الوعد .. كامن في البذور

 

 

 أحمد اسكندر سليمان - بلدنا

 

 

1- استمعت إليك بكل هدوء ورغبة في الاستماع إليك حقاً .. بصدر يتسع احتملتك، رغم اختلافي معك حتى نهاية حديثك، ولم أقل شيئاً، ولكن .. عندما حاولت أن أقول لك، إن التعصّب ليس إيماناً، بأنه النقص بل التشّوه مستتراً ومموّهاً في ادّعاء الكمال .. بأنه الشرير متنكراً في هيئة القدّيس .. بأنه الأدران التي يتركها النسغ في اللحاء وهويصعد الى القمة باتجاه النور متتبعاً ضوء الشمس ..

نعم ، حاولت أن أقول لك أيضاً، إن كل من قبض ثمناً ليحوّل رغبته في التغيير وثورته على الأدران إلى هيجان أرعن ومدمر، فهو بائع لا أكثر، وسوف يبيع حريته التي يطالب بها منذ اللحظة الأولى، ولن يشعر بها .. لم تتركني أقول ما أردت أن تعرفه عني، وكيف أفكر .. بدلاً من ذلك، لمستني حين مددت يدك بطريقة غير مهذبة، وهذا أسمّيه اعتداءً على وجودي، لأن جسدي هو وجودي، وهذا يغضبني.   

 
2 - تقاس صدقية وقوة فكرة ما، بعدد الذين يعتقدون بصحة هذه الفكرة دون ضغط أو إكراه .. أيضاً، تقاس قوة المركز الذي تعيّنت فيه هذه الفكرة باتساع المحيط الذي يتبع لهذا المركز بالضغط والإكراه أو بفعل التسمية المهذبة .. الإدارة ..أن ترث المعرفة دون قوة تمنحك إياها سوف يحيلها الى زوالها بفعل عدم جدواها أومردودها أو قابليتها للاستثمار. أيضاً، المعرفة التي تنتقل وتتفاعل بقوة السلطة، تفقد صدقيتها خارج مدى منفعتها وتداولها بالإكراه سوف يزيلها في النهاية.. أن يفقد مركز ما قوته وتأثيره بفعل انزياحٍ معرفي يحيله إلى موقع حفريات قابل لإعادة القراءة والإنتاج من خارجه وتحويله مهما كان قديماً وأصيلاً الى عالم جديد سوف يتوافد إليه المستوطنون لإبادة الهنود الحمر الجدد فيه.     

                                      
3 – لماذا يريد حكام الغرب وصول الإسلاميين المتشددين إلى السلطة في البلاد الدافئة ؟ .. يبدو أن – غوانتانامو – لم يكن معتقلاً، كما أرادوا إيهامنا بذلك، بل كان معسكرا لتدريب السفاحين والقتلة مقطعي الأوصال الذين رأينا نصفهم الأول في ليبيا، ونرى الآن نصفهم الثاني في سورية والعراق .. ويبدو أن السيد أوباما كان يعرف بالمخططات المرسومة للمنطقة وأوقات تنفيذها عندما وعد بإقفال هذا المعتقل في بداية ولايته.... بعد حوالي عقدين أو ثلاثة عقود من الزمن عندما يتوقف تيار الخليج عن تدفئة المناطق الشمالية من الأرض، لن يكون عملاً غير أخلاقي تطهير المناطق الجنوبية من الشعوب الإسلامية المتشددة .. الهنود الحمر الجدد .. ما يحاول الغرب فعله الآن هو تطهير المنطقة من مشاريع بناء الدول الحديثة ذات القوانين المتطورة تمهيداً لتطهيرها من الشعوب قبل استيطانها .. هنا يبرز دور أمير سوق البرغوث، حصان طروادة العربي المحشو بمقاتلي غوانتانامو المأجورين .           

                                                                                                    
 4 – عندما يقترب الشاعر من السياسي، فهو اقتراب الباقي من الزائل .. من حق الشاعر أن يقوّض، فهو من اكتشف الاختلاف، وليس من حق السياسي إلاّ أن يبني ويواصل البناء ليستحق تأييد الباقي للزائل.. لينقذه من شرط زواله حقاً .. أعجب لمن يبدأ مشروعه السياسي بالتهديد ونبذ الحوار والدعوة الى التدخل الخارجي ويمارس تصعيد العنف الطائفي المسلح، ثم  ينتظر أن يكون الشاعر الى جانبه.. هذا مستحيل، وهي تحيتي للشاعر الكبير نزيه أبوعفش وحواره الرائع مع سامر اسماعيل والمنشور في صحيفة السفير خلال الأسبوع الأول من هذا العام 2012 .                                                                       
5 - تورطت بالجمال، وفسدت حياتي / لم يعد ممكناً أن أكون رجل دين كأجدادي الراقدين في القباب / أو جنرالاً كأقراني / لم يعد ممكناً أن أجمع المال بعد كل هذا الهدر / ولا أرغب أن أكون سياسياً / لقد عرفت الله .. تطهّرت بالعدم ، وتورّطت بالجمال / لن أكتب عن قرابة الدم إلاّ ما يفسخها، ويجعل المسافة مستحيلة بيننا / لن أكتب عن القبيلة أو الطائفة أو العشيرة، أو عن العقائد والمذاهب والأقلية والأكثرية / بل عن الورود المتسكعة والباحثين عن المحو والنسيان / عن النبرة الخالصة / في مدن لامرئية / وبلا أي شعور بالخطأ .. يلذ ّ لي، أن ألطمكم / كالعطر .. كالوعد .. الكامن في البذور .