المعارضة ردّاً على رافضي تعديل الدستور: الأسد يحتاج «حركة تصحيحية» للتخلّص منهم

انتقدت المعارضة السورية بشدة مطالب برفض تعديل الدستور تكررت خلال الأيام الأخيرة من أحزاب في "الجبهة الوطنية التقدمية" ومن قيادات "منظمات شعبية" تتبع لحزب البعث الحاكم، وقالت إنها محاولات "للمحافظة على امتيازاتهم غير المشروعة"، وتمثل "تباينا داخل السلطة"، الأمر الذي يتطلب من رئيس الجمهورية القيام "بحركة تصحيحية ثانية" لإطلاق مشروعه الإصلاحي، على حين اعتبر معارضون آخرون أنها تمثل "تجاذبات يحاول النظام أن يوحي من خلالها أن تعديل المادة الثامنة أو إلغائها إنما هو تنازل كبير جدا".
وخلال الأسبوع الأخير، صدرت مواقف من المنظمات الشعبية مثل "منظمة طلائع البعث" و"اتحاد شبيبة الثورة" و"الاتحاد الوطني لطلبة سورية" واتحادي "العمال" و"الفلاحين"، إضافة إلى بعض من أحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" الحاكمة، تشكك بصريح العبارة بنتائج "اللقاء التشاوري" التمهيدي لـ "مؤتمر الحوار الوطني" وتعتبره "غير ناجح" وترفض تعديل الدستور السوري وخصوصا المادة الثامنة التي تتحدث عن قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع
وكان اللقاء الذي قاطعته الأحزاب والشخصيات المعارضة داخل البلاد انتهى بـ18 توصية من أبرزها تشكيل لجنة سياسية وقانونية لدارسة المواد القابلة للتعديل في الدستور الحالي وخصوصا المادة الثامنة منه تمهيدا لبناء دولة مدنية تعددية ديموقراطية.
وقال الكاتب والصحافي المعارض حسين العودات لـ"الراي" معلقا على الأصوات التي ترفض تعديل الدستور إن "هؤلاء يريدون أن يحافظوا على امتيازاتهم غير المشروعة، فلقد تعودا أن يكونوا سلطة على سورية وليس شركاء في الحكم، وتعودوا أن يرفضوا أي شريك، وهم لم يسمعوا بالآخر ولن يقبلوا به، وهم يبحثون عن مصالحهم الذاتية حتى ولو دمر الوطن".
وأضاف "إن هؤلاء في عصر مضى ولم يعودوا في القرن الواحد والعشرين، ولم يسمعوا بمواصفات الدولة الحديثة القائمة على مرجعية المواطنة والحرية والمساواة وتكافؤ الفرص وفصل السلطات".
وردا على سؤال حول أن كل المتحدثين باسم المنظمات السابقة قدموا أنفسهم على أنهم يمثلون مئات الآلاف من الشعب السوري، قال العودات "إنهم لا يمثلون أحدا ونحن لنا تجربة بهم في البلدان الاشتراكية، فبعد أن انهارت تلك الأنظمة أين أصبحت كل هذه النقابات والاتحادات؟ بل لم تجد من يقول لها أين تذهبون؟ وبالتالي فإن هؤلاء موهومون ويعتقدون أنهم يمثلون أحدا وهم لا يمثلون أحدا ولا أي شريحة من شرائح المجتمع السورية، وإنما هم مجموعة من الانتهازيين والبيروقراطيين والمتسلقين والمدلسين والمتملقين لا أكثر ولا أقل، أما أن يقولوا نحن نمثل ونحن نريد أو لا نريد فليذهبوا إلى الجحيم".
وعن تفسيره للحالة التي لم يعتد فيها السوريون على مثل هذا النقض من قبل مستويات أقل لمشروع إصلاح يقوده رئيس الجمهورية بشخصه حيث تحدث الأسد عن تعديل المادة الثامنة وربما إعادة النظر بالدستور كله، وهو ما عاد وأكد عليه نائب رئيس الجمهورية فاروق الشرع خلال اللقاء التشاوري الأمر الذي ظهر بشكل واضح في توصيات هذا اللقاء، قال العودات "إن هؤلاء المسؤولين أولا أعمتهم مصالحهم وضيق أفقهم فهم لا يرون أبعد من أنوفهم ويتصرفون وكأنهم وحدهم في روما"، وأضاف: "يوجد تباينان في داخل السلطة بمختلف جوانبها وقطاعاتها وهذه التباينات إن بقيت الأمور من دون حسم فستصل إلى تناقضات وهو أمر واضح سواء داخل الحزب أو داخل جهات أخرى".
من جهته، قال سكرتير "الحزب الديموقراطي التقدمي الكردي في سورية" عبد الحميد درويش معلقا على الهجوم المنسق من قبل قيادات المنظمات السباقة على مقررات "اللقاء التشاوري" إن "هؤلاء صار لهم أربعون سنة وهم متشبثون بآرائهم ويقولون إن حزب البعث قائد للمجتمع والدولة، لكن الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي قد تخلى عن قيادة المجتمع والدولة، وكذلك جميع الدول الاشتراكية، لكن في حزب البعث مازالوا غير فاهمين ما يحصل في هذا العصر من تطورات، وهذا الأمر يخصهم لكن الشعب السوري لابد وأن يتخطى هذا الأمر".
وقال "إن الأكراد عاشوا في مرحلة حزب البعث حالة غير طبيعية فهناك ثلاثة ملايين ونصف كردي في سورية لكن لا يوجد ضابط واحد منهم في الجيش، ولا ضابط واحد في الأمن، ولا مدير ناحية واحد، ولا مدير منطقة ولا محافظ ولا وزير، فكيف يمكن النظر إلى وضع الأكراد قياسا على هذا الوضع".
واعتبر درويش أن "رئيس الدولة إذا ما أراد أن يفعل شيئا (في إطار مشروعه الإصلاحي) فأعتقد أنا كمواطن في سورية أنه يحتاج إلى حركة تصحيحية ثانية تهدف إلى إزاحة المحيطين به ممن يعرقلون مشاريع الإصلاح وبعدها يمكن له أن يفعل شيئا لسورية".
وأضاف: "أرى أن الوضع سيسير إلى الأسوأ والأسوأ في ظل هذا الحزب القائد للدولة والمجتمع". وإن كانت مواقف رؤساء "المنظمات الشعبية" الرافضة لتعديل الدستور، على خلاف ما تحدث الأسد عنه، تصب في فسحة الديموقراطية التي يسمح بها رئيس الجمهورية على اعتبار أن سورية تسير نحو دولة ديموقراطية تعددية مدنية، قال درويش "إنها دفاع عن مصالح شخصية وحزبية لا أكثر ولا أقل، وإن باتوا اليوم ديموقراطيين فليفسحوا المجال لتطبيق الديموقراطية
من جهته، قال رئيس الأمانة العامة لـ"إعلان دمشق" الناطق باسمها سمير نشار لـ"الراي" إن "المؤسسات التي ترفض تعديل الدستور مرتبطة ايديولوجيا بالنظام ومتفرعة كلها عن حزب البعث، وبالتالي فإن الدفاع عن مصالحهم ومواقعهم وايديولوجيتهم هو تحصيل حاصل".
شام نيوز. الرأي الكويتية
|