المد والجزر بين وزارة التعليم العالي وجامعة ايبلا يغرق مستقبل الطلاب

 

 شام نيوز- جاك قس برصوم

 

فرحة النجاح التي ملأت قلب هبه علي محيي أثر حصولها على 216 درجة في امتحانات الشهادة الثانوية العامة تبخرت اليوم، فالثقة الممنوحة من قبلها لجامعة ايبلا الخاصة أطاحت بآمالها، تاركةً أياها في مهب ريح عصفت بالجامعة على إثر قرار وزاري، محطمةً مع العاصفة الهوجاء حلمها بدراسة الصيدلة، لتشاهد هبه بعينها ضياع مستقبلها في دوامة التسجيل الشرطي، ما حرمها من دخول جامعة حلب أيضاً لتخرج بعد عناء الدراسة على مدى الأعوام السابقة بكفي حنين!.

 

الأزمة الحالية أشعل فتيلها وزير التعليم العالي غياث بركات بإعلانه أن "الوزارة ستطبق لائحة الجزاءات المفروضة على الجامعات الخاصة المخالفة وفق المرسوم رقم 70 لعام 2009 وبذلك تغرم الجامعة بسبب زيادة العدد المحدد لقبول الطلاب في كل برنامج بمبلغ 400 ألف ليرة سورية غرامة على كل طالب زيادة مع حسم عدد المقبولين زيادة عن حصة الجامعة للقبول العام القادم" .

 

الاختلاف في تحديد العدد المسموح للطلبة بين ما طرحته الجامعة في قوائمها المرسلة وما تبنته الوزارة وفق للأسس القانونية المتبعة راح ضحيته حتى الآن أكثر من نصف عدد الطلاب في قسم الصيدلة فالوزارة خصصت 40 طالباً فقط في كلية الصيدلة لجامعة ايبلا ؛ حيث تحدد النسبة  وفقاً لمعادلة 20  طالباً لكل مدرس متفرغ في الجامعة الخاصة ويضاف إلى شرط المدرسين آخر يتعلق بالمساحة حيث حدد القانون 40 متراً لكل طالب.

 

من جهتها اعتبرت جامعة ايبلا ممثلة برئيسها د.عزام كتخدا أن: "الوضع الحالي نجم بسبب تحديد قواعد صارمة لعدد الطلاب حيث بدأت المشكلة باختلاف مواعيد بداية العام الدراسي فنحن نلتزم تاريخ 25/9 ولم تصدر قرارات الوزارة المتعلقة بتحديد الأعداد إلا في 18/10 وأمام هذا الوضع كان هناك بعض الطلاب الذين ينتظرون قبولهم في بعض الكليات .. بدورنا طالبنا أخذ كافة المتقدمين بناءً على أعداد الدكاترة المدرسين في الجامعة، لكن بعض الاسسس التي وضعتها اللجنة المختصة للمرة الأولى فرقت بين دكاترة الاختصاص في الكليات وأخرين للمواد الأساسية ما جعل هناك اختلاف في الأعداد المقدرة بين الجامعة والوزارة، لذلك كان تقدير عدد الطلاب قليل .. فواجهنا مشكلة مع بعض الطلاب اللذين قبلوا شرطياً ومبدئياً حتى صدور الأعداد من الوزارة لذا وجد هؤلاء الطلاب أنفسهم غير مقبولين بناءاً على قرار الوزارة"

 

