النفي ..... والنفي المضاد !!!

 

 

علي قاسم - الثورة

  

تنشغل بعثة المراقبين في النفي والنفي المضاد، ويكاد هذا النفي أن يكون يومياً وأحياناً أكثر من مرة.. وهو حتى الآن يخرج فقط ليدحض ذلك السيل من الشائعات، والأكاذيب، والدسائس، والافتراضات المسبقة، وليطرح في الوقت ذاته أكثر من تساؤل وليرسم علامات استفهام كبرى.

 

في المبدأ لم يعد هناك من شك أن هناك أطرافاً ودولاً وقوى لاتريد للبعثة أن تؤدي مهمتها، وأن مايجري هو عملية تشويش متعمد ومقصود في سياقين متوازيين الأول لإشغالها أكبر قدر من الوقت، والثاني عبر التحريض المسبق على عملها، وتالياً، التأثير على عمل المراقبين ووضعهم تحت ضغط سياسي وإعلامي متواصل، يدفع بالبعثة في النهاية إلى الانحراف عن دورها.‏

وفي التفاصيل؛ لاتخلو المسألة من اعتراف فعلي بأن عمل البعثة في سورية بأيامها الأولى فقط كان كافياً ليقوض المخطط الموضوع ويستنفد أغراضه وأهدافه الأولية المرسومة والدفع به نحو الحائط المسدود, وعملية الضغط تلك ليست في نهاية المطاف إلا انعكاساً لإحباط أصاب تلك الأطراف والقوى من المعادلة الجديدة التي فرضت على الأرض بشكل يغاير كل ماكان يرسمون له.‏

فالموافقة السورية، والتعاون مع البعثة لم يسقط القناع فحسب، بل أيضاً أدار اتجاه المعادلة بشكل مختلف تماماً.. والمتهم الوحيد اليوم هو تلك القوى والأطراف، فيما باتت سورية بهذه الإدارة المتقنة أحد عوامل القوة الناشئة في تلك المعادلة، وهو مايعني عملياً انقلاباً في الاتجاه وانفراطاً لعقد التحليلات والاستنتاجات التي سبقت بدء عمل البعثة.‏

وبالتالي، ماكان يسوق عن رفض سورية، وماكان يرسم من سيناريوهات افتراضية عن سعي سورية الى عرقلة عمل المراقبين كان مغلوطاً وقد سقط، مما أفقد حديث الغرب وأدواته في المنطقة أي مصداقية.‏

لذلك نرى هذا التصعيد والتسخين السياسي والإعلامي، والعودة غير المسبوقة لأجندات التحريض والتجييش وبتناغم كامل بين جميع قنوات الفتنة، وبالرتم ذاته، حتى يكاد المتابع لا يجد فارقاً بين هذه وتلك.. كل هذا نراه، اليوم، كمحاولة لاستعادة زمام المبادرة، خصوصاً بعد الإدراك بأن الأمور تخرج عن السيطرة، وأن جهد أشهر كاملة تطيح به بعثة المراقبين خلال ساعات.. فكيف سيكون الأمر بعد أيام؟!‏

من هنا، فعملية إشغال المراقبين بالرد يومياً وأحياناً ساعة بساعة يستدل منه كقصف تمهيدي يستدعي خلفه سلسلة من التداعيات القادمة والتي تحمل قدراً غيرَ متناه من الاعتراضات التي تتحرك بأصابع تتقاطع في غاياتها وأهدافها لتعيد رسم المشهد وفق مقتضيات السيناريو الجديد من الهجوم الذي يتم التحضير له.‏

لا أحد ينكر أنه كان من المبكر التعاطي بهذه الصيغة، مع عمل بعثة المراقبين.. ولا أحد يجهل حقيقة النيات والخفايا التي تم تحضيرها قبل أن تبدأ عملها.. لكن كان من المفارقة فعلياً أن تتعرض لهذا الهجوم المنسق من أطراف وقوى حولت التوقيع على البروتوكول إلى قضية القضايا وأولوياتها المطلقة في كل اتجاه، وفجأة يصبح بالمنطق الأميركي غير كاف.. وقد لا يؤخذ به؟!!‏

لذلك، لم يكن مستغرباً، أن يصل الأمر إلى استباق عمل المراقبين ونتائجه بحملة سياسية منظمة أعطت من خلالها واشنطن أمر عملياتها.. وانطلقت خلفه وفي سبيله أبواق وأصوات تجاهر في تجاوزها أي نتائج يمكن أن تصل إليها.‏

وما تهمس به واشنطن تنطقه العواصم الأوروبية، ويتحول إلى صراخ من قبل تلك الأدوات في بعض الدول العربية والاقليمية.‏

المؤكد، أن ماطفا على السطح حتى اليوم، ليس إلا مقدمة.. وماهو آت أبعد من ذلك بكثير ولن نستغرب بعد وقت قصير أن يتم الضغط باتجاه إنهاء عملهم قبل المدة المحددة، وهو مابدأت تباشيره في تلك الأصوات المبحوحة.. وفي المظاهر المقلقة فعلاً التي تشكل صدىً لتلك الأصوات، باعتراض عمل البعثة والتعرض للمراقبين أيضاً!!‏

على المقلب الآخر من المعادلة، تعود إلى الأذهان الفرضيات جميعها، وأن مايحضّر لسورية يستمر العمل فيه، وماهو مطلوب من الأدوات وتوابعها تقوم به وعلناً.‏