المستشار المسيحي لمفتي سوريا: في رمضان يزيد وزني

مفتي سوريا مع المستشار نصرالله

 

لا يمر يوم من أيام الشهر الكريم إلا ويكون باسل قس نصر الله  المستشار المسيحي لمفتي سوريا الشيخ أحمد بدر الدين حسون مدعواً الى مائدة إفطار أو سحور مليئة بما لذ وطاب.

فالمهندس باسل قس نصر الله، 52 عام، هو المسيحي الوحيد في العالم الذي يعمل مستشاراً لمفتٍ مسلم، أفصح لأول مرة عن وظيفته في رد منه على من يعتقد أن راتبه لابد أن يكون كبيراً وله توابع من امتيازات خاصة وغيرها من الإفادات لنفسه، حيث يقول مستغرباً "أي راتب وأي امتيازات؟؟!!... أنا لا أتقاضى فلساً واحداً من عملي كمستشار، بل إن جميع تكاليف ممارستي للعمل مع سماحة المفتي هي من جيبي الخاص، إلا حين أرافقه في رحلة الى الخارج طبعاً، عندها يدفع هو من جيبه".

 

ومستشار المفتي مرح وشفاف ويحلو له أن يؤكد على كلمة "قس" في اسمه دائماً، فلا يكتبه أو يلفظه إلا رباعياً، بل لا يدعك أنت أن تلفظه من دون كلمة قس التي يبدو أنه يريدها للتأكيد على ديانته، فهو يفخر بأنه مسيحي استطاع اختراق قيود ومسلمات صعبة في هذا الوقت بالذات، الى درجة وصل معها الى رتبة مستشار للمفتي، بل مستشاره الوحيد.

وفي حقيبة المستشار، الذي تخرج في 1980 بالهندسة المدنية من جامعة حلب، ثقافات متنوعة ومن العيار الثقيل يفخر بها أيضاً، فهو ملمّ بالإنجليزية والفرنسية وبعض الايطالية، وملم بالإسلام وبتاريخه الى درجة قد لا يصدقها أحد، فقد قرأ القرآن مرات ومرات، وإلى الآن يقرأ فيه كما المسلمين، ويحفظ من الذكر الحكيم آيات طوالاً صعبة الحفظ على من لا يريده، وكله بسبب صداقة بدأت قبل 18 عاماً بينه وبين شيخ من حلب كان مبتدئاً في ذلك الوقت، حتى إن وزارة الأوقاف السورية لم تكن قد اعتمدته ليكون خطيباً في أحد المساجد.

ذلك الشيخ كان نشطاً وجاهد ليكون شخصاً مهماً، فصعد الدرج وأصبح مفتياً لسوريا، وفي الحال تذكر صديقه المسيحي وفاجأه في مثل هذا الشهر من عام 2006 بأجمل هدية، كتب له رسالة رسمية من دار الإفتاء يعلمه فيها بتعيينه مستشاراً له لشؤون العلاقات المسيحية الإسلامية، ومن بعدها قال له: "اترك صفة مستشار لشؤون العلاقات، وقل واكتب دائماً إنك مستشار عام في كل شيء"، ومن يومها ذاع صيت المستشار الحاصل أيضاً على الجنسية اليونانية.

ويقول القس نصرالله لموقع العربية نت أنه يعتاش من عمله كمهندس في حلب، متمنياً من وزارة الاوقاف "تصحيح وضعه وصفته كمستشار لسماحة المفتي عبر التعاقد معه بهذه الصفة، لا من أجل الراتب، إنما لتكون الأمور على المستوى الحكومي العام".

ويلفت إلى أنه لا يمكن أن يزاول هذه المهمة أو يشغل هذا المنصب لو لم يكن في سوريا، ويقول "نحن منفتحون وأنا الآن أنشط لإتمام ترخيص لبناء مسجد جديد في حلب قريباً.. يعني أنا المسيحي أسرع لأرى المسجد وقد باشروا بناءه، وفي هذا ما أفخر به أيضاً".

ويشير إلى أنه يتعرض لبعض المضايقات احياناً من قبل المسلمسن والمسيحيين على حد سواء الذين يدعونه لترك هذا المنصب لكنه لا يهتم كثيراً، كما انه يمارس تعاليم دينه المسيحي على اكمل وجه.

ويؤكد القس نصرالله أنه لايشارك المسلمين في ممارسة الشعائر الدينية لأنه "سيبدو كالمرائي"، ويقول "لا أشارك المسلمين في الأمور الدينية، والسبب هو احترامي للإسلام، فأنت لا تستطيع أن تكون مزيفاً لإرضاء الآخرين فتخدعهم من حيث لا يدرون، يعني التزييف واضح إذا صمت مع المسلمين، أنا أدخل المساجد لكني لا أصلي فيه، وكله احتراماً للدين وأتباعه وعدم ممارسة التزييف".

ويضيف " قد لا تصدقون، ولكن سماحة المفتي اعتاد في كل عيد ميلاد أن يقدم لي أروع هدية، فهو يذهب معي الى البيت ليقابل والدتي، وما أن يراها حتى يمسك يدها ويقبلها، وهذه أعظم هدية وقمة بالتسامح وفهم الآخر.. المفتي إنسان رائع".

وينوه المهندس نصر الله، الحاصل في 1984 على دبلوم دراسات عليا في تاريخ وفلسفة العلوم لدى العرب والمسلمين من جامعة حلب أيضاً، أنه لا يأكل ولا يشرب أمام أحد في شهر رمضان "بل أمضي الى البيت وهناك أتناول طعامي ثم أخرج منه، وكله كي لا أسبب حرجاً للناس الذين أحترم ديانتهم، فلا يجوز أن تتلذذ بالطعام والشراب أمام إنسان يمارس دينه تعبداً لخالق تؤمن به أنت أيضاً ويكتوي بالجوع أمامك، فهذه قلة أخلاق".

 

 

شام ينوز - العربية