التجارة التفضيلية حيز التطبيق والتنفيذ وقال: إننا وبتوجيهات قيادتي البلدين عازمون على المضي بتطوير هذه العلاقات وتوسيعها إلى أقصى حد ممكن وعلى كل المستويات وفي كافة القطاعات دون استثناء.

وأضاف إننا نتطلع برغبة مشتركة وإرادة صادقة إلى تحقيق المزيد من التعاون والتكامل والتنسيق بين الفعاليات الاقتصادية والتجارية والصناعية العامة والخاصة بعد أن وقع بلدانا اتفاقية التجارة الحرة للثقة بأنها ستفتح أبواباً واسعة لزيادة حجم التعاون الاقتصادي وزيادة حجم التبادل التجاري وتؤدي إلى تشابك المصالح وتكامل الطاقات والموارد والإمكانات المادية والبشرية.

وأكد رئيس مجلس الوزراء أن فرص التعاون المتاحة والممكنة بين البلدين غنية ومتنوعة وقد حققت نتائج إيجابية خلال السنوات الماضية في مجالات الاقتصاد والتجارة والنفط والغاز والطاقة والنقل والزراعة والسياحة والصحة وتوطين التقانة وإقامة المشاريع التنموية والإستراتيجية. ودعا عطري إلى اتخاذ آليات متطورة وإجراءات عملية لتعميق ما هو قائم منها واستكشاف آفاق جديدة لها ولاسيما على صعيد مشاريع الربط الطرقي والسككي ومد أنابيب نقل النفط والغاز في إطار منظومة تعاون إقليمي أوسع تنطلق من فكرة ربط البحار الخمسة التي دعا إليها السيد الرئيس بشار الأسد لافتا إلى أن ذلك يتطلب تفعيل الاتفاقيات الموقعة وتذليل العقبات التي تعترض تنفيذ بعضها والعمل على إغنائها وتوسيع إطارها ورفدها باتفاقيات جديدة من خلال أعمال الدورة الثالثة عشرة من دورات اللجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة.

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى ما تمر به الأمتان العربية والإسلامية من تغيرات عميقة وتحديات على الصعد السياسية منها والثقافية والاقتصادية مؤكدا رفض سورية لأي تدخل أجنبي في الشؤون الداخلية للدول العربية والإسلامية أو استغلال الأحداث التي تشهدها بعض هذه الدول ذريعة لتنفيذ أي مخططات تتناقض مع أهداف جماهير تلك الدول وتطلعاتها. وقال إن سورية تشدد على سيادة الدول واستقلالها التي نصت عليها القوانين والمواثيق الدولية وتدعو إلى الحوار والتفاهم على قاعدة المساواة والاحترام المتبادل لحل القضايا الخلافية والمسائل الإقليمية مضيفا أن سورية ترى في أساليب التهديد واستعراض مظاهر القوة العسكرية تعبيراً عن الخلل الذي يعتري العلاقات الدولية لخدمة مصالح إسرائيل ومصالح وأجندات القوى الكبرى والدول الغربية وتناقضاً صارخاً مع القانون الدولي ومصالح شعوب الدول النامية. وجدد رئيس مجلس الوزراء التأكيد على العلاقات الإستراتيجية بين البلدين وثبات سورية في وقوفها إلى جانب إيران ودعم حق الشعب الإيراني الشقيق في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية وتحقيق التنمية الشاملة التي يتطلع إلى إنجازها بما في ذلك التقدم العلمي الذي تنشده في جميع المجالات مبينا رفض سورية للضغوط والحملات السياسية والإعلامية التي تتعرض لها إيران جراء ذلك وسياسة ازدواجية المعايير التي يتم التعامل بها مع ملفها النووي السلمي في الوقت الذي يتغاضى فيه المجتمع الدولي عن ترسانة إسرائيل النووية التي تشكل خطراً قائماً يهدد أمن دول المنطقة واستقرارها كما يهدد الأمن والسلم الدوليين وقال عطري إن ما تتعرض له المنطقة من تحديات ورهانات إقليمية ودولية يؤكد استحالة تحقيق الأمن والاستقرار فيها دون تحقيق السلام الذي التزمت به سورية وأكدت عليه من حيث كونه سلاماً عادلاً وشاملاً يقوم على قرارات الشرعية الدولية ويضمن عودة الجولان السوري المحتل والأراضي العربية المحتلة حتى خط الرابع من حزيران عام 1967 ويضمن حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

ونوه رئيس مجلس الوزراء في ختام كلمته بالجهود المشتركة لدفع مسيرة التعاون والارتقاء بها إلى مستوى إرادة وتوجيهات الرئيسين الأسد ومحمود أحمدي نجاد وتحقيق مصالح البلدين وتطلعات وآمال شعبيهما.

