المفاوضات السورية – التركية تنطلق قريباً

يعرب دبلوماسي أوروبي عن اعتقاده بأنّ المشهد الإقليمي بدأ يتبلور بصورة واضحة بالنسبة لعواصم القرار، لاسيما بالنسبة لسوريا التي يبدو أنها أبرمت تفاهمات محددة مع المنظومة الدولية أعادتها إلى المعادلة وفق ما يقول موقع النشرة اللبناني .
ففي موازاة التراجع الواضح في الموقف الدولي الضاغط باتجاه سورية وانكفاء الهجوم الدبلوماسي والسياسي عليها، يسجل الخط السوري – التركي حماوة اتصالات واسعة النطاق، لاسيما بعد أن تمكن كل من الدولتين من تجميع المزيد من الأوراق الرابحة فالخط الذي يمثله رئيس الحكومة التركية تمكن من تحقيق فوز مريح في الانتخابات الأخيرة، بينما استطاع الرئيس السوري بشار الاسد تحقيق انتصارات عسكرية على العصابات المسلحة، في إشارة إلى الإخوان المسلمين المدعومين من قبل تركيا التي تتواصل مع قياداتهم العليا في مصر وتحركهم وفق منظورها الخاص.
ويشير الدبلوماسي إلى أنّ الاتصالات القائمة بين الدولتين على أرفع المستويات توحي وكأنّ المفاوضات الرسمية بين البلدين على وشك البدء، إذا لم تكن قد بدأت فعلا، وذلك بعلم من الولايات المتحدة التي سارع رئيسها باراك أوباما إلى الاتصال برئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مهنئا، بحيث تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومة التركية خصصت اجتماعها الأخير للبحث في تطور الأوضاع في سوريا في ظل عدم استجابة القيادة السورية للنصائح التركية التي أثبتت الوقائع والممارسات بأنها ليست اللاعب الإقليمي الأبرز كما هو مفترض، فضلا عن أنها ليست صاحبة الكلمة الفصل في المنطقة، بدليل عدم استجابة الرئيس السوري بشار الاسد لأي من نصائح أردوغان، بل على العكس تماما فإنها كانت مدعاة سجال.
وما يعزز هذا الاعتقاد وفقا للموقع هو دعوة وزير الخارجية التركية لسفرائه في دول الجوار بمن فيهم السفير التركي لدى إسرائيل في محاولة لتوضيح صورة الموقف التركي الذي يحاول تقديم نموذج الحكم السني الديمقراطي في المنطقة من خلال احتضانه للنازحين من سوريا أولا، والتعاطي مع الوضع انطلاقا من دور الشرطي.
أما بالنسبة إلى سوريا فيعتبر الدبلوماسي أنّ القيادة السورية تمكنت من مواجهة الضغوط التركية بنجاح، وفوق ذلك استفاد من علاقاته وتحالفه الاستراتيجي مع إيران من خلال عدة أمور وملفات ليس أولها ممارسة ضغط إيراني اقتصادي باتجاه تركيا التي تعتبر أنها لا تملك أي عداوات سياسية أو عقائدية مع أي من دول المنطقة، وهي تستفيد من هذا الواقع لتعزيز نفوذها وقدرتها الاقتصادية من خلال التفاهمات المبرمة سابقا مع سوريا وايران والدول المحيطة.
غير أنّ الحسابات التركية – الاميركية لم تتطابق مع الحسابات السورية - الايرانية فالمحور الاول راهن على مفاعيل الضربة الخاطفة وعدم القدرة على استيعابها بالسرعة المطلوبة، فيما عمل المحور الثاني على الاستفادة من الثغرات التركية – الاميركية من خلال تواصله مع المعارضة الداخلية واطلاق اصلاحات تناسبهم من دون الالتفات إلى مصالح المعارضة الخارجية التي استضافتها تركيا وحركتها على مستويات سياسية وامنية لم يقدر لها النجاح.
ويختم الدبلوماسي بالتأكيد بان بوادر التفاهمات بدأت تبرز على الساحة السورية، بدليل لجوء النظام السوري إلى الشارع في استعراض قوة ناجح، وذلك بعد استعادته لزمام المبادرة العسكرية من خلال القضاء على مراكز القوة لدى المجموعات المسلحة، وكل ذلك في ظل صمت اميركي تعزوه وسائل الاعلام إلى الموقفين الروسي والصيني، بينما الواقع هو خلاف ذلك .