المصري اليوم: المتظاهرون والأمن : لا تراجع.. ولا استسلام

تجددت مظاهرات «الغضب» في القاهرة وعدد من المحافظات، رغم حصار الأمن لشوارع وميادين العاصمة، ووقعت اشتباكات بين مئات المتظاهرين وقوات الأمن أمام دار القضاء العالي, وحاصر الأمن أمس العشرات داخل نقابة الصحفيين، والمئات في نقابة المحامين. واندلعت مواجهات عنيفة بين الشرطة ومئات المتظاهرين في مناطق عدة بالقاهرة، أبرزها شارع الجلاء وميادين روكسي والعتبة وعبدالمنعم رياض. واستخدم الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين، وأصيب عدة متظاهرين ونقلوا إلى المستشفيات لتلقي العلاج. وكانت قوات الأمن قد فرضت حصاراً شديداً على الشوارع والميادين الكبرى في القاهرة، وتحديداً رمسيس والجلاء وعبدالمنعم رياض وطلعت حرب والتحرير، وإمبابة والعجوزة، والمهندسين وبولاق، وميت عقبة ومدينة نصر، مستعينة بسيارات الأمن المركزي والمدرعات والمطافئ، وأغلقت الشوارع المؤدية لوزارة الداخلية تماماً، وأغلقت الشركة المصرية لتشغيل مترو الأنفاق محطات وسط القاهرة. وفرقت قوات الأمن أكثر من ألف متظاهر في شارع رمسيس، واعتقلت عدداً منهم، كما أجهضت مظاهرة أمام مسجد الحصري بمحافظة ٦ أكتوبر، وتمكنت من تفريق المتجمهرين قبل أن يبدأوا التظاهر. وفي شمال سيناء، تجمع لليوم الثاني على التوالي عشرات المتظاهرين بقرية المهدية جنوب رفح، وقطعوا طريق العريش الدولي، وشهدت مدينة الشيخ زويد وقفة طالب خلالها المحتجون بالإفراج عن المعتقلين. وشهدت محافظات الإسكندرية والدقهلية والقليوبية وبني سويف ودمياط مظاهرات محدودة، وإن تصاعدت في دمياط التي شهدت اشتباكات انتهت بتفريق المتظاهرين. واعتبر أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، أن الشرطة تدخلت في حالات محددة هي «تهديد الأمن وتخريب الممتلكات العامة». وأضاف في تصريحات، على هامش اجتماع المجلس القومي للتخطيط بالأقصر، أن الحكومة تضمن حرية التعبير للمواطنين، وأن الشرطة التزمت بأقصى درجات ضبط النفس. واتهم الدكتور مجدي راضي، المتحدث باسم مجلس الوزراء، قوى سياسية ـ لم يسمها ـ باستغلال المظاهرات لتحقيق مصالح عبر الغوغاء، واللجوء للتخريب والعنف.
من جانبه، وصف الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم المظاهرات بأنها «جزء من التطور الديمقراطي الذي يؤمن به الحزب». وأضاف في بيان : «حزب الأغلبية يتسع صدره لمطالب الشباب ويتفهمها».. لكنه يرفض اللجوء إلى العنف وتخريب الممتلكات العامة والإخلال بأمن المجتمع، ويرفض دعوات التحريض والإثارة التي تقوم بها جماعة الإخوان المحظورة لاستغلال الشباب في تنفيذ أجندة الفوضى.
من جانبه وصف الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي، مظاهرات المصريين فيما يسمى «يوم الغضب» بأنها «ظاهرة تاريخية» لم تحدث منذ خمسين عاما على الأقل. وأكد «عكاشة» أن تعامل الأمن مع المتظاهرين بعنف يحول المظاهرات من سلمية إلى عنيفة.
وقال «عكاشة»، إن ما حدث في تونس كان راية ترفعها الشعوب، وصرخة للمساعدة والاحتجاج، رافضا وصف المحتجين أو حتى المنتحرين بـ«المرضى النفسيين».
وأضاف عكاشة: «سبق أن قيل إن جميعهم مرضى نفسيون ولكنني أؤكد أن المريض النفسي لا ينتحر في الشارع وأمام مجلس الشعب.. المريض ينتحر في غرفة نومه بعيدا عن الأنظار.. من انتحروا أمام الجميع لديهم معاناة اقتصادية واجتماعية من الغلاء والفقر، لذا أرادوا أن يصرخوا للمساعدة، لكنها صرخة شديدة، حيث قرروا أن يفارقوا الحياة».
ووصف عكاشة «يوم الغضب» بأنه ظاهرة تاريخية، فمنذ ثورة يوليو تموز لم يقل مصري رأيه هكذا، كما استنكر العنف ضد المتظاهرين، مشيرا إلى أن التعامل الأمنى العنيف معهم هو ما يحول المظاهرات من سلمية إلى أخرى عنيفة، موضحا: «عدم السماح للمتظاهرين بالتعبير عن شكاواهم ومعاناتهم قد يكون له رد فعل شديد جدا من الشعب، لذا أرجو من رجال الأمن أن يهدأوا في التعامل مع المظاهرات السلمية لأن العنف يولد العنف».
صحيفة المصري اليوم