باريس تدعم موقف لبنان اتجاه سوريا

نجح رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في كسب دعم السلطات الفرنسية لما يسميه بـ"سياسة النأي بالنفس" التي ينتهجها إزاء الأحداث في سورية، وذلك خلال زيارته الرسمية الأولى التي قام بها لباريس واختتمها أمس السبت.

 

وقال مصدر رسمي فرنسي لموقع "الجزيرة نت": إن كلا من الرئيس نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء فرانسوا فيون ووزير الخارجية آلان جوبيه، أكدوا لرئيس الحكومة اللبنانية تفهمهم لـ"الاعتبارات المحلية والإقليمية" التي أملت عليه عدم الانحياز لأي من أطراف الأزمة السورية.

 

 

في الوقت ذاته، رأى محللون سياسيون أن فرنسا أرادت من خلال الحفاوة التي استقبلت بها رئيس الوزراء اللبناني على مدار يومين، أن تشجعه على اتخاذ مبادرات مستقلة عن الشريكين الأساسيين في تحالفه الحكومي والنيابي -حزب الله والتيار الوطني الحر- المعروفين بدعمهما لنظام الرئيس بشار الأسد.

 

وأضاف هؤلاء المحللون أن باريس دفعتها تطورات الأوضاع في سوريا -رغم التحفظات والهواجس التي راودتها إبان تشكيل الحكومة اللبنانية الحالية- إلى اعتبار ميقاتي "رجل المرحلة" باعتباره "لا ينتمي لأي من تياري 14 آذار و8 آذار".

 

وكان ميقاتي قد أجرى محادثات الجمعة مع ساركوزي في قصر الإليزيه قبل أن يلتقي رئيس الوزراء فرانسوا فيون ووزير الخارجية آلان جوبيه.

 

وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية طلب عدم ذكر اسمه -للجزيرة نت- إن المسؤولين الفرنسيين شكروا رئيس الوزراء اللبناني على "قراره الشجاع" المتمثل بدفع حصة لبنان من تمويل المحكمة الدولية المختصة بالنظر في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري.

 

وأضاف المصدر أن القادة الفرنسيين أعربوا أيضا عن تفهمهم بل تأييدهم لأسلوب ميقاتي في التعاطي مع الأزمة السورية، منوها بأن رئيس الوزراء اللبناني شرح لهم بشكل مستفيض "الاعتبارات المحلية والإقليمية" التي دفعت حكومته إلى تبني "سياسة النأي بالنفس" عن المسألة السورية.

 

ونسب الدبلوماسي الفرنسي لميقاتي قوله إنه يلعب لعبة توازنات دقيقة تأخذ في الحسبان ثلاثة معطيات: ارتباط لبنان المتشعب مع سوريا، وعلاقته الوثيقة مع البلدان الخليجية، والانقسام الداخلي السني الشيعي بشأن الحراك السوري.

 

غير أن هذا التفهم لم يمنع المسؤولين الفرنسيين من الإلحاح على رئيس الوزراء اللبناني بشأن تأمين اللاجئين السوريين في بلاده وتسهيل وصول الخدمات الإنسانية إليهم.

 

وهو ما ردّ عليه ميقاتي في تصريحات أمام جمع من الصحفيين العرب بباريس قائلا إن حكومته ستقوم بواجبها الإنساني في هذا المضمار، معبرا في الوقت ذاته عن خوفه من تدفق أعداد هائلة من النازحين السوريين من الحدود اللبنانية في حال تدهور الأوضاع في البلد المجاور.

 

موقف واضح

ومن جانبه، اعتبر الصحفي في يومية "لوفيغارو" الفرنسية جورج مالبرونو أن باريس أخرت استقبال ميقاتي لأنها كانت تنتظر منه موقفا واضحا من تمويل المحكمة الدولية.

 

وأشار الصحفي إلى قرار رئيس الوزراء دفع حصة بلاده من تمويل تلك الهيئة القضائية أدى إلى ما أسماه بـ"التطبيع" الذي ترجمته الزيارة.

 

ورأى الكاتب المختص في شؤون الشرق الأوسط أن باريس أصبحت تعتبر ميقاتي "رجل المرحلة"، وهو رأي أيده الإعلامي اللبناني ميشال أبو نجم الذي يرى أن "تداعيات الأزمة السورية واستقلال ميقاتي عن التيارين الرئيسين اللذين يؤطران السياسة اللبنانية جعل الدوائر الفرنسية تنظر إليه كرئيس وزراء يناسب لبنان في السياق الحالي".