اليونان ترضخ للضغوط الأوروبية بعد تهديدات بإخراجها من منطقة اليورو والاتحاد الأوروبي

رضخت الحكومة اليونانية للضغوط الأوروبية ولاسيما الألمانية والفرنسية وقررت اليوم الخميس التراجع عن قرارها إجراء استفتاء حول خطة الإنقاذ الأوروبية لتجاوز الأزمة المالية التي تعاني منها وذلك في محاولة من قادة دول القارة الاوروبية الحفاظ على اتحادها الفتي ومنعه من التفتت وذلك بعد ان استشعر عمالقة الاقتصاد الأوروبي خطر الأزمة التي تعصف بالقارة.

فقد أعلن وزير المال اليوناني ايفانغيلوس فينيزيلوس اليوم الخميس في تصريحات نشرتها ا ف ب انه ابلغ رسميا مسؤولي منطقة اليورو ونظيره الألماني قرار اليونان بعدم اجراء الاستفتاء مشيرا إلى أن الحكومة ستطلب نيل ثقة البرلمان للحصول على أكبر تفاهم سياسي ممكن مع تشكيل حكومة لهذا الغرض بهدف ضمان تطبيق آليات تنفيذ خطة الانقاذ التي توصلت إليها منطقة اليورو في بروكسل الأسبوع الفائت والتي تضمن بقاء اليونان في منطقة اليورو وتفتح الأفق أمام عودة الاقتصاد إلى طبيعته.

ويرى المراقبون أن تراجع الحكومة اليونانية من شأنه التقليل من احتمال خروج اليونان من منطقة اليورو وبالتالي الحفاظ على هذه المنطقة ولو بشكل مؤقت ولاسيما بعد فشل أثينا وباقي العواصم الأوروبية في السيطرة على أزمتها المتفاقمة التي أنهكت اقتصاد البلاد.

ويبدو ان احتمال خروج اليونان من اليورو لم يعد من المواضيع المحرمة إذ أعلن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن على اليونان ان تقرر ما اذا كانت تريد البقاء في منطقة اليورو ام لا محذرا من أن الأوروبيين وصندوق النقد الدولي لن يسددوا الدفعة السادسة من برنامج المساعدة لأثينا الا عندما تتبنى كل السلة التقشفية التي أقرت في 27 الشهر الماضي وترفع أي غموض بشأن الاستفتاء بينما حذرت ميركل من أن تحقيق استقرار اليورو هو الأهم بالنسبة لها حتى وإن كانت تفضل تحقيق ذلك مع اليونان وليس دونها.

إلى ذلك قلل جان ليونيتي الوزير الفرنسي للشؤون الأوروبية من أهمية تأثير الأزمة اليونانية على منطقة اليورو معتبرا أنه من الممكن الاستغناء عن اليونان وتجاوز الصعوبات التي تمثلها هذه الدولة بعد ان باتت على وشك الافلاس إلا أنه أقر في المقابل أن خروج أثينا من منطقة اليورو سيكون بمثابة ضربة معنوية للمنطقة داعيا إياها لقبول خطة التقشف.

من جهتها أكدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد في بيان لها انها ستربط رأيها بمواصلة قرض المؤسسة لليونان بنتيجة الاستفتاء الذي ستنظمه اثينا بشان خطة الانقاذ التي وضعتها منطقة اليورو في وقت حذرت فيه كارولينا كوتوفا المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية من أن خروج اليونان من منطقة اليورو سيحتم انسحابها الكامل من الاتحاد الأوروبي.

ويرى محللون اقتصاديون أن خروج اليونان من منطقة اليورو وبالتالي عودتها لاستخدام عملتها القديمة الدراخما مع تراجع قيمتها أمام اليورو سيكون له وقع الكارثة على اقتصاد هذا البلد لانه سيترتب على الدولة والشركات والاسر اليونانية تسديد ديونها المحررة باليورو بعملة متدنية القيمة.

ومن العواقب المحتملة للعودة إلى الدراخما انهيار القدرة الشرائية ودخول الاقتصاد في انكماش جديد وارتفاع معدلات الفائدة في سوق الديون وزيادة التضخم نتيجة لارتفاع أسعار المنتجات المستوردة مع ما سيترتب عن ذلك بالنسبة لليونانيين الذين يواجهون أساساً أوضاعاً صعبة نتيجة التدهور المتواصل في الأوضاع الاقتصادية منذ أربع سنوات.

وفي هذا السياق حذر باسكال لامي المدير العام لمنظمة التجارة العالمية من ان خروج اليونان من منطقة اليورو وتخليها عن العملة الموحدة سيكون مؤلماً أكثر من خطط التقشف المتتالية التي فرضت على أثينا ويرى خبراء آخرون أن الخروج من اليورو سيلحق بالبنوك اليونانية خسائر طائلة ستحتم على الارجح تاميمها اذ ستعجز عن تسديد الحصة التي اشترتها من الدين اليوناني.

وعلى نطاق اوسع يرى المحللون أن خروج اليونان من منطقة اليورو قد ينعكس أيضا على منطقة اليورو بمجملها اذ سيكون سابقة من المحتمل ان تسرع خروج بلدان اخرى تواجه مشكلات مالية مشابهة ويرى المراقبون أن ذلك سيكون بداية لتفكك الاتحاد النقدي بعد أكثر من عشر سنوات على انشائه عام 1999 وهو ما سيكون له نتائج كارثية على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

وتدفع التصريحات الحادة التي يدلي بها قادة ومسؤولو الاتحاد الأوروبي بأكبر تكتل اقتصادي في العالم إلى التفكك وتشي بركود اقتصادي يذكر بما شهده العالم في ثلاثينيات القرن الماضي.

 

 

شام نيوز - سانا