المؤتمر الإقليمي حول تربية و رعاية الطفولة المبكرة يبدأ جلساته الافتتاحية

برعاية السيدة أسماء الأسد بدأ في قصر الأمويين للمؤتمرات بدمشق أعمال المؤتمر العربي الإقليمي حول تربية ورعاية الطفولة المبكرة "السياسات والبرامج" والذي تنظمه وزارة التربية بالتعاون مع مكتب اليونيسكو الإقليمي ببيروت بمشاركة 150 باحثا ومفكرا وخبيرا من الدول العربية والمنظمات العربية والإسلامية والدولية المعنية.
ويتناول المؤتمر على مدى ثلاثة أيام موضوعات حول التوجهات الدولية والبرامج التكاملية وكيفية إعداد استراتيجيات وطنية في مجال تربية ورعاية الطفولة المبكرة والبرامج الإبداعية في هذا المجال وإدماج الطفولة المبكرة في التربية مع التأكيد على دور المجتمع الأهلي والتربية الوالدية.
وقال ممثل راعي المؤتمر الدكتور علي سعد وزير التربية إن المؤتمر يأتي في سياق مسؤوليات دولنا تجاه مرحلة نمائية اتفق الجميع على وصفها بالمحورية والجوهرية واعتبروها بنية تحتية بشرية لكل تنمية فنموها البيولوجي وتأمين حاجاتها الفيزلوجية قاعدة للنمو ونموها العقلي وتأمين متطلباته أساس في النمو المعرفي بل في بناء المجتمع المعرفي ونموها التعليمي قاعدة لنظام تربوي متمكن ونموها الاجتماعي وتأمين متطلباته قاعدة في تأمين القدرة على القبول والتقبل الاجتماعي وخلق فرص نمو مهارات التواصل المتكافىء مع الاقران والمحيط أما النمو النفسي والصحي ومشاعر الأمن الشخصي وتأمين متطلبات كل منها فإنه جوهر التوازن وقاعدة تحقيق الذات وما يتصل بها من مظاهر الصحة النفسية وحسن الأداء.
وأشار إلى أن بروز الاهتمام بالطفولة المبكرة يعود بشكل تكاملي للسيدة أسماء الأسد التي أطلقت العناية بها على مستوى الدولة وأسست للعمل في ميادينها بشكل استراتيجي تحولت معه الجهود والأنشطة ذات الأطر المرجعية المتعددة إلى خطط و برامج وطنية وتم إحداث الهيئات و أقيمت المؤتمرات والنشاطات وتعمقت ثقافة عمل متجددة كالهيئة السورية لشؤون الأسرة والمؤتمرالوطني للطفولة المبكرة في سورية وملتقيي حماية الطفل في دمشق وإنشاء هيئة الأولمبياد الخاص والمركز الطبي الإقليمي الأول للأولمبياد الخاص الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في دمشق وإقرار الخطة الوطنية لحماية الطفل عام 2005 باجتماع للحكومة ترأسه الرئيس الأسد لأهمية الموضوع وانتظام إصدار التقارير الوطنية لدراسة ورصد واقع الطفولة الراهن.
ولفت الوزير سعد الى مشاريع دمج الأطفال من ذوي الإعاقة في المدارس الرسمية وتأمين متطلبات هذه المدارس التي وصل عددها إلى 75 مدرسة دامجة موزعة على المحافظات إضافة الى المركز الإقليمي لتنمية الطفولة المبكرة المعتمد من قبل اليونسكو الذي سيقدم خدماته للمنطقة العربية في مجال عمله وقانون التعليم الخاص الذي أتاح افتتاح رياض تابعة للوزارة والمناهج الجديدة للمراحل والصفوف كلها و بينها مناهج لرياض الأطفال والقناة الفضائية التربوية السورية التابعة لوزارة التربية ذات الوظائف المركبة معرفياً "اجتماعياً" مهنياً لمراحل النمو داخل النظام التربوي و خارجه.
وأوضح ان كل هذه المشاريع أدت إلى خلق ثقافة مجتمعية مدنية تطوعية لم تكن موجودة بهذا الانتشار من قبل تشكل بدورها حاضنة اجتماعية أهلية محفزة لتطور هذه المشاريع و توصلها إلى أهدافها وتحشد قوى المجتمع الهائلة باتجاه المساهمة الفعالة في التنمية البشرية.
