انتهى زمن النوم

يبدو أن للنوم في البرلمان سحراً آسراً ومتعة لذيذة، وخاصة عندما تكون النقاشات مملة، والقضايا سطحية، والأسئلة تافهة أو سخيفة، وأن يكون النائب المسكين مرهقاً متعباً بسبب «سهر الليالي»!
لكن نوم البرلمانيين عندنا له نكهة مختلفة، فالنائب لا يضبط «بالنوم المشهود» في جلسة أو اثنتين فقط، أو حتى خلال جلسات عدة- ونحن نجد له العذر في ذلك- وإنما يمارس النوم العميق، أو «السبات النيابي» طوال دور تشريعي كامل، ولمدة أربع سنوات، وهذا امتياز لم يحصل عليه أي نائب في العالم!
بماذا يحلم نوابنا وهم نيام تحت قبة البرلمان؟ وهل حققوا أحلامهم الشخصية عندما تمتعوا بالحصانة والبيت والسيارة، وبنعمة الصمت والنأي بالنفس عن قضايا المواطن؟!
أعرف نائباً دخل البرلمان وخرج منه من دون أن ينطق بحرف واحد طوال أربع سنوات، باستثناء أداء القسم الذي لم يخل من أخطاء «وتلعثمات»... ومع ذلك حصد ثمرة نومه وصمته الامتيازات نفسها التي تمنح للنائب.
هكذا عرفنا برلماننا، ومعظم نوابنا فيما مضى من سنين، فهل تغير الحال اليوم، وهل نشهد حيوية ونشاطاً ونقاشات جدية وحادة- حتى لو وصلت إلى حد العراك- ما دامت مصلحة الوطن والمواطن هي الهدف؟!
سمعنا أن مجلس الشعب سينتقل قريباً إلى بناء جديد ويترك البناء التاريخي، فهل المشكلة في البناء أم في الأداء؟
وكيف لنا- كمواطنين- متابعة ما يجري في مجلسنا الموقر، ما دام الإعلام يحجب الجلسات، ويختار مقتطفات منها، ولدقائق معدودات، بما يلبي رغبات الحكومة ولا يحرجها!
ألا يحق للمواطن السوري متابعة ومساءلة النواب الذين منحهم صوته، وبالتالي محاسبتهم إذا هم ناموا أو صمتوا أو قصروا في الدفاع عن قضايا الشعب؟
العديد من أعضاء مجلس الشعب، الجدد والقدامى، وجهوا اتهامات بالتقصير للإعلام، وعدم الاهتمام بالمجلس وكأنه ابن الجارية، ونعترف بأن معظم الاتهامات محقة، فلماذا لا ينفض الإعلام عن نفسه غبار الكسل، ويدفع تهمة التقصير والإهمال كأن يخصص- مثلاً- قناة تلفزيونية لنقل جلسات المجلس على الهواء مباشرة، ومن دون رقابة، فإذا حدث ذلك فإن الراغبين في النوم سيخجلون من أنفسهم و: «يصحصحوا»!
المرحلة خطرة وحساسة، وأمام مجلس الشعب فرصة تاريخية تسهم في المصارحة والمصالحة، وربما رسم صورة سورية الجديدة، فقد انتهى زمن النوم وبدأ عصر البناء والصحوة ومكافحة الفساد والنهوض الشامل، والشعب لن يسامح النيام والانتهازيين والمنتفعين في أي موقع كانوا، وأرجو ألا أكون من النائمين والحالمين.