المسعى عربي..و«الخانة» إسرائيلية؟!

علي قاسم . الثورة
لم يكن الترحيب الإسرائيلي بمسعى «البعض العربي» غريباً أو مستهجناً، ولا هو خارج الحسابات.. فهو يبرز حين تصعد إلى الواجهة الأسئلة المحورية حول مسار الأحداث في سورية، ويخرج ما كتبه الساسة الإسرائيليون حين تتجه الأمور نحو فهم أوسع لتداعيات الحملة المنسقة سياسياً وإعلامياً ودبلوماسياً في ظل حراك محموم تتناسق فيه الأدوات وتندمج الوسائل إلى حد التطابق؟!
كثيرون يعودون إلى لغة الرهان على تبدلات قادمة.. وفي غالبيتهم يغمزون من قناة صراع الإرادات الدائر داخل مجلس الأمن.. ولا يترددون في رسم وهمٍ يراودهم.
فضيحة المسعى العربي ليس في تقاطعه مع الموقف الإسرائيلي، وهو أمر لا يختلف فيه اثنان.. بل في حديث إسرائيل علناً عن المكاسب التي ستجنيها من سقوط سورية وبجهد عربي فاضح، وذلك بالتناغم مع حديث أميركي مرادف يتحدث عن المصلحة في ذلك!!
بعض المواقف التي تفاجأت بخروج إسرائيل جهاراً لتعلن غبطتها مما يجري في سورية، تحتاج لإعادة نظر.. وأن يكون مدعاة غبطتها تواطؤ البعض العربي والذهاب إلى مجلس الأمن.
والكشف مبكراً عن أصابعها في هذا المسعى، يستدعي تأملاً مضاعفاً.. وأن تنزع حتى ورقة التوت عن المسعى القطري والسعودي الذي ينفذ مخططاً قد تطوعا لخدمته في ترجمة حرفية لأمر عمليات ارتضيا أن يكونا أدواته بالتوافق، يتطلب مراجعة جذرية.
الغبطة الإسرائيلية بالمسعى العربي تقلب المعادلة التي حاول الكثيرون التشدق بها.. بل ترد الغمز الذي حاول حمد أن يتفاصح به، وهو يسوق في مخططه وتآمره، ويرمي بالأوراق جميعها إلى الطاولة وقد احترقت دون أن يستطيع أحد -أيّاً كان- إعادة استخدامها.
بهذا المعنى يستدرج الموقف بالضرورة استنتاجاً منطقياً برسم البعض الآخر من العرب الذين ذهبوا مع القطري والسعودي ليصب في الخانة الإسرائيلية.. هل هم شركاء أيضاً.. وبانتظارهم شهادة حسن سلوك أميركية مدموغة بموافقة إسرائيلية.. أم أن لديهم رأياً آخر..؟!
سؤالنا لا ينتظر إجابة عاطفية لا تقدم ولا تؤخر.. ولا مواقف علنية وإعلامية ودبلوماسية، تمسحها مماحكات الغرف المغلقة والجلسات السرية..
الحسم في اختيار العرب للضفة التي تمثلهم ليس مطلباً سورياً.. ولا هو حاجة سورية بقدر ما هو مطلب عربي وحاجة ملحة عربية.. كما أن دفع العرب إلى لحظة الاختيار هذه لم يكن فعلاً سورياً.. ولا هو مسعى سورياً بل اقتضته وتقتضيه الهرولة القطرية والسعودية إلى حدود التطابق مع الأوامر الأميركية والرغبات الإسرائيلية.
المسألة لا تحتمل تأجيلاً ولا تسويفاً.. والتاريخ دائماً لا يرحم.. ونجزم أن الأمر وصل إلى نهايته والاحتفاظ بالازدواجية بين الموقف والقرار لم يعد متاحاً بعد اليوم..والمنطقة الرمادية في الموقف العربي اختفت تماماً.. وليست سورية من ألغى وجودها.. بل هذا التواطؤ إلى حد الفضيحة في الدور القطري والسعودي مع المطلب الإسرائيلي..
منذ زمن بعيد ورمادية الموقف العربي ترخي بظلالها وتحت هذا العنوان مرت وتمر صفقات على حساب المصالح العربية.. بل مرت حروب وأكثر من عدوان تحت هذه المظلة وكانت الحصيلة كارثية لا ينفع معها الندب العربي.
كل ما مر من مواقف رمادية عربية يمكن وضعه في كفة.. والموقف المطلوب من هذا التطابق بين المسعى القطري والرغبة الإسرائيلية في كفة أخرى.. ليست لأنها سورية فقط، بل أيضاً لأنها المعركة الفاصلة التي ستحسم النتيجة.. فإما موقف يؤسس لصحوة عربية رسمية وإما نعي أخير لهذا النظام حتى إشعار آخر..
قد يبدو من العبث المراهنة على هذه الصحوة في وقت قريب.. غير أن الإجابة على الأسئلة المحورية تلك التي تتشعب حول مسار الأحداث في سورية.. بالنسبة لنا محسومة.. ونصيحتنا، لا تراهنوا على غير ذلك.. ولا تُخدعوا بكواليسهم ولا بكذبهم ولا صورتهم الإعلامية المفبركة.. ولا ضجيج حربهم الكونية.. فقد مررتم ما يكفي.. فهذه سورية وهؤلاء هم السوريون نقطة فاصلة في التاريخ قديمه وحديثه.. وهم أيضاً وجهه اليوم- كانوا صانعيه-واليوم من جديد ومرة أخرى يصنعونه.. بإرادتهم بتصميمهم..
قيد «نفوس البعض» عربي و«الخانة» إسرائيلية.. مشهد آخر.. يتخم «عباءات» النفط.. يزيد تورمهم.. ويؤكد وباء استطالاتهم حيث تخوم «الجلالة» المغربية!!