اوباما كجندي اسرائيلي

في واحد من أشد المواقف الاميركية خبثا ونفاقا، أعلن الرئيس الاميركي باراك اوباما، انه مع الثورات العربية من دون تحفظ او تردد، لكنه ضد الشعوب العربية التي تقوم بهذه الثورات وتعبّر عن توقها الى الحرية والكرامة والعدالة، وتعتبر ان الشعب الفلسطيني هو احد العناوين الرئيسية لهذه الموجة الثورية التي تجتاح العالم العربي... والتي لا يمكن ان تغفر للعدو الاسرائيلي مساهمته في انتاج الانظمة الدكتاتورية العربية وحمايتها والتحالف معها حتى اللحظة الاخيرة.
في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة، قال اوباما كلاما جميلا في الثورات العربية، التي اقحم فيها ايران وساحل العاج لسبب غير مفهوم، واستثنى منها بلدانا عربية عديدة تشهد ارهاصات ثورية واضحة. رأى ان العرب يصنعون التاريخ ويكتبون احد فصوله الباهرة، لكنه عندما وصل الى فلسطين، تحول الى محارب يقاتل ضد ابسط المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني، ويقف في صفوف اقصى اليمين الاسرائيلي واشد المستوطنين اليهود تطرفا، ويستعيد خطابا تخلى عنه الاسرائيليون انفسهم عن الدولة الصغيرة بمساحتها وعدد سكانها، وعن شعبها المهدد بالارهاب والاضطهاد منذ عقود، وعن نجاحها طوال تلك المدة في درء الاخطار التي تحيط بها من كل جانب.
المؤكد ان اوباما كان ولا يزال يعتقد ان موجة التغيير العربية العاتية، هي مجرد ثورة على الفساد والفقر والجهل، ثورة ذات بعد اجتماعي واقتصادي لا اكثر ولا اقل يختزلها الشاب التونسي محمد بوعزيزي، وهي تقتصر على استبدال حاكم بآخر اقل استفزازا لمشاعر العامة ومصالحها المعيشية، وهي بالتالي خالية من اي مضمون سياسي (ايديولوجي) داخلي، وفارغة من اي محتوى خارجي، يتصل بالعلاقة مع الاخر، لاسيما الغرب الذي لا يحفظ له اي فرد من الامة ذكرى طيبة، لا من الماضي البعيد ولا من الماضي القريب... والمرجّح ان اوباما قدّر بأن تلك الموجة يمكن ان يستغرق ارتفاعها عشرات السنين قبل ان تستقر على انظمة عربية جديدة، مختلفة عن الفضائح التي كانت ولا تزال حاكمة حاليا في اكثر من بلد عربي.
وهو تقدير صحيح وسطحي في آن. لم يطلق الشارع العربي خلال مساعيه للاطاحة بطغاته المحليين هتافات ضد اميركا او الغرب او اسرائيل. ولعله ايضا استوحى نماذج غربية للثورة السلمية التي سبقه الى مثلها الاوروبيون الشرقيون، وللدولة التي يريد بناءها على انقاض الانظمة العربية التي فقدت شرعيتها ومدة صلاحيتها. لكن فلسطين كانت حاضرة في الوعي العربي، وكانت ماثلة في الاذهان بصفتها مؤشرا بارزا على استهانة الغرب بالشخصية العربية. كما كان الشعب الفلسطيني نفسه جزءا من تلك الثورة التي لا يمكن ان تسقط عند بوابات مقر السلطة في رام الله او مقر حكومة حماس في غزة.
بخطابه الممالىء لاسرائيل اكثر من اي وقت مضى في تاريخه الانتهازي، اعلن اوباما صراحة وقوفه ضد الشعوب العربية وثوراتها، وبالاخص الشعب الفلسطيني، واختار ان يكون في هذه اللحظة جنديا مقاتلا في صفوف الجيش الاسرائيلي.

 

ساطع نور الدين - السفير