المؤتمر الوطني للإصلاح يناقش القواعد القانونية ودورها في التطوير والتحديث

ركّز المؤتمر الوطني الأول للإصلاح الإداري والاقتصادي والاجتماعي في جلسته الختامية الخميس على القواعد القانونية ودورها في التطوير والتحديث والرؤية الموضوعية في الإصلاح الإداري.

ورأى الدكتور محمد يوسف الحسين عميد كلية الحقوق إن التشريعات هي المرتكزات الرئيسية التي تنظم العلاقات في المجتمع وتحقق المصلحة العامة وهي قواعد قانونية لها صفة الإلزام لفترة محددة وتسعى إلى تحقيق تطلعات الجماهير وتلبي حاجاتها المتغيرة.

وأوضح أن المتغيرات التي تحدث في سورية تتطلب التعامل معها بمرونة وانتقاء الخيارات المناسبة عبر عمل منهجي واستراتيجي لافتا إلى أن الإدارة المتخلفة تحبط أي تشريع مهما كان متطورا وان هناك الكثير من العيوب القانونية المتمثلة بكثرة القوانين على حساب النوع حيث تم إصدار نحو 1000 تشريع خلال الدورين التشريعيين الماضيين لمجلس الشعب تفتقر إلى الشفافية والاتساق والتناسب والمساءلة ما أدى إلى تضاربها وعدم انسجامها.

وأشار إلى أن تداخل الاختصاصات في التشريعات أدى إلى التراخي في تنفيذها ما يتطلب العمل على تحليل كل المشاكل التي تعاني منها وتعديل الهياكل الإدارية التنظيمية في المؤسسات كافة والعمل على إعادة العقول والخبرات المهاجرة والاستفادة من طاقاتها.

وأوضح الدكتور الحسين أن حاجة البلاد تتمثل الآن بالعمل على تشكيل هيئة نوعية متخصصة كفوءة قادرة على وضع استراتيجية نوعية لسورية وتنفيذها عن طريق فرق عمل في مختلف الوزارات والمؤسسات على ان يتوازى ذلك مع توفر الإرادة الصادقة في عملية تحول البلد وتوفير الوسائل الكفيلة بذلك.

من جهته أكد الدكتور طيب تيزيني أهمية العمل على مواجهة الأحداث التي تمر بها سورية عبر الإصلاح الوطني الديمقراطي والإسراع به لتحصينها ضد المؤامرات الخارجية.

وأشار إلى ضرورة الإسراع في إطلاق المؤتمر الوطني للحوار وإصدار قوانين الإعلام والأحزاب والانتخابات وإجراء بعض التعديلات على الدستور وإطلاق برامج عمل حقيقية وتشكيل فرق عمل من الخبراء والمختصين لبناء سورية الجديدة.

وكان المشاركون في المؤتمر ناقشوا أمس الواقع الاقتصادي في سورية في ضوء الخطة الخمسية العاشرة ومؤشرات الخطة الحادية عشرة ودور مصرف سورية المركزي في عملية الإصلاح المصرفي والنظام الضريبي في سورية وافاق تطويره.

وقال الدكتور مظهر اليوسف الأستاذ في كلية الاقتصاد جامعة دمشق ان المصرف المركزي في أي بلد يعد قلب الجهاز المصرفي باعتباره بنك البنوك ويشرف على النشاط المصرفي بشكل عام ويصدر أوراق النقد ويعمل على استقرار العملة الوطنية كما يمثل الحكومة ومستشارها المالي ويقوم بكافة خدمات الحكومة المالية ويشارك في رسم السياسات النقدية والمالية مستعرضا السياسات والأدوات النقدية كعمليات السوق المفتوحة والاحتياطي الإلزامي وسياسة سعر الخصم.

وأضاف إن الاستقلالية من أهم عوامل نجاح المصرف المركزي إضافة إلى الحيادية وشفافية السياسة النقدية والمصداقية لافتا إلى إن استقلالية البنوك المركزية تعد أحدى النقاط المساعدة للسياسة النقدية في إبقاء معدلات التضخم عند مستوياتها المتدنية في الأجلين المتوسط والطويل لأنه كلما كان المصرف المركزي مستقلاً كانت الأسعار أكثر استقرارا.

