اوباما يخفض ميزانية الدفاع وعديد الجيش

 

 

نشرت صحيفة "ذي اندبندنت" البريطانية تقريراً عن اعلان الرئيس الاميركي عن الاستراتيجية الاميركية الجديدة كتبه مراسلها في واشنطن روبرت كورنويل. وهنا نص التقرير: "حذر الرئيس الاميركي باراك اوباما امس في تحديده لمجموعة جديدة راديكالية وان كانت اكثر تواضعا لاولويات البنتاغون للعقد المقبل، بأن القوة الرهيبة الاميركية التي حافظت لفترة طويلة على توصيف الولايات المتحدة بانها القوة العالمية الوحيدة لا بد من تخفيضها الى حد كبير.

وفي اعقاب الحربين في العراق وفي افغانستان اللتين استمرتا في العقد الاول من القرن الواحد والعشرين، اقر اوباما في الخطة الاولية للمستقبل العسكري الاميركي بان ليس بامكان اميركا بعد الان توفير الموارد للقيام بعمليتين رئيستين مثيلتين متزامنتين.

وبدلا من ذلك، فان القوات العسكرية الاميركية سيخفض عديدها بنحو نصف مليون جندي وستركز على مكافحة الارهاب ومواجهة التحديات الجديدة المترتبة على بروز آسيا تحت سيطرة الصين. وقال الرئيس الاميركي ان اميركا "تقلب صفحة عقد من الحرب" وتواجه الان "لحظة التحول". وستكون القوة العسكرية الاميركية في المستقبل اقل عدداً، الا ان اوباما اشار، في تحذير للاصدقاء والاعداء على حد سواء، الى انها ستكون كافية للمحافظة على التفوق العسكري الاميركي أمام اي من الجيوش المنافسة – وستكون "يقظةً سريعة الحركة، ومرنة ومستعدة لنطاق كامل من الطوارئ والتهديدات".

وقد سلط وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند على الاهمية الكبيرة للتغييير الاستراتيجي الاميركي، واستخدم زيارة الى واشنطن لمطالبة اميركا بعدم تأخير انتاج الطائرات الحربية المقرر تزويد حاملات الطائرات البريطانية بها. ومن المتوقع ان تتسبب الاستراتيجية الاميركية بسحب حوالي 80 الفا من قواتها المتمركزة في اوروبا.

وقال هاموند للقناة الرابعة الاخبارية: "علينا ان ننظر الى العلاقة مع الاميركيين عبر منظار مختلف قليلا. اذ على الاوروبيين ان يستجيبوا لهذا التغيير في التركيز الاميركي، ليس بضيق صدر وانما بالترابط العملي، والاعتراف بان علينا ان نعمل جنبا الى جنب مع الاميركيين لنحقق ثمارا افضل".

الا انه ليست هناك شكوك تذكر في ما يتعلق بامكان ان تتأثر اوروبا على نطاق واسع بتخفيض الاولويات نتيجة الاسلوب الجديد. وحظيت الخطة الاولية لخطة الرئيس الاميركي، بعد السنوات الثلاث الاولى في منصبه تحت ظل حروب ورثها من سلفه، بالاهمية بعد ظهوره غير العادي في البنتاغون وعلى جانبيه وزير الدفاع ليون بانيتا ومسؤولين من كبار العسكريين الاخرين.

واوضح اوباما ان الاولويات من الان فصاعدا ستنصب على الحفاظ على قوة ردع نووية نشطة وعلى مكافحة الارهاب وحماية الاراضي الاميركية، وردع وهزيمة اي عدو محتمل. ومن اجل هذا فان الولايات المتحدة ستعزز الحرب الالكترونية وامكانيات الدفاع الصاروخية.

وفي الوقت ذاته، فانه اذا سارت الامور حسب الخطة المقررة، فان مركز ثقل الدفاع الاميركي سينتقل شرقا، بعيدا عن اوروبا وعن الشرق الاوسط. اذ ان الاضواء ستسلط على اسيا – وقد اوضح اوباما وبانيتا بأجلى صورة ممكنة ومن دون ان ينبسا تحديدا بذلك- وبصفة خاصة على الصين التي تحث الخطى باستمرار، وقد اصبحت بالفعل قوة كبرى اقتصاديا وخطت خطوات واسعة لكي تصبح قوة كبرى عسكريا ايضا.

ولم تكتمل بعد تفصيلات الاقتراحات الجديدة التي احتوى عليها مستند تحت عنوان "الحفاظ على القيادة الاميركية عالميا: اوليات الدفاع في القرن الحادي والعشرين". وان كان من المحتمل ان تنطوي على تخفيض ما يصل الى 490 الفا من اجمالي افراد الجيش الاميركي الذي يبلغ الان حوالي 1.6 مليون جندي منتشرين في انحاء العالم، اضافة الى تخفيض تكاليف برامج التجنيد – وبعضها كان في الاصل قد صُمم لمواجهة بيئة الحرب الباردة.

وتعكس "وثيقة اوباما" ثلاث حقائق اساسية. الاولى الحروب الطويلة بعد الحادي عشر من ايلول (سبتمبر) وقد آلت الى نهايتها اخيرا، اذ ان آخر القوات الاميركية غادرت العراق بالفعل، فيما ستخرج القوات المقاتلة الاميركية من افغانستان في نهاية 2014 (وان كان سيبقى عدد محدود لغايات التدريب والمشورة).

والحقيقة الثانية التي شدد عليها الرئيس الاميركي في خطاب رئيسي خلال زيارته الاخيرة الى استراليا، تتعلق بازدياد ارتباط المصالح القومية الاميركية باسيا، مصدر القوة الاقتصادية في العالم، مع سعي الكثير من الدول حثيثا لمزيد من الالتزام الاميركي في مواجهة الصين.

اما الحقيقة الثالثة والاهم فهي حقائق الحياة المالية في الداخل، في وقت تتعرض فيه المصروفات الحكومية على مختلف المستويات الى ضغوط. وقد ظل وزارة الدفاع (البنتاغون) مستثناة لسنوات – الا انها لن تيظل كما هي، بينما تتضاعف الجهود لكبح جماح تعاظم العجز في الميزانية الفيدرالية.

وبميزانية تبلغ 662 بليون دولار ستكون مصروفات البنتاغون للسنة المالية 2013 اكبر من عشر اكبر ميزانيات دفاعية في الكرة الارضية. ومع ذلك، فان المبلغ يقل عما يريده الرئيس اوباما بمبلغ 27 بليون دولار، وهو اقل بـ 43 بليون دولار عن ميزانية 2012.