باريس مازالت تأمل بقمة برشلونة ودمشق لم تحسم مشاركتها بعد

مازالت باريس «تؤمن» بإمكانية عقد قمة «الاتحاد من أجل المتوسط» في برشلونة في الحادي والعشرين من الشهر الحالي، لكنها تبقي سقف التوقعات منخفضاً وتستبعد أن تكون صورة القمة كما كانت في باريس من حيث حضور عدد كبير من قادة الدول الأوروبية والمتوسطية، بينما لم تحسم دمشق بعد قرار مشاركتها في القمة بانتظار توضيحات لأسئلة طرحتها على إسبانيا «منظمة القمة» بشأن مضمون القمة السياسي والبيان الختامي الذي سيصدر عنها بشكل خاص.
وذكرت مصادر في دمشق لـ«الوطن» أن سورية ترفض حضور قمة من أجل الحضور فقط، في ظل انهيار مفاوضات السلام وتعمد إسرائيل إفشال كل الجهود الدولية الرامية لإنقاذ العملية السلمية.
وكشفت المصادر عن احتمال أن ترسل اسبانيا وزير الخارجية السابق ميغيل انخيل موراتينوس إلى دمشق مبعوثاً لرئيس الوزراء الإسباني خوسيه لويس ثاباتيرو لبحث مسألة انعقاد القمة والإجابة عن استفسارات دمشق عن جدوى انعقادها.
ولا ترى مصادر رسمية فرنسية تحدثت إليها «الوطن» «مؤشرات على إرجاء أو إلغاء القمة حتى الآن»، لكنها في الوقت نفسه لا تؤكد انعقاد القمة مئة بالمئة، وتزداد الشكوك في مصير هذه القمة مع اقتراب موعدها، إذ لا شيء يؤكد أن الدعوات إلى القمة وصلت إلى الدول الأعضاء في الاتحاد من أجل المتوسط، وتحاول باريس، وفق المصادر، التقليل من أهمية الدعوات»، وتعتبر أن بطاقات الدعوة تبقى من «الشكليات»، لأن أعضاء الاتحاد ليسوا بحاجة لدعوة رسمية إلى القمة التي أعلنت الحكومة الإسبانية عنها منذ أشهر.
وتوضح مصادر فرنسية رسمية لـ«الوطن» أن الرئيس نيكولا ساركوزي يرى «فائدة» في عقد القمة أياً كان الوضع في مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية، ففي حال كانت المفاوضات على السكة يجب عقد القمة لمواكبتها وفي حال توقف المفاوضات كما هو الحال اليوم فإن عقد القمة قد يساعد على تحريكها. إلا أن باريس لا تفضل عقد القمة بأي ثمن، «فلا حاجة لعقدها مثلاً من أجل أن تجتمع فيها باريس ومدريد فقط!».
وتعززت الشكوك في مصير القمة المتوسطية الثانية (بعد قمة إطلاق الاتحاد في باريس عام 2008)، إذ تأجلت قمة برشلونة من حزيران الماضي إلى الشهر الحالي لـ«إتاحة الفرصة لمفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية بأن تحرز تقدماً ما»، وكانت حينها في مرحلة المفاوضات غير المباشرة. وانتقلت المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية إلى مرحلة مباشرة وجرت جولات تفاوض في واشنطن وشرم الشيخ وتوقفت بعدها بسبب استئناف الاستيطان. وحاول الرئيس نيكولا ساركوزي تنظيم اجتماع تحضيري للقمة في باريس يجمع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 21 من الشهر الماضي، مطالباً بإشراك «الاتحاد من أجل المتوسط» لكن باريس أخفقت بترتيب الاجتماع. وجاء الإعلان عن إرجاء الاجتماع هذا من مكتب نتنياهو وليس من باريس، وهذا الأمر «أزعج» ساركوزي الذي عول كثيراً على «صديقه» نتنياهو لكنه «خذله» ولم يقبل تمديد قرار تجميد الاستيطان للسماح باستئناف المفاوضات التي بات مصير الاتحاد من أجل المتوسط مرتبطاً بها، وكشفت صحف إسرائيلية عن «توتر» بين الرجلين خلال اتصال هاتفي. وبالتالي يرى مراقبون أن الوضع اليوم ليس أفضل حالاً مما كان عليه في حزيران، لا بل هو أسوأ ومن الصعب التفكير بقمة ناجحة في هذه الظروف.
الوطن السورية