وتحدث اليوسف عن استقلالية مصرف سورية المركزي بعد صدور المرسوم رقم 21 لعام 2011 الذي نظم عمل المصرف ومجلس النقد والتسليف وجعل تبعية المصرف مباشرة لرئيس مجلس الوزراء بدلا من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية واسند مهمة السعي لتحقيق استقرار المستوى العام للأسعار المحلية إلى مجلس النقد والتسليف إضافة إلى تكليف المصرف المركزي بشكل صريح بالعمل في الأسواق المالية وإصدار الأوراق المالية الحكومية وإصدار وتداول شهادات الإيداع والأدوات والمشتقات المالية التقليدية والإسلامية وغيرها.

من جهة أخرى تحدث الدكتور ابراهيم عدي المدرس في كلية الاقتصاد جامعة دمشق عن واقع النظام الضريبي في سورية وآفاق تطويره وبعض نواحي القصور والثغرات الموجودة فيه وتاريخ أحداث ضريبة الدخل في سورية والقوانين والتعديلات التي طرأت على هذا النظام.

وأوضح عدي أن نظام الضريبة النوعية الذي يحدد لكل نوع من الدخل نوعا من الضرائب لا يتناول جميع عناصر الدخل ما ينعكس على نقص الحصيلة الضريبية الفعلية إضافة إلى أن اللجوء إلى المعدلات الضريبية التصاعدية المرتفعة لا يحقق إلا نوعا من العدالة الظاهرية في توزيع الأعباء الضريبية لافتا إلى أن هذا النظام لم يعد مستخدما في اغلب دول العالم نظرا لكثرة الإجراءات التي تفضي إلى التهرب الضريبي وعدم العدالة في التمييز بين الإيرادات إضافة إلى إفلات الكثير من الإيرادات من الخضوع للضريبة.

وقال عدي: رغم الحديث عن القانون 24 لعام 2003 باعتباره جزءا من الإصلاح الضريبي فوجئ المكلف بالضريبة ومراقب الدخل ودارس الضريبة ومدرسها بان هذا القانون لم يكن مدروسا بشكل جيد لذلك بدأت التعديلات السريعة وهذه التعديلات ليست إصلاحا ضريبيا وإنما عملية تغيير والتغيير قد يكون نحو الأمام أو نحو الخلف.

وأضاف تم فرض ضريبة دخل على الرواتب والأجور بنسبة 22 بالمئة بينما نسبة الضريبة على دخل بعض الشركات المساهمة 14 بالمئة ولا يجوز بأي شكل من الأشكال أن تكون الضرائب على دخل العمل أعلى من الضريبة على دخل العمل ورأس المال كما لا يجوز المساواة الضريبية بين العامل وشركة مساهمة.

وأكد ضرورة أن يكون هناك تحديد حد أدنى ثابت معفى من الضريبة لأصحاب الدخل المحدود وبنفس الوقت يجب ان يكون هناك حد أقصى متحرك لكل عامل على حدة وفقا لظروفه الاجتماعية والشخصية والصحية والجغرافية لافتا إلى أن العاملين في سورية لا يعيشون مجتمع الطبقة الواحدة وبظروف اجتماعية متشابهة والدخل غير متشابه وبالتالي الضريبة يجب الا تكون متشابهة.

من جانبه تحدث الدكتور غسان إبراهيم من كلية الاقتصاد جامعة دمشق عن الواقع الاقتصادي في سورية ضمن إطار الخطة الخمسية العاشرة ومؤشرات الخطة الحادية عشرة وعن الإصلاح الاقتصادي كخطوة لتحقيق الإصلاح الاجتماعي وعن الدلالة الاجتماعية للرقم الإحصائي والأرقام والمعدلات الاقتصادية وفقدان أهميتها إذا ما ابتعدت عن منعكساتها الاجتماعية.

وأوضح أن إشكالية التقدم الاقتصادي ليست اقتصادية فقط بل إشكالية تحول اجتماعي تاريخي معقد من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حديث مع ضرورة تضمين الإصلاح الاقتصادي الذي يبدأ بالممارسات والمبادئ والقيم جوانب الإصلاح الاجتماعي مشيرا إلى أن جوهر الإصلاح الاقتصادي يتم باعتماد هذا الإصلاح كأداة تحسين الأداء الاقتصادي وللانتقال من الجيد إلى الأجود لا مخرج للطوارئ والأزمات الاقتصادية المتشكلة.

وكان المؤتمر قد بدأ أعماله يوم الاثنين الماضي تحت عنوان /نحو إصلاح إداري واقتصادي واجتماعي يتكامل مع اتجاهات التحديث والتطوير في سورية/ أقامه مركز الأعمال الأوروبي للتدريب والتطوير بالتعاون مع وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية في فندق الشام بدمشق.

 

شام نيوز. سانا