بدوره أوضح عبد المنعم عثمان مدير مكتب اليونسكو الاقليمي ان هذا المؤتمر ياتي في اطار تفعيل المبادرات الدولية حول التعليم للجميع التي أكدت أن رعاية وتربية الطفولة المبكرة من اولويات الخطط الوطنية الرامية لتحقيق التعليم للجميع وتاكيدا للمقررات الدولية للامم المتحدة حول الطفولة والتي خلصت بالتزام دولي حول ضرورة الاهتمام بالطفولة لضمان مستقبل أفضل للأطفال في العالم مشيراً إلى أن التربية والرعاية حق من حقوق الطفل الأساسية والاهتمام بالمرحلة المبكرة يزيد الانتاجية في المجتمع بما يحقق المساواة بين الطبقات والتكافؤ بين الجنسين.
من جانبه أكد غسان صالح مدير المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو" أن على مؤسسات المجتمع الرسمية وهيئاته المدنية المعنية تامين الرعاية والتنمية للطفل وكافة متطلباته بما يضمن له نموا متكاملا جسديا وعقليا ومعرفيا واجتماعيا حيث تتوفر للطفل كل مقومات الأمن الذاتي التي يشكل القاعدة الأساسية لكل من الأمن الاجتماعي والاقتصادي وضمانة التمسك بالهوية ورسوخ الانتماء .
وأوضح ان إشباع حاجات الطفل الأساسية في سنواته الأولى يشكل المقومات الأساسية للشخصية السوية السليمة القادرة على تقبل الآخر والتفاعل معه واشاعة مناخ التعاون في المجتمع اضافة الى تطوير قدراتها وتنميتها وصقلها لتوظيفها واستثمارها بشكل بناء وفاعل في خدمة مجتمعاتها والتصدي لمختلف اشكال التحديات التي تواجه تطور وتقدم المجتعات وايجاد الحلول الخلاقة للمشكلات التي تعترض مسيرة التنمية الشاملة.
وتخلل الافتتاح مجموعة من الأغاني التراثية والوطنية قدمتها فرقة اوركسترا كورال وزارة التربية. حضر الافتتاح الدكتورة ديالا حاج عارف وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل والدكتور غياث بركات وزير التعليم العالي ووزير الثقافة الدكتور رياض نعسان آغا والدكتور رضا سعيد وزير الصحة ووزير التربية والتعليم الأردني الدكتور خالد الكركي وعدد من معاوني الوزراء ورؤساء وممثلي المنظمات الشعبية والمنظمات والهيئات الدولية والبعثات الدبلوماسية المعتمدة بدمشق.
الجلسة الافتتاحية: ( رعاية وتربية الطفولة المبكرة.. أساس التعلم والدراسات الحديثة حولها )
وتابع المؤتمر أعماله بجلسة افتتاحية تناولت رعاية وتربية الطفولة المبكرة ..أساس التعلم والدراسات الحديثة حولها.
وقال الدكتور حسين بهاء الدين وزير التربية المصري السابق في مداخلته إن رعاية وتعليم الطفولة المبكرة مسؤولية الدولة لكونها قضية أمن قومي وتتعلق بالتوزيع الاستراتيجي للموارد وذات جدوى اقتصادية عالية.
وأوضح بهاء الدين أن الثورة المعرفية والإنتاج كثيف المعرفة هما من أبرز تحديات القرن الحادي والعشرين مشيرا إلى أن تنمية قوة المعرفة هي الاستثمار الأكثر عائدا في هذا القرن وأن القيمة المضافة لأي منتج تتناسب مع قيمة المعرفة فيه وبناء قوتها هو الوسيلة الوحيدة لإعداد قوة العمل اللازمة لإنتاج كثيف المعرفة.
بدوره قدم الدكتور جيم ستيبن من جامعة يورك في كندا مداخلة حول أهمية ومبررات الاستثمار في مجال رعاية وتربية الطفولة المبكرة .. والأبحاث الحديثة في مجال المخ والدماغ وعلاقتها في الطفولة المبكرة.
واقع الطفولة المبكرة في المنطقة وقضاياها الأساسية
وتركزت الجلسة الأولى من أعمال المؤتمر التي ترأسها الدكتور علي سعد وزير التربية حول واقع الطفولة المبكرة في المنطقة والتعريف فيها وتحديد قضاياها الاساسية.
