المفاوض الإسرائيلي الأسبق مع سوريا : لا حوار مع الرئيس الأسد

قال "إيتمار رابينوفيتش" رئيس الطاقم الإسرائيلي المفاوض لسنوات مع السوريين " لا مفاوضات إسرائيلية- سورية ما بقي الرئيس بشار الأسد في سدة الحكم في دمشق" ، حسبما ذكرت صحيفة " السفير " اللبنانية
و قال "رابينوفيتش" ذلك لجمهور صغير ممن جاؤوا مساء الجمعة الماضية إلى الأكاديمية الدبلوماسية في باريس، للاستماع إلى مداخلة مركزة وشبه سريعة من الإسرائيلي الذي رافق محطات المفاوضات السورية الإسرائيلية الطويلة من مدريد، الى بلير هاوس، الى شيبردزتاون في التسعينيات، إلى المحاولات التركية في اسطنبول لاستئنافها في الألفية الثالثة، إلى أن أوقفها الرصاص المسكوب على غزة قبل ثلاثة أعوام تقريباً.
وقال الخبير الإسرائيلي الأبرز في القضايا السورية " إن إسرائيل لن تكون مهتمة مستقبلا باستئناف أي مفاوضات مع الأسد، لأن "نظامه فقد شرعيته" ولم يعد قادراً على تقديم أي ضمانات لتنفيذ أي اتفاقات مستقبلية تعقد معه. وتوقع أن تدخل سوريا مرحلة طويلة من الفوضى من دون أن يستبعد "أن تصل شريحة من الجيش السوري إلى ما سبقتها إليه شريحة من الجيش المصري، للتحالف مع الانتفاضة ضد الدولة" على حد زعمه .
وقال رابينوفيتش إن إسرائيل غير مهتمة ببقاء الرئيس السوري في السلطة، وإن كثر أساؤوا تفسير الموقف الإسرائيلي من الرئيس الأسد بسبب نصيحة أسداها ارييل شارون عام 2005 للرئيس الأميركي السابق جورج بوش بعدم زعزعة النظام السوري "لأن الذي نعرفه أفضل من ذلك الذي نجهله" على حد تعبيره ، في إشارة إلى نظام يخلفه ويسيطر عليه "الإخوان المسلمون". وكانت الإدارة الأميركية السابقة قد عملت على محاصرة النظام السوري بسبب دوره في مقاومة احتلالها للعراق واتهامه بلعب دور في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
وقال رابينوفيتش إن السوريين هم من أوحى بأسطورة حرص إسرائيل على بقاء الرئيس الأسد في السلطة من خلال المقابلة التي أجراها ابن خاله رامي مخلوف مع صحيفة "نيويورك تايمز" والتي ربط خلالها بين الاستقرار في سوريا و"إسرائيل"، ثم سمحوا للمرة الأولى ، بعد 40 عاماً من الهدوء في الجولان السوري المحتل بتهديد الاستقرار والسماح للفلسطينيين باختراق خطوط وقف إطلاق النار، والتظاهر على مقربة منها.
وشهدت المفاوضات الإسرائيلية - السورية ( غير المباشرة) في اسطنبول، انقلابا جذريا في التعاطي معها من قبل الطرفين بسبب التحالف الإيراني - السوري، الذي أصبح عنصرا جوهريا في أي صفقة قد تسعى تل أبيب لعقدها مع دمشق، حسبما ذكرت " السفير".
وقال رابينوفيتش إن جوهر أي تسوية منتظرة مع دمشق في التسعينيات كان أرضيا بامتياز، وكانت المفاوضات تدور على مبادلة الإجراءات الأمنية بين الطرفين، وخطوط الانسحاب، والتطبيع وتحديد مراحله. وقال إن المفاوض السوري في بلير هاوس، وزير الخارجية السابق فاروق الشرع قد حدد بتصريح واضح جوهر النزاع بأنه يدور حول الحدود وليس حول وجود إسرائيل، وهو يبرر تفضيل المسؤولين الإسرائيليين تحريك المسار السوري، على الانخراط في المسار الفلسطيني الأكثر تعقيدا، لأنه يتطلب تسوية معقدة ومؤلمة بين حركتين قوميتين: العربية والصهيونية، وفوق ارض واحدة هي فلسطين التاريخية.
وفي المفاوضات غير المباشرة، التي أشرف عليها الأتراك في اسطنبول، لم تعد المعادلة الصعبة التي جرى البحث فيها هي الأرض مقابل السلام. وأصبحت الصفقة مع سوريا، كما قال رابينوفيتش، تبحث عن أفضليات جيواستراتيجية، وتتركز على فك تحالفها مع إيران وإبعادها عن حزب الله وحماس، وليس على مجرد مبادلة الانسحاب بإجراءات أمنية أو تطبيع فحسب.
فغداة حرب تموز 2006 فوجئ الإسرائيليون بحجم القوة التي بلغها حزب الله وبالترسانة الهائلة التي تمكن من الحصول عليها من إيران وسوريا لتهديد الأمن الإسرائيلي. وخلال المراحل الأولى من المفاوضات التي جرت ما بين شباط 2007 وتوقفت في كانون الثاني 2008، طرح الوسطاء الأتراك على الجانب الإسرائيلي سؤالاً أساسياً عن مدى استعدادهم للانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967، فيما كانت الأسئلة التي طرحت على السوريين تتعلق بمدى استعدادهم للخروج من محور الممانعة، والتخلي عن تحالفهم مع إيران ووقف دعمهم لـ حزب الله وحماس، مقابل تعهدات بالانسحاب من الجولان وإقامة السلام.