المصري اليوم- موبايل الرئيس

تصور أنك عرفت موبايل الرئيس مبارك مصادفة، أو كنت معه على الخط فجأة.. ماذا تقول له على المستوى العام؟.. وماذا تقول له على المستوى الخاص؟.. عرفنا من قبل أن الرئيس عبدالناصر، كان يرد مصادفة على اتصالات المواطنين، وكان الرئيس السادات يفعلها أيضاً.. لم يكن أحد من هؤلاء يعرف رقم الرئيس الشخصى بالتأكيد.. ولكنها المصادفة البحتة، حينما كانت الاتصالات على التليفون الأرضى!
الافتراض ليس من عندى للأمانة، إنما هو فكرة الكاتب الكبير مفيد فوزى، فى كتابه «كلام مفيد.. رؤى حياتية»، افترض فيه أنه يعرف رقم موبايل الرئيس مبارك، وتساءل: هل يحمل الرئيس موبايل أصلاً؟.. وماذا عسى أن تكون أرقامه؟.. وما الرقم الذى يليق بمقام الرئاسة؟.. ثم انتهى إلى أن الرئيس لايحمل موبايل لأسباب أمنية، ولكنه يستخدم التليفون الأرضى بلا شك!
والأستاذ مفيد يرى، رغم هذا، أنه لو كان للرئيس موبايل، فسوف يحفظه فى مخه، ثم يمزق الورقة فوراً، مثلما يفعل مع الرقم السرى لبطاقة الفيزا.. وسيحاول الاتصال بالرئيس حتى يكون معه مباشرة على الخط دون حواجز.. لا يريد أن يكتب له رسالة ليقرأها بنفسه، ولا يريد أن يترك له رسالة صوتية، ولكنه يريد أن يتصل به مباشرة، لحاجة فى نفس يعقوب، والحاجات كثيرة!
يقول مفيد: «لو كنت أعرف رقم موبايلك يا ريس، لقلت كلاماً كثيراً فى صدرى.. كلاماً قد يغضبك، ولكنه ليس الكلام الفاتر المعاد ألف مرة، الذى تكتفى بقراءته من عنوانه، ولا تكمل السطور.. ولو أنى أعرف رقم موبايلك الرئاسى، لما ترددت فى مصارحتك بما يجرى وعتابك، فبحجم الحب الذى أكنه لك، يكون العتاب وتكون المصارحة».. فماذا قال مفيد؟ وماذا تقول أنت للرئيس؟
لا يختلف موقفك بالطبع عن موقف الأستاذ مفيد، قد تختلف معه فى الطريقة فقط.. يقول مفيد: «ماذا تريد كرئيس دولة من ناس بلدك؟.. تريد طاقات حماسهم، وتريد أن تزيل بنفسك حقول ألغام الإحباط وضمور الانتماء.. والأهم هو المعانى المترسبة فى أذهان الشباب، قادة الغد وكل المستقبل.. الشباب فى حالة حيرة بسبب الشائعات حولهم.. حيرة تجعلهم يكفرون بالبلد، ويقررون الهجرة ياريس!».
ولابد أنك تريد أن تبدأ مع الرئيس من البداية.. من صندوق الانتخابات.. حيث يكون التغيير، وحيث تكون الديمقراطية، وحيث يكون الحكم للشعب والكلمة للشعب.. ولابد أنك ستهمس للرئيس بشأن ضمان ونزاهة الانتخابات.. ولابد أنك ستتحدث معه حول قانون الطوارئ.. فلا يصح أن تجرى انتخابات برلمانية، ولا رئاسية تحت الطوارئ.. وسوف تقول له: افرج عن مصر يا ريس!
وإذا كان الرئيس سوف يسمعك ولا يضيق بك، فيجب أن تتحدث معه عن معاناة المصريين، مع انقطاع المياه والكهرباء، والمعيشة التى تحرق الجيوب والعقول.. وسوف تتحدث مع الرئيس، أكثر عن التعليم ومصيدة المدارس الخاصة، والجامعات الخاصة.. وسوف تشكو له ما يجرى فى المستشفيات، وعذاب المواطنين على أبواب المجالس القومية المتخصصة.. وسوف تقول كثيراً، والرئيس يسمع أكثر!
فرصة العمر أن تعثر على موبايل الرئيس، وأن تكون معه مباشرة على الخط.. هى فرصة العمر أن تبثه آلامك ومواجعك.. أن تقول له «إحنا الشعب».. وأن تصارحه دون تجاوز، لا يليق بمقام الرئاسة.. أن تقول له كلاماً فى صدرك وإن أغضبه.. أن تعاتب الرئيس كما عاتبه مفيد فوزى.. أن تكون فصيحاً فى التعبير عنا، فقد يصدر الرئيس قراراً جمهورياً.. تحتاجه مصر اليوم وليس غداً!
المصري اليوم - محمد أمين