انفصالي عن الواقع

زياد غصن- شام إف إم
حاولت كثيراً خلال الفترة الماضية أن أكون منفصلاً عن الواقع كحال العديد من المسؤولين، لكنني في كل مرة كنت أفشل وأتوجع أكثر.
فمثلاً، أنا أحضر العديد من المؤتمرات والندوات الرسمية، أقابل الكثير من المسؤولين، أجلس لساعات في مكاتب شغلها الشاغل صياغة مذكرات وتشكيل لجان، أقرأ تصريحات أولي الأمر، أستمع إلى خطابات الحكومة في كل المناسبات، أطّلع على مذكرات وبيانات رسمية، أحترس من الإحباط واليأس، أحاول ألا أنساق خلف ما تردده شيكات التواصل الاجتماعي... ومع ذلك لم أنفصل عن الواقع.
فهل هذا عائد إلى أنني أرتاد الأسواق الشعبية أكثر من اللازم؟ أو لأن معظم أصدقائي من أصحاب الدخل المخنوق؟ أم لأنني أسكن في إحدى الضواحي معدومة الخدمات، أم لأنني أقف في كل طوابير البلد، أو لأن إجازتي الأسبوعية أقضيها بالعمل والهم، أو لأنني لست معجباً بالرؤى الاستراتيجية.
لا أعرف كيف يمكن للحكومة أن تساعدني على أن أكون منفصلاً عن الواقع؟
أعدها إن فعلت ذلك ألا اكتب حرفاً عن مشروعها المنفصل عن الواقع، والمتعلق بزيادة أسعار حوامل الطاقة بحجة تمويل زيادة الرواتب، أو عن مشروعها البائس المسمى بإعادة توزيع الدعم على مستحقيه، أو عن سياساتها التي جعلت المواطن في واد وهي في وادي.
أعدها أن أكون بلا طموح، بلا مشاعر، بلا أحاسيس، وبلا أمل.
وإذا ما استجابت الحكومة لطلبي وجعلتني شخصاً منفصلاً عن الواقع، فإنها سوف تكسب بي ثواباً كبيراً، في الدنيا والآخرة.