المطلوب.. موقفٌ أخلاقيّ أممي مسؤول!؟

شارل كاملة .تشرين
لم تكن مخاضاً عسيراً، ولا معضلة شائكة ومعقدة عملية إعادة بان كي مون أميناً عاماً للأمم المتحدة مرةً ثانية.. ويمكن التأكيد هنا أنه وفي حال استمراره على نهجه الذي حرف الأمم المتحدة عن أهدافها وميثاقها ومراميها الكونية ستتسمر إعادته إلى سقف الهرم الأممي إلى ما شاءت أميركا وإسرائيل وغربهما المتصهين بامتياز..!
لا يمكن المجازفة بهذا الحكم من دون ما يوثقه، وللحقيقة ولمن يريد التوثيق: لا يمكن حصره في زاوية ضيقة المساحة، لكن لا ضير من أضغاث خزائن حبلى ومتخمة وتكاد تنفجر وتفجّر العالم معها..!
وتكفي وثائق الاحتلالين الإسرائيلي لفلسطين، والأميركي للعراق، وما بينهما، وأخواتهما، وإفرازاتهما الكارثية، لنعرف أسباب إعادة انتخاب بان كي مون.. ولنعرف كوامن الاستئثار به من دون سواه..!
أول نقطة كانت هي تلك المطواعية المميزة في تنفيذ التعليمات الأميركية بأمانة ودقة، ولاسيما حيال القضية المركزية للأمة العربية «فلسطين المحتلة».. فهو لم يخرج مطلقاً في مواقفه السياسية تجاه مشكلات العالم عن أسس رسمتها واشنطن وحددت اتجاهاتها إسرائيل!.
في كل عدوان إسرائيلي، لم يمسك بان كي مون العصا من منتصفها فنصفها على الإطلاق، بل كانت لجانب المعتدي برغم بعض توصيفات آثار العدوان والحصار وكفى الأمم المتحدة شرّ الحراك الفعلي –شكل دبلوماسي يتحدث عن كوارث وهدر الكرامة الإنسانية، فقر وجوع وانعدام مقومات الحياة البشرية- فيما الجوهر وهو التحرك الأممي وشرعة الأمم من أجل وضع حدّ للعدوان والجرائم بقي يخدم العدوان ويعطيه الضوء الأخضر للتمادي.. لم يغضب إسرائيل والولايات المتحدة برغم الانتهاكات السافرة التي كانت التقارير الدولية تصفها بجرائم حرب، إن كانت من ساحات العراق أو من أنهار الدم الفلسطيني المسفوح، وحتى في زيارته اليتيمة إلى قطاع غزة غداة محرقة العدوان الإسرائيلي انحاز لإيثار النداء للسلام لتجنب إدانة العدوان والصمت المطبق على الحصار الصهيوني للقطاع الذي لا يزال يعاني تحت وطأته مليون ونصف مليون محاصر -وحتى في غير عدوان إسرائيلي آخر- أليس الاستيطان عدواناً مستمراً يستوجب انخراطاً أممياً فاعلاً ليس لوقفه بل لاقتلاعه من جذوره كونه يتعارض مع قرار أممي بحل لدولتين، ووجوده نسف لدولة فلسطينية وإبقاء لكيان يسرح بما يفيض منه من عنصرية وفرض لأمر واقع..!
بالمطلق، إعادة بان كي مون إلى رأس الهرم الأممي تبقى مكافأة لمواقفه المزدوجة المعايير، وأولها حراكه الذي يبرئ ممارسات إسرائيل وانتهاكاتها المتواصلة وصمته عندما يستدعي الأمر المواقف والكلام ويديم العدوان ويدفعه لمزيد منه.. كلها كانت ديوناً استحق دفعها لولاية ثانية.. فهل تستوجب تلك الولاية ذاك الموت من الضمير؟؟!! ما سبق جرت قراءته جيداً وتم استقراء وما بعده أيضاً على قاعدة المقدمات تعطي النتائج.. فبعد أشهر ثلاثة تفصل عن موعد استحقاق فلسطيني بالغ الأهمية يتمثل في التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على اعتراف بالدولة الفلسطينية..! إسرائيل وأميركا أعلنتا الاعتراض وعدم الموافقة والاستنفار الدبلوماسي فهل سيقفز بان كي مون فوق الإرادة الأميركية أم أنه لم يعد مسموحاً له تلك الخطوة البهلوانية برغم شكليتها وصورية الاعتراف غير القابل للتطبيق على الأرض جراء السياسات الصهيونية والممارسات التي تسقط الحق الفلسطيني من اعتباراتها، وبالمطلق، بقيت الأمم المتحدة المفترض أن تكون ملجأ للحق خيمة للعدوان وملاذاً للمعتدي!!