الهيب هوب..من موسيقى غربية إلى أداة للتغيير في العالم العربي

فيما وراء الكواليس في الربيع العربي منذ أواخر العام 2010، أصبحت موسيقى الهيب هوب ذات الصبغة السياسية هي موسيقى الحركات المساندة للديمقراطية عبر الشرق الاوسط وشمال إفريقيا.
قد يشكّل هذا الأمر مفاجأة للبعض - بحسب موقع ميدل ايست اونلاين - فكيف يمكن للهيب هوب، وهي موسيقى غربية تقليدياً، وأميركية بشكل خاص، أن تعني الكثير لحركة على مستوى الجذور تميّزها الهوية العربية بشكل خاص؟
طلبت مني Nomadic Wax، وهي شركة تسجيل عالمية ومؤسسة اجتماعية تتبع مبدأ التجارة العادلة، أن أحاول الإجابة على هذا السؤال لواحد من برامجها الإذاعية.
ما وجدته كان مجتمعاً عالمياً نشأ من جبال المغرب عبر أزقة صنعاء المغبرّة وشوارع لوس أنجلوس المعبدة ليخلق شكلاً خاصاً به من ثقافة الهيب هوب العربية.
"لطالما جسّدت الهيب هوب روح المقاومة"، يشرح عمر أوفندم، وهو مغني راب أميركي من أصل سوري، ملقياً الضوء على علاقة الهيب هوب بهذه الثورات.
أما الفلسطيني محمد إسماعيل فقد كان أكثر وضوحاً "عندما يكون الناس مستعدين فعلياً للثورة، يُفضَّل أن تصدّق أنهم يبدأون بوضع الأفكار الثورية والأغاني في رؤوسهم".
وهذه كلمات تنطبق بدقة في حالة حمادة بن عمور، مغني الراب التونسي الشجاع المعروف باسم "الجنرال"، والذي أطلق في شهر تشرين الثاني الماضي على الإنترنت أغنية "رئيس البلد" الموجهة بأسلوب الهيب هوب الناقد إلى الرئيس التونسي بن علي.
ويعود الفضل للأغنية، التي تتكلم عن المعاناة اليومية والكفاح، بإلهام الشباب التونسيين على الخروج إلى الشوارع احتجاجاً، لدرجة أن مجلة التايم اعتبرت الشاب البالغ من العمر 21 سنة واحداً من الشخصيات المائة الأكثر تأثيراً في العالم هذه السنة.
"هناك أناس يموتون جوعاً، ممن يريدون أن يعملوا حتى يعيشوا، ولكن صوتهم لم يكن مسموعاً، أخرجوا إلى الشارع وشاهدوا". تلك هي بعض كلمات أغنيته. هناك كلمات أخرى تعطي فكرة عن نوع المخاطرة التي يرتكبها فنانو الراب.
تملك موسيقى الهيب هوب، بأسلوبها الذكي في التلاعب بالكلمات وإيقاعها وتوزيعها القدرة على مخاطبة الشباب بأسلوب ذكي. فهي لا تنظر إلى الأسفل نحوهم وإنما تسعى لأن تعكس وجهات نظرهم، وهذه حقيقة ليست ببعيدة في منطقة يسود فيها مواطنون عمرهم أقل من 30 سنة.
ويرى مطرب الراب المغربي عبد الرحيم "الفارس" ضهر ذلك الأثر الذي يشعر أن موسيقى الهيب هوب تتركه على الشباب المغاربة.
"لقد أيقظت الشباب وأعطتهم تلك الدفعة ليقولوا: لا أريد أن أبقى في البيت وأعيش مع ذلك الخوف، لذا فأنني أريد أن أغير شيئاً اليوم في المغرب، أنه أمر عظيم. الكل يغني الراب".
هناك عامل جميل في ذلك بالطبع. و"جميل" لا يعني بالضرورة استحضار نوع الصور التي قد تبرز إلى الذهن بشكل تقليدي عند التفكير بالهيب هوب والمخدرات والنوادي والنساء.
ويوافق حجاج "إي جي" مساعد، المعروف بعرّاب الهيب هوب اليمني، مع هذا بشكل كامل. وهو يعتقد، بعد أن ابتعد بشكل صارم عن السياسة خلال الشهور الأخيرة من الاضطرابات، أن بإمكان الهيب هوب أن يشكّل أداة لتحقيق التغيير الاجتماعي". ومن المعارك التي قرر خوضها التعليم ومحاولة إبقاء اليمنيين الصغار في المدرسة.
"الشباب يصغون إلي. فأنا أرسل إليهم رسائل إيجابية على شكل هيب هوب. إنهم يحبون ما أفعله وأنا أنتقل بين العربية والإنجليزية"، يقول مساعد.
"المدارس/الأدوات/يجب أن تؤمن/إذا عشنا تعلمنا وأحببنا/انتصرنا على أعدائنا". تلك هي بعض كلمات أغنيته "بلادي"، التي تدعوا إلى العودة إلى التعليم لمحاربة الإرهاب. وتستمر الأغنية: "هناك الكثير من الأتباع. نريد قادة أكثر ليقودونا" ... لذا لا نريد إرهابيين رجاءً."
كان الفنانون الذين تكلمت معهم، ومعظمهم كتبوا كلمات أغانيهم التي تتضامن مع الثورات العربية، حريصين على التأكيد على ان الهيب هوب الواعي سياسياً لم يكن سوى مرحلة جنينية في العالم العربي. مع كل ما تم تحقيقه، لا يسعني إلا أن أفكّر أن مستقبله ومستقبل جمهوره، مشرق على ما يبدو.