بالبدوي الفصيح: الحُرْمَه مزَّقت هدومْها

وليد معماري . تشرين


يقول أحد الأمثال العربية: «آخر الطب الكي»... وترجمته على أرض الواقع، ولتقريبه من لغة العصر، وحسب رأي صديقنا الدكتور تمّام، أن علَّة (الديسك) التي تصيب العمود الفقري يمكن أن تعالج بالأدوية، وبالتمارين الرياضية، وبالنوم فوق سرير خشبي..
وإن لم يكن السرير موجوداً، فيمكن النوم على البلاط مباشرة... فإذا لم ينفع كل ذلك، يجيز الطبيب لمريضه أن يلجأ إلى الكي.. (أي إلى العمل الجراحي)..


لكن الناس، (في بلدنا خاصة)، حرّفوا في نص المثل القديم.. وجعلوه استفتاحاً لعبارة لاحقة فصار نصه: «آخر طب الكيل»!.. وحرّفوا معناه.. فصار يعني: «فوق مصيبتنا، جاءتنا مصيبة جديدة»!!.. وانتسي أصل المثل، بعدما أضحى المواطن يولد مكوياً.. خلقة ربّه!...
وبعد ارتفاع أسعار السلع الضرورية لاستمرار العيش، بحجة ارتفاع سعر (الدوبار).. ارتفعت أسعار مواد لا علاقة لها لا بالدوبار، ولا باليورو.. وعلى سبيل المثال، لا الحصر، ارتفاع ثمن جرزة البقدونس، وباقة البصل الأخضر.. و (آخر طب الكيل) ارتفاع سعر البابونج البري إلى حدود غير مسبوقة.. مع أن البابونج البري منتج تنبته الطبيعة، وتسقيه أمطار يرسلها ربّ العالمين!...


وآخر (طب الكيل)، بالمعنى الشعبي، تصريح مرعب أدلى به مسؤول اقتصادي، لوَّح فيه بأن أسعار المازوت المدعومة لم تعد منطقية قياساً إلى الأسعار العالمية.. وأن الدولة تتكبد (خسائر فادحة) جرّاء دعمه.. وتصحيحاً (للموازنة غير المتزنة) يدعو إلى رفع أسعاره فور انتهاء موجة البرد... وفور انتهاء البث التلفزيوني لقصيدته العصماء، بدأ المحتكرون يخزّنون المادة، بلا قافية، في مستودعات شجعهم المـُقفّى.. على مبدأ الأواني المستطرقة!...
وأضاف، لا فض فوه، بعد أن استشار بصارات وبراجات البلد.. والضاربين بعلوم الغيب، أن إزالة الدعم هو خطوة قادمة لا ريب ضمن خطة الحكومة الرؤومة لإعادة النظر بالدعم.. ورفعه تدريجياً.. فالدعم، على حد قوله، بات يشكل عبئاً حقيقياً على الدولة.. ولكن الرفع (أو النصب) الكمّوني سيتم بشكل متوافق مع تحسين معيشة المواطن.. وتحسين دخله... ولكن: على الوعد يا كمّون!..  أما متى وكيف سيتم مثل هذا الإنجاز التاريخي.. فهو لا يعرف.. أو أن ضاربي الرمل امتنعوا عن إخباره بالأمر، خوفاً من إصابة المواطنين بجلطات قلبية تصيبهم من جراء فرحهم المفرط..
واسمحوا لي هنا، بأن أروي لكم حكاية البدوي الذي نزل بامرأته إلى سوق المدينة ليشتري لها ثوباً.. وقد استغلى الرجل ثمن الثوب الذي أعجب زوجته.. وأبدى تمنعاً في الشراء.. فالتفتت المرأة إليه وقد أمسكت ثوبها من طرفي الصدر وقالت مهددة: «تْريدْني أكشِّم (أمزّق) هدومي»!!.. فأجابها:


«لا يا مستورة... تريدين الرَّبْعْ  يكولون (يقولون): أخد حرمته يشتريلها ثوب من المدينه.. فرجّعها عريانه »..؟!!..