كرة النار التي قذفتها أيبلا بداية على وزارة التعليم العالي، معتبرة أن ما حصل نتيجة القرار الوزاري، عادت لتلقفها بعد أن أعاد وزير التعليم العالي القواعد إلى نصابها مطالباً الجامعات الخاصة الالتزام بمجموعة خطوات أهمها بناء القدرات الذاتية «فثوب الإعارة لا يدفئ، وإن دفأ فلا يدوم» لتعود السهام مجدداً فتصيب راميها وهو ما أكده السيد علي محمد محيي، والد هبه، الذي اعتبر أن الطمع المادي من قبل الجامعة هو ما سيؤدي لضياع مستقبل ابنته؛ حيث تكابر ايبلا إلى اليوم متجاهلة خيار دفع الغرامة التي لن تعارض الوزارة استلامها إذا قامت الجامعة بتسديد ما عليها، رغم استعداده شخصياً لتحمل جزء من تكاليف المخالفة، لكن هذا لا يهم مثل هذه الجامعات، التي وضعنا آمالنا في رقابها، فتبين أنها تسعى فقط وراء الربح وإلا ما هو السبب وراء تسجيل أكثر من ضعف العدد المسموح به " . وعن سؤالنا إذا ما كان يعلم بأن التسجيل لم يكن نهائياً منذ البداية أجاب: "عميد كلية الصيدلة وعدت الطلاب من اليوم الأول بحل الموضوع مشددةً على حضور الدوام وتحضير المذاكرات، لنتفاجىء اليوم بإعلان يطالبهم بالجلوس في بيوتهم فلماذا كان الخيار هو الحضور ليصبح اليوم الحل المقدم هو العودة إلى المنزل"

 

شعاع الأمل حاول د.محمد عبد الرحمن العابو إظهاره مجدداً حيث قال "أنه مع كل حل يحفظ حق الطلاب ولو أدى ذلك إلى تغريم الجامعة مادياً فمهما بلغت التكلفة تبقى أقل من ضياع حلم شباب وضعوه أمانة في أعناقنا مشدداً في الوقت ذاته على أنه لا يجب أن تسجل أي مخالفة بحق الجامعة نتيجة لذلك .. ايبلا اعتمدت في القوائم المرسلة عن عدد الطلاب إلى الوزارة على نفس الأرقام التي كانت تؤخذها في الأعوام الماضية .. فالجديد لم يكن في زيادة العدد من قبلنا لكن في الشروط الجديدة التي وضعتها الوزارة من خلال طلب الاختصاص الدقيق للأساتذة فعلى سبيل المثال يطالبون بدكتور اختصاص كيمياء بالصيدلة بينما لا يوجد مثل هذا الاختصاص يدرس في جامعة حلب فالطبيعي أن نستعين بدكاترة من كلية الكيمياء لكن هذا لم تأخذه الوزارة بالحسبان ما أدى إلى خلل في الأعداد".

 

رحلة البحث عن مصير الطلاب عاد وحددها رئيس الجامعة في تصريح خاص بشام نيوز بحلول ثلاث لا أفق لغيرها إلى اليوم:

1 - قبول التسجيل ودفع الغرامات المترتبة، الأمر الذي تعارضه الجامعة لأنها لا ترى صواباً في مخالفة قرارت.

2- عدم قبول الطلاب والاعتذار منهم، ما سيؤثر على مستقبلهم.

3- يبقى الحل الأمثل، بنظر الجامعة، هو العودة إلى الخيار السابق حيث توجد شواغر في كليات أخرى، والاقتراح هو تسجيل الرغبة الثانية ثم دراسة امكانية تحويله إلى الرغبة الأولى، خصوصاً أن جميع الكليات تأخذ نفس المناهج في السنة الأولى، إذا توفرت الأماكن في السنة الاحقة وهو الحل الذي التزم اغلب الطلاب به وانسحب آخرون من الجامعة واستردوا أموالهم.

الخيارات المطروحة وأن كان طعم أولها مرٌ على إدارة الجامعة، فالثاني بمثابة علقم للطلاب وذويهم، ليبقى آخر الحلول كأس لابد أن يتجرعها من ذاق الأمرَين. فحلم هبه بمستقبل واعد استيقظت منه على كابوس تركها معلقة بحبال الهواء بعد أن وضعت الجامعة نفسها تحت سقف المعنيين في التعليم العالي معلنةً الرضوخ لكل طلباتهم وشروطهم، وبدورها رفعت الوزارة الغطاء عن أي تجاوز لسقف القانون الناظم، ليتحطم بذلك مستقبل هبه الذي اسندته دعامات دُفِع ثمنها مبالغ عالية ليكتشف بعد ذلك أنها شيدت من سراب اسقط كل السقوف فوق آمال الطلاب و طموحات أهلهم.