انهيار مكانة الجيش الاسرائيلي لدى الاسرائيليين

 

نشرت صحيفة "ذي واشنطن بوست" الاميركية تقريرا لمراسلتها في اسرائيل قالت فيه ان مكانة الجيش الاسرائيلي بدأت تتهاوى. ففي الوقت الذي يُعتبر التجنيد اجباريا لمعظم الشبان من الرجال والنساء، فان اعدادا متنامية بدأت تتحاشى التجنيد، ما يدعو المخططين الى الخشية على عدم حصول الجيش على القوات اللازمة له.

كما ان صفات الذين يلتحقون بالجندية تغيرت بشكل ملفت للنظر. فالضباط الذين يعارضون عقائديا التخلي عن السيطرة الاسرائيلية على الضفة الغربية يحصلون على مناصب اكثر اهمية، وبالتالي يُعقدون اي احتمال لانسحاب المستوطنين اليهود من الاراضي المحتلة كجزء من صفقة سلام مع الفلسطينيين.

وقد اذكت الفضائح الاخيرة نقاشا حول الاخلاقيات والمسؤوليات في القوات المسلحة، ويقول المراقبون ان ثقة الاسرائيليين في الجيش بدأت تتدهور.

وفي الشهر الماضي، اصيب الجيش الاسرائيلي بالحرج نتيجة شريط فيديو لجندية اسرائيلة ترقص حول امرأة فلسطينية معصوبة العينين ومقيدة نشر على موقع "يو تيوب".

 ويقول البروفيسور ياغيل ليفي، في جامعة اسرائيل المفتوحة والخبير المعروف في الشؤون العسكرية ان "الجيش يدرك ان موقعه بدأ ينهار".

فقد ارتفعت نسبة الاسرائيليين اليهود في سن الجندية الذين لا يلتحقون بالجيش لتصل الى 12.1 في المئة في العام 1980 والى 26 في المئة في العام 2007، وذلك حسب دراسة اجراها علماء السياسة في جامعة حيفا ونشرت في آب  الماضي. ويتوقع العسكريون ان تصل النسبة الى 43 في المئة في العام 2020.

وجاءت نسبة الشبان في الصفوف 11 و12 الذين قالوا انهم كانوا مستعدين للتطوع لو لم تكن الخدمة العسكرية اجبارية لم تصل الى اكثر من 58 % في العام 2007 , مقارنة مع 94 % في العام 1988، حسب تلك الدراسة.

وقبل 15 او 20 سنة كان عدم الالتحاق بالجندية او القيام باعمال الاحتياطي، شيئا يندى له الجبين. أما اليوم فان الامر ليس عكس ذلك تماما ولكن من المؤكد ان الناس لا يجدون مشقة في الاعراب عن رايهم بانهم لا يلتحقوق بالجيش او يقومون بخدمة الاحتياط، حسب قول جندي الاحتياط شاحاف كيزلشتاين الذي يتولى مهمة تجنيد وحدة المقاتلين.

واكبر الدلائل على تهاوي نسبة الخدمة العسكرية يكمن في تنامي عدد اليهود المتشددين دينيا الذين يتلقون العلم في المدارس الدينية بدوام كامل، ويحق لهم الاستثناء من الخدمة العسكرية. كما ان هناك من يُعفى منها لاسباب صحية او لسجلات جنائية او لانهم يعيشون في الخارج.

وعلى وجه الاجمال، فان الجيش يفقد 13 % من مجنديه المحتملين لانهم متشددون دينيا، مقابل 4 % قبل عشر سنوات.

وفي العام 2020  من المتوقع ان ترتفع النسبة الى 20 % بسبب ارتفاع نسبة المواليد بين هؤلاء مقابل نسبتها بين الاسرائيليين العلمانيين.

ويقوم الجيش الاسرائيلي بتوسيع نطاق جهوده لتوفير وجبات خاصة ومزيد من الوقت للصلاة وتعديلات اخرى حتى يمكن ان تتجاوب الخدمة العسكرية مع الطقوس الدينية من اجل اقناع المزيد من المتدينين بالتطوع.

وفي الوقت الذي يقول فيه الجيش انه يجند الاعداد المطلوبة في وحدة المقاتلين اليوم، فان مسؤولين يقولون انه ليس لديهم ما يكفي من الجنود لوحدات الدعم والاعمال الادارية.

ويقول الجنرال عمير راغوفسكي، رئيس تخطيط التوظيف في فرع القوة العاملة في الجيش الاسرائلي ان "لدي الان مشكلة لان هناك نقصا في عدد الجنود. وعندما تنظر الى تنبؤات العام 2020، فان الوضع سيكون اكثر سوءا".

وفي الوقت الذي لا يعلن فيه الجيش الاسرائيلي عن حجم قواته، فان معهد جامعة تل ابيب لدراسات الامن يقول ان اسرائيل لديها176500  جندي في الجيش و445000 من جنود الاحتياط. وكانت صحيفة "جروزالم بوست" الاسرائيلية قد ذكرت في ايار الماضي ان الجيش يواجه نقصا يقدر بـ 10 الاف جندي.

وقد تساءل بعض الاسرائيليين عن الحاجة لوحود هذا العدد الكبير من القوات المقاتلة في ظل العلاقات السلمية بين اسرائيل واعدائها السابقين مثل مصر والاردن.

وفي السنوات الاخيرة فان الاسرائيليين تمكنوا من تقصير مدة الخدمة في الاحتياط. الا ان الجهود لتحويل الالتحاق بالجندية تطوعيا ذهبت سدى.

ويقول مسؤولون عسكريون انه على ضوء مستوى الدوافع المتدنية، فانهم لن يتمكنوا من تجنيد اعداد كافة من المتطوعين لتغطية احتياجاتهم.

وفي استطلاع للرأي اجرته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية اعرب ساغير الذي سيتم تجنيد ابنه قريبا عن القلق من ان فشل الحكومة الاسرائيلية في التوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين سيزيد من تآكل الحماس الشعبي للخدمة العسكرية.

وقال ان "المجتمع الاسرائيلي على مفترق طرق فيما يتعلق بالتجنيد. والقضية اخذت في التآكل من حيث مشروعية الخدمة في الجيش، فيما يستمر الصراع".

شام نيوز - THE WASHINGTON POST