وأكد الوزير سعد أهمية تحقيق أهداف المؤتمر من خلال الحوار للوصول إلى نتائج قيمة ونوعية عبر اوراق العمل المقدمة ومشاركة عدد كبير من الباحثين والخبراء الاختصاصيين مشيرا إلى ضرورة الخروج باعلان واضح يعبر عن شخصية وبصمة المؤتمر لاسيما مع وجود توافق في وجهات النظر والقواسم المشتركة حول مرحلة الطفولة المبكرة فيما يتعلق بتعزيز البنى التحتية والمرجعية واهميتها بالنظر إلى ما بعدها من مراحل اذ ان مقولة الطفولة السعيدة تأتي بامة سعيدة بقدر ما تحمل من الشاعرية إلا أنها واقعية ومدعمة بالارقام .
وقدمت الدكتورة سهام صويغ خبيرة طفولة مبكرة لمحة مكثفة عن التقرير الاقليمي حول مرحلة الطفولة المبكرة مشيرة إلى التباين الواضح بين الدول النامية والمتقدمة فيما يتعلق بمسألة الدعم ورعاية مرحلة الطفولة المبكرة والفجوة بين الاطفال الفقراء والمهمشين والاطفال المقتدرين اجتماعيا واقتصاديا .
من جانبه اشار الدكتور حجازي ادريس من مكتب اليونيسكو الاقليمي إلى ضرورة تنويع الصيغ في البرامج والهياكل وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في برامج الطفولة المبكرة وتعزيز الطلب والوعي على برامج الطفولة المبكرة في المناطق الفقيرة وبناء شراكات مع الاهل والمجتمع المحلي والتنسيق والتكامل مع البرامج الاخرى المقدمة من وزارات ومؤسسات خاصة .
التعريف بالأركان الأربعة الأساسية في مجال الطفولة المبكرة
وركزت الجلسة العامة الثانية نحو إطار عمل لتطوير السياسات والاستراتيجيات الوطنية المتكاملة التي ترأسها الدكتور خالد الكركي وزير التربية الأردني حول التعريف بالأركان الأربعة الأساسية في مجال الطفولة المبكرة.
وأشارت الدكتورة ماري يونغ من البنك الدولي إلى ان الاستثمار في الطفولة المبكرة ضرورة لخلق معرفة عملية وتحسين الصحة وتخفيض نفقات العلاج موضحة أن جميع الدول تحتاج لان يكون مواطنوها أصحاء لمواجهة التحديات العالمية واقامة تنمية مستدامة لمجتمعاتها .
وأوضحت أن اختلاف القدرات عند الاطفال يبدأ بشكل مبكر ويتسع بالسنوات الأولى من التعلم وأظهرت الدراسات أن نوعية التعليم وعلاقة الطالب بمدرسه لها صلة وثيقة في تقليص فوارق القدرات.
وقدم ايلي مخايل امين عام المجلس الاعلى للطفولة في لبنان عرضا حول أهم التحديات والصعوبات التي تواجهها تربية الطفولة المبكرة في بلاده حيث أشار إلى نقص التنسيق الفاعل والتشبيك متعدد المستويات على الصعيد الوطني والمحلي والتبادل العربي إضافة إلى نقص الموارد البشرية والمالية اللازمة المخصصة من حجم الانفاق على الطفولة وقلة الابحاث والدراسات ونوعية الخدمات.
الجلسة المسائية: (التعلم باللغة العربية ودور الإعلام في القضايا المتعلقة بالطفولة المبكرة)
وفي جلساته المسائية ناقش المؤتمر مفاهيم وأركان مراحل تطور الطفولة المبكرة وأهمية التعلم باللغة العربية ودور الإعلام في القضايا المتعلقة بالطفولة المبكرة.
وتحدثت لويز زيماني من المجموعة الاستشارية لرعاية وتنمية الطفولة المبكرة عن أهمية دور الأسرة والجهات الحكومية والمجتمع في دعم التنمية الشاملة للطفولة المبكرة عبر فهم احتياجات الأطفال المتعلقة بالصحة والتربية والتعليم والرعاية والحماية الاجتماعية مشيرة إلى أن النتائج الإيجابية لبرامج رعاية الطفولة تبرز في سنوات نمو الطفل اللاحقة عبر بناء شخص متوازن ومسؤول اقتصاديا واجتماعيا ويتمتع بحقوقه.
شام نيوز - سانا