المكاشفة أولاً

زياد غصن- شام إف إم
أولى خطوات فجرنا المنتظر تتمثل في إجراء عملية مكاشفةٍ شفافة وجريئة، وإلا فإن هذا الفجر سيكون أشبه بسراب المياه الذي يُخيّل وجوده لعابر الصحراء.
يجب في هذه العملية الاعتراف أن إدارة الأزمة اقتصادياً واجتماعياً لم تكن ناجحة، وأن السياسات المطبقة زادت من معاناة الناس لصالح فئةٍ صغيرة من المتنفذين وأثرياء الحرب، وأن الفساد تحول إلى ثقافة تنخر في بنية الدولة والمجتمع.
ليس في الأمر جلدٌ للذات كما يحاول البعض تصويره للهروب من استحقاق المكاشفة، لكن جميعنا يدرك أن الخطوة الأولى في مواجهة الخطأ وتصحيحه تكمن في الاعتراف به. وهذا ما نصت عليه جميع الديانات السماوية والعلوم والقوانين.
قد يسأل البعض، وماذا تريد منا أن نعترف؟
أقول لهم: يجب الاعتراف أننا نتجمل في أرقامنا، خططنا، مشروعاتنا، بياناتنا، ومعلوماتنا، وأننا نخفي ما يحصل من تجاوزات ومخالفاتٍ مهددة لبنية الدولة والمجتمع، وفي قطاعات عديدة، وأننا في خياراتنا لشغل الوظائف والمناصب الحكومية لم نكن موفقين دوماً، أو لم نكن منحازين للكفاءات والخبرات، وأننا في كل مرة كنا نضيع فرصة التصحيح والتعديل، ونصرّ على المضي قدماً في قتل الأمل.
عندما نعترف بذلك، سيكون من السهل جداً معالجة ما نحن فيه، وفتح طريق واسع للأمل، والأهم أنه سيكون باستطاعة البلاد أن تهزم العقوبات الغربية بكل أهدافها وغاياتها المخفية والعلانية.
في الثمانينات اعترفت البلاد بأزمتها الاقتصادية واستطاعت تجاوزها.
وفي بدايات الألفية الثالثة اعترفت البلاد بالفقر، وتمكنت أولاً من التغلب على الفقر الغذائي قبل أن تقع الأزمة، وتمنع البلاد من إنجاز مهمتها في التغلب على الفقر العام.