من جهته أكد رحيمي أهمية الارتقاء بالعلاقات الثنائية وأهمية الزيارات واللقاءات بين مسؤولي البلدين في المجالات المختلفة داعيا إلى تحقيق نقلة نوعية في مضمار التعاون الإيراني السوري وبحث السبل الملائمة لتكريس المصالح المشتركة وتنفيذها وترجمتها على أرض الواقع وبخطا وإجراءات عملية وملموسة في إطار تعاون استراتيجي إقليمي يشكل أساس العمل في المرحلة المقبلة. ولفت رحيمي إلى أهمية تبادل الخبرات في المجالات الزراعية والتجارية والصناعية والاتصالات والتقانة ومجالات الطاقة والنقل والطرق وتوظيف الموقع الاستراتيجي لكل من سورية وإيران في عملية تشجيع حركة الانتقال والترانزيت عبر أراضيهما إلى دول آسيا وأوروبا والدول الصديقة المجاورة. وأكد النائب الأول للرئيس الإيراني وقوف إيران الكامل الى جانب سورية ودعم حقها وجهودها في استعادة الجولان السوري المحتل.

بعد ذلك بحث الجانبان علاقات التعاون المشترك وآليات تطويرها على مختلف الصعد الاقتصادية والتجارية والثقافية والتربوية وأكدا أهمية تبادل الخبرات في المجالات المصرفية والتأمين وشركات الملاحة البحرية. واستعرض الجانبان نتائج أعمال اللجنتين التحضيرية والفنية وموضوعات التعاون الثنائي التي تم بحثها وآليات تنفيذها ومشاريع الاتفاقيات والوثائق التي تم التوصل اليها تمهيدا لاستكمال مناقشتها وتوقيعها في ختام أعمال اللجنة واتفقا على وضع برنامج عملي لتعميق مجالات التعاون المشترك من خلال اللقاءات الثنائية بين وزراء البلدين ورفع مقترحاتهما حول متطلبات تعزيز التعاون وتذليل العقبات التي تعترضهم إلى الجلسة الختامية للجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة لاتخاذ التوجيهات اللازمة بشأنها. وتطرق الجانبان إلى تقييم آلية العمل في المراحل السابقة لاتخاذ إجراءات عملية وفعالة لتفعيل الاتفاقيات الموقعة وترجمتها على أرض الواقع بما يعزز التعاون المشترك بينهما ويحقق تطلعات البلدين وشعبيهما.

حضر الاجتماع من الجانب السوري الدكتور عادل سفر وزير الزراعة والإصلاح الزراعي والدكتور علي سعد وزير التربية والمهندس سفيان العلاو وزير النفط والثروة المعدنية والدكتور فؤاد عيسى جوني وزير الصناعة والمهندس عمر غلاونجي وزير الإسكان والتعمير ولمياء عاصي وزيرة الاقتصاد والتجارة والدكتور عامر حسني لطفي رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي وأحمد عرنوس معاون وزير الخارجية وخالد سلوطة معاون وزيرة الاقتصاد والتجارة والدكتور كمال الشيخة معاون وزير الإسكان والتعمير وريما القادري معاون رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي والدكتور حامد حسن سفير سورية بطهران وتيسير الزعبي مدير مكتب رئيس الوزراء.

ومن الجانب الإيراني وزير الاتصالات والتكنولوجيا تقي بور ووزير الثقافة والإرشاد محمد حسيني ووزير الإسكان وبناء المدن علي نكزاد ووزير الصناعة علي أكبر محرابيان ووزير الشؤون الاقتصادية والمالية شمس الدين حسيني ووزير الجهاد الزراعي صادق خليليان ووزير النفط مسعود مير كاظمي ومساعدا النائب الأول للرئيس الإيراني علي آغا محمدي وعلي أبادي ومدير مكتب نائب الرئيس الإيراني السيد ترابي والدكتور سيد أحمد موسوي سفير إيران بدمشق.

