باحث يغيّر سلوك المجرمين عبر أدمغتهم

المصابون باضطراب حاد في الشخصية عادة ينعدم لديهم أي شكل من أشكال الضمير والرحمة والتعاطف والشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين. لذلك يقوم خبير علم النفس العصبي نيلز بيرباومار في أبحاثه الحالية بتفحص أعنف المجرمين وأكثرهم قسوة تجاه ضحاياهم، لاستكشاف الربط بين وظائف أدمغة البشر وبين سلوكهم وتجاربهم اليومية.‏

وهو على قناعة أن حتى المجرمين الذين يمارسون الاغتصاب أو العنف ضد الآخرين بقسوة والقتل بدم بارد، يمكنهم أن يغيروا أنفسهم عن طريق تعلم السيطرة على نشاط أدمغتهم‏

ويستخدم الباحث تقنية تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي لإنجاز هذه المهمة. لكن المشكلة الكبرى التي يواجهها تتمثل في صعوبة إحضار هؤلاء المجرمين في أوقات منتظمة إلى قاعة البحث العلمي لكي يتمكن الباحث من تفحص أدمغتهم.‏

وخاصة أن كثيرين من هؤلاء المجرمين لا يريدون تغيير أنفسهم كما يقول الخبير النفسي والعصبي :لأنهم غير مقتنعين أن لديهم اضطراباتٍ وعيوباً في شخصياتهم بل يرون في تصرفهم شجاعة. إنهم أشخاص متهورون ومتسرعون وطائشون ولا يبالون بالآخرين. وهذه صفات قد يراها البعض في المجتمع - خاصة من الرجال - على أنها إيجابية. ولذلك فإنهم لا يرغبون في تغيير سلوكياتهم.‏

وبتقنية التصوير بالرنين المغناطيسي خلص الباحث الى أن هناك مناطقَ في الدماغ تكون مسؤولة عادةً عن إحساس الخوف والخشية من العواقب لدى البشر، وهي مسؤولة عن إرسال إشارات كهربائية خاصة بذلك في جسد كل إنسان.‏

لكن هذه المناطق الدماغية المعقدة البنية تكون غير مفعلة أو غير نشطة لدى أدمغة المجرمين. ومن يفتقد إلى الإحساس بالخوف أو الخشية من عواقب سلوكه على المستوى العاطفي فإنه لا يستطيع تقييم خطر سلوكه على نفسه ولا يمكنه إدراك عواقب سوء تصرفه على الآخرين.‏

والحل كما يرى يكمن في تنشيط وتقوية مناطق الدماغ البشري المسؤولة عن الشعور بالقلق والخوف من نتائج سوء السلوك وتفعيلها بشكل انتقائي دون غيرها في الدماغ. وبذلك يكون من الممكن تغيير أحاسيس المجرمين، بحسب تأكيدات بيرباومار، الذي يضيف: «التأثير على هذه الأجزاء من الدماغ ممكن دائماً عبر التعلم المستمر. فالدماغ البشري مرن وقابل للتغيُّر بشكل كبير. كما أنّ الدماغ البشري عملاق جداً لدرجة أنه يمكن القول إنه لا يوجد دماغ بشري متحجّر أو غير قابل للتغيير. ويعتمد العلاج على «طريقة التغذية العصبية العكسية» ويتم فيها تصوير نشاط دماغ الشخص المفحوص وإظهاره على شاشة حاسوب ملوّنة. وعلى شاشة الحاسوب يمكن رؤية مناطق الدماغ المختلفة وقياس نشاطها. وتظهر هذه المناطق بألوان مختلفة على الشاشة. وكلما كانت إحدى مناطق الدماغ أكثر نشاطاً كان ومضان لونها أوضح على الشاشة. وهذا يعني أن تزويدها بالدم ونشاطها الكهربائي أشد. ويطلب الباحث من الشخص الخاضع للفحص التفكير بأفكار معينة يكون من شأنها زيادة قوة إشارات المنطقة المسؤولة عن الإحساس بالخشية والخوف من عواقب سوء التصرف.‏

وليس من المستبعد أن يتم تطبيق هذه الطريقة على نطاق واسع في المستقبل على عـُتاة المجرمين لتحسين سلوكهم.‏

 

شام نيوز - الثورة