المعادلة الصعبة ...جمود في سوق العقارات و الأسعار مازالت مرتفعة

هاني موعد - شام نيوز
بقيت أسعار العقارات على حالها خلال موسم الصيف مع ارتفاعات بسيطة بحدود 5- 6% وفق خبراء في مجال العقارات ، الارتفاعات تلك أرجعها بعض الخبراء إلى طلب المغتربين السوريين على العقارات إلا إنها و بنفس الوقت اعتبرت ارتفاعات بسيطة مقارنة بالأعوام الماضية ، حيث ان السوق كانت تشهد ارتفاعات كبيرة خلال قدوم المغتربين الذين يقومون بعمليات شراء كبيرة إما للاستثمار أو بهدف تأمين سكن مستقبلي لهم في البلاد حين العودة إليها .
هذا الموسم وصف بالجمود إلا انه لم يدفع الأسعار الملتهبة إلى الانخفاض لأسباب كثيرة تتعلق باستمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية و قلة العرض الموجود حاليا بالسوق و بالأصح محدوديته.
خبير العقارات د.عمار يوسف وصف حالة أسعار العقارات في سورية بالمعادلة الصعبة بين الجمود و استمرار للارتفاع و أرجع حالة الجمود تلك لعدم وجود العرض و قال لشام نيوز " قلة العرض سببه الأراضي حيث ان الدول تستملك جزء كبير من الأراضي و لا تطرح أراضي جديدة سواء للقطاع الخاص أو القطاع العام للبيع و لهذا يكون التعامل فقط مع العقارات الموجودة و الحل الوحيد هو توزيع الأراضي على القطاع الخاص تحديدا لان الدولة تأخذ العقار و لا تبنيه إلا بعد 10-20 سنين."
هذا سبب واحد من الأسباب لبقاء أسعار العقارات مرتفعة إلا ان هناك أسباب كثيرة دفعت الأسعار إلى الارتفاع خلال هذا العقد، حيث قدرت بعض الدراسات ان العقارات ارتفعت أسعارها بحدود 500% من عام 2002 وحتى 2009 أي بمقدار 62% سنوياً ، تلك الارتفاعات جاءت تحديدا من المضاربة و خاصة إنها كانت المتنفس الوحيد للاستثمار و تحريك للأموال المجمدة قبل افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية لتكون البديل القوي عن المضاربة بالإضافة إلى دخول بعض شركات الاستثمار العقارية إلى البلاد و استغلالها للأسعار المرتفعة للأراضي و المضاربة فيها ، و برأي د.يوسف فان المضاربة ستتوقف عندما يكون هناك عرض كبير للأراضي و العقارات.
و أضاف د.يوسف أن أسعار العقارات ترتفع بما يقارب 6% كل 6 أشهر على الرغم من الجمود الذي تشهده بالآونة الأخيرة.
و على الرغم من انخفاض لأسعار العقارات في بعض مناطق دمشق بنسبة 30% إلا ان عدد تلك المناطق معدودة على أصابع اليد الواحدة وانخفاض أسعارها يرجع لأسباب تتعلق مثلا بشح المياه فيها كبلدة جديدة عرطوز في ريف دمشق الا ان الطلب مازال كبيرا مثلا على ضاحية قدسيا و خاصة لما تشهده من تحسين للبنى التحتية فيها حيث شهدت مؤخرا ارتفاعا في أسعارها بما يقارب أيضا 30% بعد افتتاح الطريق الواصل إليها مباشرة من دمشق و المفارقة الكبرى أيضا أن بعض أحياء دمشق الراقية كتنظيم كفرسوسة و التي وصلت فيها أسعار الشقق إلى أسعار خيالية مليئة بالشقق الفارغة تنتظر مشتر أو ساكن لها و خاصة أنها لم تشهد حركة بيع أو شراء كبيرة خلال الموسم الماضي إلا ان الأسعار بقيت كحالها و أدخلت دمشق ضمن قائمة أغلى مدن العالم و السؤال هنا ...هل يسعى البعض لإبقاء دمشق ضمن تلك القائمة ؟
و من جانب أخر و للحد من أزمة السكن و خفض أسعار العقارات أصدرت الهيئة العامة للتطوير والاستثمار العقاري مؤخرا النسخة الأولى من الخريطة الاستثمارية لمناطق التطوير العقاري لتشمل 16 منطقة تطوير عقاري في مختلف المدن والمحافظات السورية.
وتهدف هذه الخريطة إلى تطوير مجتمعات عمرانية جديدة، إضافة إلى إعادة تأهيل وتنظيم عدد من مناطق السكن العشوائي المحيطة بالعاصمة دمشق ومدن أخرى.
وتركز الخريطة بشكل رئيسي على بناء السكن الاجتماعي الموجه لذوي الدخل المحدود والمتوسط عبر تخصيصهم بـ60 إلى 70 في المائة من المساكن المخطط إنشاؤها في مناطق التطوير العقاري المحددة.
وقال التقرير الصادر عن هيئة الاستثمار والتطوير العقاري "إن الخريطة العقارية تهدف إلى بناء 150 ألف مسكن جديد على مساحة 3 آلاف هكتار في مختلف المحافظات بتكلفة تصل من 300 إلى 350 مليار ليرة يتم تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة".
الا ان هذه التحركات في مجال التطوير العقاري لن تكون كافية كما قال الخبير في العقارات د.عمار يوسف لأنه يجب أن يكون هناك ما يوازيها من إعطاء تسهيلات تشريعية و إدارية و تطبيقها بشكلها الصحيح و يقول " هناك شركة تطوير عقاري أريد أن اشهرها و لكني وجدت 100 عائق أمامي هذا غير ما الزمنا به القرار من وضع ضمانة تصل إلى 100 مليون ليرة قبل المباشرة بالعمل ، يجب أن يكون هناك تسهيلات بما يخص الشركات التي ترغب بالعمل فيما يخص التطوير العقاري و بالأخص الشركات الأجنبية الراغبة في دخول السوق السورية لأن القانون يلزم تلك الشركات أن يكون لديها شريك سوري يملك الحصة الأكبر من فرعها السوري ."
و ساهمت بعض شركات التطوير العقاري برفع أسعار العقارات فهناك اتهامات لتلك الشركات بخروجها من الغاية التي نشأت من أجلها حيث إنها تقوم بشراء الأراضي بأسعار زهيدة مقارنة بالأسعار التي تبيع فيها تلك الأراضي إلا أن تلك الشركات تقول أنها تقوم ببيع الأراضي لان هناك تقصير من قبل الحكومة في تأمين البنى التحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي وطرق.
إلا أنه عدم وجود قانون يمنعها من المتاجرة في الأراضي، وكذلك عدم تحديد مدة زمنية يتم خلالها سحب الترخيص من تلك الشركة إذا لم تبدأ بتنفيذ أي مشروع على أرض الواقع شجع تلك الشركات على الاستمرار في تلك المضاربات ومما دفع بالحكومة بالتنبه حيث أعلن المسؤولون المختصون عن التوجه لوقف قيام شركات التطوير العقاري بالمتاجرة بالأراضي عبر إصدار تشريعات تجبرها على البدء بتنفيذ مشاريعها خلال فترة محددة.