المعلم من دار السفير القطري: أين الأشقاء؟؟!!

في لقاء مطول مع السفراء العرب في سورية أقيم مساء أمس في دار السفير القطري
توجه وزير الخارجية وليد المعلم بحديثه مشيراً أن كلاً من روسيا والصين وإيران أصدروا بيان استنكار للعقوبات الأميركية والأوروبية على سورية، متسائلاً «أين الأشقاء؟» ليذكر «بأن سورية لم تتأخر إطلاقاً في مساندة أي قطر عربي في قضاياه» و«بأن سورية قيادة وشعبا لديها عشم بأشقائها العرب ألا ينفردوا بها قطراً بعد قطر». مكرراً «كلنا معرضون». و«بكل صراحة أقول إننا عاتبون على أشقائنا العرب من باب المحبة والأخوة على الأقل، أن يظهروا تضامنهم مع سورية في مواجهة هذه العقوبات بشكل يظهر أننا أصدقاء خصوصاً في أوقات الضيق».
السفير القطري في دمشق زايد بن سعيد الخيارين، عبر عن تمنياته «العميقة» في أن «تعدي الأزمة في سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد» مكرراً التذكير بالعلاقة «الخاصة التي تجمع قيادتي البلدين كما الشعبين». السفير القطري، دون مناسبة سياسية اختار أن يجمع نحو العشرين من ممثلي البلدان العربية في سورية، على شرف وزير خارجية البلاد وليد المعلم، كنوع من إعادة التذكير بما يجمع البلدين من علاقات مميزة، تم بناؤها في ظل أزمات لا تنسى، لم يشر السفير الخيارين لتلك الأزمات أو مسيرة الدبلوماسية المشتركة بين الدوحة ودمشق ومحطاتها، كما لم يتعرض لكثير من علامات الاستفهام في الحاضر المعقد، ولكنه حرص على التأكيد من خلال مقدمة اختار كلماتها بعناية أن استجابة الوزير المعلم لهذه الدعوة هي بمثابة «تأكيد لمتانة العلاقة التي تجمع بين قطر وسورية»،و«العلاقة القوية والأخوية بين البلدين» وليختم تمنياته بـ«الأمن والاستقرار لسورية في ظل القيادة الحكيمة للرئيس بشار الأسد».
كلام وافق عليه المعلم حين وصف اجتماع الأمس بأنه «يعكس الحرص على العلاقات الثنائية (بين البلدين) والتضامن العربي المتمثل من خلالكم (السفراء) عبر العمل العربي المشترك»، ويضيف المعلم في قاعة الاستقبال لمنزل السفير القطري في دمشق أن «توقيت المبادرة مهم لأن الكثير من وسائل الإعلام والأوساط الأخرى تشكك في متانة هذا التضامن العربي» مؤكداً وهو يتنقل بين وجوه الحاضرين «أن المصير مشترك والمستقبل مشترك بين الدول العربية».
ويتابع المعلم بعد نفس عميق أن «الأحداث التي تجري على الأرض لها دائماً وجهتا نظر، ولكني أقول بثقة إن هذه الأزمة رغم شرورها فإنها أيضاً حملت في طياتها دروساً وعبراً» وهو ما يوافق عليه الحاضرون ولاسيما في تعبير كل سفير على حدة عن شعوره العام والخاص تجاه الأحداث الأخيرة في سورية.
