بالونات واشنطن

 

صفاء اسماعيل.تشرين

 

يقول المثل الشعبي الشائع: «السكوت علامة الرضا»، فهل يكون صمت واشنطن عن مضمون ما تسربه التقارير الإخبارية حول تدخل عسكري أميركي وشيك في ليبيا، وتأهب 12 ألف جندي أميركي في مالطا بانتظار إشارة البيت الأبيض هو رضا.

عدم تعليق واشنطن على التقارير لا نفياً ولا تأكيداً يقابله صمت من حكام ليبيا الجدد الذين تحدثوا ويتحدثون يومياً تقريباً عن عجزهم حيال ضبط الانفلات الأمني، وتمرد الميليشيات المسلحة على سلطتهم، منذرين بحرب أهلية أصبح لابد منها في ضوء إفلاسهم وقلة حيلتهم عن احتواء الأزمة في بلادهم. ‏

وعليه قد تكون واشنطن هي من يدبّج ويروّج هذه التقارير لترويض الرأي العام على فكرة التدخل العسكري، وتقبله للأمر تدريجياً من مبدأ التسليم بأن أميركا هي طوق النجاة لليبيا شعباً وحكاماً مما قد تحمله الأيام القادمة، التي لا تبشر بخير أبداً كما أنذر عبد الجليل الشعب الليبي قبل أسابيع. ‏

وقد تكون هذه التقارير بالونات اختبار أطلقتها واشنطن لتلتقط ردود الفعل العربية حيالها وعلى رأسها الجامعة التي لا تزال حتى الآن ملتزمة الصمت، وممتنعة عن التصريح والتلميح فيما يخص الشأن الليبي جملة وتفصيلاً. ‏

وقد يسأل سائل: هل واشنطن بحاجة لإشاعة تقارير وإطلاق اختبارات حتى تسوّغ لجنودها احتلال ليبيا، وخاصة أن حكامها الجدد قد مهدوا لها الجو متذرعين بعجزهم وحاجتهم للمساعدة؟ وهنا يجيب مستمع: نعم أصبحت واشنطن اليوم في ظل الصورة المحدثة للاستعمار تستعد للتدخل في ليبيا واستعمارها تدريجياً دون طبول حرب والاستعاضة عنها بتطبيل وتزمير إعلامي يرحب بهذا التدخل الذي جاء في الوقت المناسب ليخلّص ليبيا وشعبها من اقتتال مطلق الصلاحية، وتمرد مسلّح منتشر في الطرقات دون رقيب أو حسيب، ولا كبير عنده لا عبد الجليل ولا غيره. ‏

 

وفي ضوء التداعيات والمؤشرات من صمت ليبي وأميركي وعربي، نستقرئ تدخلاً عسكرياً لا مفر منه، وترقباً أميركياً لما ستسفر عنه بالونات الاختبار التي أطلقتها واشنطن في الأجواء الليبية والعربية ريثما تحظى بغطاء عربي لتدخّلها تؤمنه قطر، وهذه الأخيرة يجب أن توفر هذا الغطاء قبل آذار القادم، أي قبل أن تودع قطر رئاسة الجامعة العربية. ‏