وكان جرى للمهندس عطري استقبال رسمي لدى وصوله مبنى وزارة الخارجية حيث استعرض والنائب الأول لرئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية حرس الشرف وعزف النشيدان الوطنيان السوري والإيراني.

كما بحث الوزراء أعضاء الوفد المرافق لرئيس مجلس الوزراء مع نظرائهم الإيرانيين في لقاءات ثنائية مجالات التعاون في القطاعات الزراعية والصناعية والاقتصادية والتجارية إضافة إلى التعاون في قطاعات النفط والغاز والثروة المعدنية والإسكان والتعمير والبنى التحتية والخدمية والتخطيط في المجالات التنموية والإدارية. وأقام النائب الأول للرئيس الإيراني مأدبة عشاء تكريما للمهندس عطري. حضر المأدبة الوفد المرافق للمهندس عطري وعدد من الوزراء الإيرانيين وسفيرا البلدين في طهران ودمشق. وكان عطري بحث مع رحيمي علاقات التعاون المتنامية بين سورية وإيران وآفاق تطويرها بما يحقق المصلحة المشتركة في المجالات كافة.

وتركز لقاء عطري ورحيمي على بحث سبل التعاون بين البلدين على الصعد الاقتصادية والتجارية وزيادة حجم التبادل التجاري وانسياب السلع في أسواقهما وتبادل الخبرات العلمية والتقنية في المجالات الزراعية والصناعية والتربوية وتوطين التقانات العلمية إضافة إلى التعاون في قطاعات النفط والغاز وتنفيذ المشاريع التنموية والخدمية ومشاريع السكن والبنى التحتية.

واستعرض عطري ورحيمي جدول أعمال اللجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة في دورتها الثالثة عشرة ومشاريع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المزمع توقيعها في إطار تعزيز وتفعيل التعاون بين سورية وإيران.

وأكد الجانبان أهمية العمل المشترك لتفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وضرورة تعزيزها باتفاقيات جديدة تكرس المصالح المشتركة وتترجم توجيهات السيد الرئيس بشار الأسد والرئيس محمود أحمدي نجاد.

حضر اللقاء الوفد المرافق لرئيس مجلس الوزراء وعدد من الوزراء الإيرانيين وسفيرا البلدين. وكان عطري بدأ أمس زيارة رسمية للجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويرافق عطري وفد رسمي يضم وزراء الزراعة والاصلاح الزراعي والتربية والنفط والثروة المعدنية والصناعة والاسكان والتعمير والاقتصاد والتجارة ورئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي ومعاون وزير الخارجية ومدير مكتب رئيس مجلس الوزراء. أكدت وزيرة الاقتصاد والتجارة لمياء عاصي أهمية العمل على تمتين وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين سورية وإيران بشكل يضمن زيادة حجم التبادل التجاري بما يتناسب مع إمكانيات البلدين ومستوى العلاقات السياسية التي تربطهما.

وقالت الوزيرة عاصي في تصريح لوكالة سانا على هامش اجتماعات اللجنة العليا السورية الإيرانية المشتركة إن اتفاقية التجارة الحرة الموقعة في تشرين الأول الماضي ستكون أحد أهم ركائز تطوير التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين.

وأضافت: نتطلع إلى الارتقاء بنوعية السلع التي يجري تبادلها والتعاون في مجالات التقنيات الحديثة والبحث العلمي لافتة إلى أن أحد مقترحات اللجان التحضيرية والفنية والوزارية إنشاء حديقة تكنولوجية في سورية بالتعاون بين الجانبين. وأشارت عاصي إلى وجود عدد كبير من الشركات الإيرانية تسهم في بناء مختلف المشاريع منها شركات تعمل في مجال إنشاء محطات الطاقة الكهربائية وبناء صوامع الحبوب ومعامل الزجاج والسيارات. بدوره أشار وزير الصناعة الإيراني علي اكبر محرابيان في تصريح مماثل إلى سعي البلدين لتفعيل التعاون في المجال الصناعي والتوجه لزيادة الاستثمارات من خلال دخول القطاع الخاص لافتا إلى وجود عدد من البرامج والخطط المشتركة لإنشاء صناعات ثقيلة يسهم فيها القطاع الخاص.

شام نيوز- سانا