ينتقل بعدها وزير الخارجية إلى آخر التطورات الدولية المتعلقة بالشأن السوري ولاسيما «..الضغوط التي تمارس علينا تحت ذرائع حقوق الإنسان وما إلى ذلك من الإجراءات الأوروبية والأميركية». يقول «لن أتوقف كثيراً عند الأميركية لأنها جزء من مسلسل مستمر منذ العام 1978 حين اتخذ الكونغرس قراراً بضم سورية إلى لائحة الدول الراعية للإرهاب، وتلا ذلك مجموعة من الإجراءات وآخرها إجراء ما يسمى قانون محاسبة سورية، وأخيراً هذا الإجراء بوضع أسماء كبار المسؤولين على اللائحة الأميركية» ويوضح المعلم أن العلاقات السورية الأميركية منذ الاستقلال وحتى اليوم «لم تشهد فترة يمكن تسميتها بفترة علاقات طيبة، وهي كانت دوماً متوترة والسبب يعود لموقفنا من إسرائيل» ويذكر أنه حين كان سفيراً لسورية في واشنطن (1991) «زارني مستشار الأمن القومي حينئذ مارتن إنديك، وأخطأت (متهكماً) وبحثت معه العلاقات الثنائية، وكان رأيه أن العلاقات الثنائية لا يمكن أن تتحسن بوجود إسرائيل لأنها ستعتبر هذا التحسن على حسابها». ويضيف «وأنا هنا لا أناقش الالتزام الأميركي بأمن إسرائيل، ولكن أسأل هل يستقبل (رئيس وزراء إسرائيل بنيامين) نتنياهو في الكنيست الإسرائيلي مثلما استقبل في الكونغرس الأميركي؟ 32 مرة من التصفيق وقوفاً خلال خطابه؟ هل هو رجل سلام؟ هل صنع سلاماً؟ هل أوقف الاستيطان؟» يسأل المعلم: «يتبارون من أجل أصوات يهودية في الانتخابات الأميركية، حتى (الرئيس الأميركي باراك) أوباما تراجع عن حدود الدولة الفلسطينية التي أعلنها في خطابه بعد 48 ساعة فقط، لذا يستنتج المرء أن الولايات المتحدة لا يؤتمن عليها في القضايا العربية».
وينتقل المعلم إلى عقوبات الاتحاد الأوروبي فيقول «للأسف كنا نعتقد أن الاتحاد الأوروبي شريك يعتمد عليه. ووجدنا أنه في نهاية المطاف يريد تأكيد مصالحه على حساب مصالحنا» ويشير المعلم بمنزلة التوضيح أن سورية هي التي جمدت اتفاقية الشراكة مع الاتحاد لا العكس لأنه بعد استشارة دول عربية خاضت تجربة مماثلة «وجدنا أنها مجحفة بحق سورية».
ورأى المعلم أن «تاريخ أوروبا استعماري في المنطقة وعانينا منه وعانى آباؤنا وأجدادنا منه، والآن يبدو لي أنهم يدفعون بمسالة حقوق الإنسان كأولوية، وهنا أتساءل كيف الحرص على حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته يقومون بتجميد كل عملياته التنموية في سورية، عبر وقف قروض الاستثمار الأوروبية ووقف التعاون في برامج الإصلاح الاقتصادي والتنمية؟!».
ويستنتج «أن هدفهم الضغط على سورية دولة وشعبا، ومع ذلك أقول إنهم أخطؤوا كثيراً حين تطاولوا على الرئيس بشار الأسد، لأنه رمز للسيادة الوطنية، كما أخطؤوا في محاولة التحريض لمجموعات على الشغب لمواصلة هذه الأزمة».
ويذكر المعلم أنه استقبل منذ مدة قصيرة سفراء عدد من الدول الغربية معاً، وأنهم قالوا له إن بعض المثقفين يتصلون بهم ويعلمونهم برغبتهم في الحوار، مضيفاً إنه تساءل «لماذا الاتصال بكم؟ لماذا لا يتصلون بالمستشارة الرئاسية بثينة شعبان إن كانوا حريصين على هذا الحوار؟» مضيفاً إن شعبان «قامت بالاتصال بهم وبعضهم رفض وبعضهم قبل، وبعضهم وضع بين قبوله والرفض شروطاً» وقال إن الحكومة استنتجت «من حوارنا مع بعضهم أن هذه السفارات تحرضهم على الاستمرار في التظاهر» ليتساءل مجدداً «ماذا يريدون؟ استمرار الأزمة أم الإصلاح؟» ثم يجيب «أؤكد بكل ثقة أن الإصلاح قادم، وأنه لا يحدث بعصا سحرية ويحتاج إلى وقت وأي تشريع يحتاج لوقت واستمزاج الناس فيه، وهو عملية مستمرة لا تتوقف وهو سيؤدي إلى خروجنا أقوى من هذه الأزمة وأكثر تماسكاً».