«المستقبل» يستشرف المستقبل: الحريرية سقطت والحريري ينازع للبقاء

كعادته، أطل رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري أمس، ليعلن الـ«لا موقف». غابت عن كلمته المواقف السياسية الواضحة. لم يتحدّث عما جرى في السابق، ولم يعطِ أي إشارة لما سيقوم به في الآتي من الأيام. استعار من المعارضة شعارها عما قبل القرار الاتهامي وما بعده، ليسقطه على «ما قبل الاستشارات النيابية وما بعدها»، من دون أن يوضح ما يريده.

ما تقدم خلاصة آراء شخصيات من تيار المستقبل عاتبة على رئيسها. تحمّله مسؤولية ما وصلت إليه أحوال الأكثرية السابقة التي باتت أقلية رسمية منذ يوم أمس. حالة إحباط وانكسار تسيطر على التيار، وخاصة على كوادره الوسطيين. ردة الفعل الشعبية أمس «نفّست» شيئاً من الغضب. فماذا بعدها؟
يبدو واضحاً أن تيار المستقبل لن يبقى في الشارع. يقول أحد النواب المقربين من الرئيس سعد الحريري إن «ثمة نقاشاً داخلياً في قيادة تيار المستقبل، يهدف إلى اختيار شكل التحرك المقبل. وحتى اليوم (أمس) لم نكن قد توصلنا إلى خيار. لكن المؤكد أن أي تحرك سيكون محكوماً بسقف ديموقراطي سلمي مدني. في الخلاصة، سنكون حالة ممانعة سياسية لهذا الانقلاب على الصيغة اللبنانية. فما جرى هزّ النظام اللبناني، إذ إن المشكلة ليست مشكلة أصوات نواب، بل هي مشكلة ميثاقية».
وقبل الختام، لا ينسى النائب ذاته أن يصف الحالة التي وصل إليها تياره السياسي بالقول إن «الناس أعطونا وكالة لنبيعهم سيارة، وعند التسليم، تبين أنها ليست سيارة، بل دراجة هوائية».
في اللقاءات التي يشهدها مقر الأمانة العامة لقوى 14 آذار، ليست الأمور أفضل حالاً. الناشطون الذين يمثلون مختلف أطياف «ثورة الأرز»، والذين لم يعتادوا كونهم «معارضة»، لم يتفقوا بعد على آلية مواجهة المرحلة المقبلة. بعضهم يرفع سقف مطالبه، «لكنهم جميعاً محكومون بما سيقرره تيار المستقبل».
وفي المستقبل، يقول قيادي من الصف الأول إن التيار لن يكرر ما حصل اليوم، وهو سيلاحق أي انفلات في الشارع لمنعه. لكن ثمة تحركات سلمية، كمسيرات شموع في المناطق، تأتي كإعداد لذكرى 14 شباط 2005، فضلاً عن تحويل ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري إلى مزار يومي. وبرأيه، فإن «الطرف الآخر مأزوم سياسياً. وسواء التزم (الرئيس نجيب) ميقاتي بما طالب به حزب الله، لناحية إلغاء المحكمة أو عدمه، فإن ذلك سيصب في مصلحتنا. التزام إلغاء المحكمة يعني منحنا مفعول 7 أيار جديد يدوم حتى انتخابات عام 2013، في حين أن عدم التزام مطلب حزب الله سيعني فشل ميقاتي وانتصارنا في مطلبنا. ونحن سيكون موقفنا السياسي مستقبلاً متمحوراً حول بندين: السلاح المتفلت في الشوارع والمحكمة الدولية. وفي مقابل كل قرار أو فعل لميقاتي، سنحدد موقفنا وتحركنا، بما في ذلك خلال الأيام القليلة المقبلة».
كلام القيادي المستقبلي لا يجد له صدى عند أحد النواب البارزين في كتلة المستقبل الذي يرى أن ما جرى خلال الأيام الماضية وانتهى بتكليف نجيب ميقاتي تأليف الحكومة المقبلة «هو بداية نهاية المشروع السياسي لسعد الحريري. فبإمكان الرئيس الحريري أن يستعيد وضعه الشخصي، وبإمكانه العودة عام 2013 إلى رئاسة الحكومة، لكن المشروع انهار».
وماذا عن الغد؟ يجيب النائب ذاته: «غداً يوم آخر. الناس فشّت خلقها. ولن يكون أي تحرك مستقبلي أكثر حدة مما جرى». وبرأي النائب المستقبلي، إن «الضياع الذي يعيشه المحيطون بسعد الحريري اليوم ناتج من غياب الموقف السعودي الواضح. وهذا الموقف الذي سيصدر قريباً سيكون مؤيداً للاستقرار في لبنان. وبعد ذلك، من الأسلم للحريري القول إنه لن يشارك. وهو لن يكون باستطاعته الاعتراض على قرارات الحكومة في القضايا الاستراتيجية، كقضية المحكمة الدولية».

 

 

شام نيوز- الأخبار