بدء التصويت في الانتخابات البلدية التركية


بدأ المواطنون الأتراك صباح اليوم الإدلاء بأصواتهم في انتخابات بلدية حاسمة للمستقبل السياسى لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحزبه حزب العدالة والتنمية فى ظل تفاعل مستمر لقضايا الفساد التى طالت مقربين منه وأثارت جدلا واسعا حول مستقبله السياسي.

وتشكل هذه الانتخابات التي دعي إليها 7ر52 مليون ناخب هم من يملكون حق الاقتراع استفتاء سياسيا حاسما بالنسبة لمستقبل أردوغان وحزبه الذي فرض سلطته على تركيا منذ العام 2002 حيث تجرى الانتخابات هذه المرة وسط أجواء ملبدة بفضائح الفساد التي هزت حكومة أردوغان وأظهرت حكومته فاسدة تضم الكثير من المرتشين والباحثين عن الأموال بطرق غير شرعية إضافة إلى استغلال المقربين من قيادا ت حزبه ومن بينهم نجل أردوغان نفسه نفوذ الحزب للقيام بصفقات مشبوهة وهو ما أدى إلى استقالة العديد من وزراء ونواب حزب العدالة والتنمية وقيام أردوغان بحملة ابعاد منظمة لرجال الشرطة والقضاة الذين حققوا في هذه القضايا للتعتيم عليها.

ولم يكن بعيدا عن هذه الفضائح ما كشفته التسريبات التي نشرتها وسائل الإعلام التركية قبل أيام حول اجتماع سرى لأركان حكومة أردوغان والمقربين منه يتحدث عن التخطيط لاعتداء عسكري ضد سورية وذلك بالتنسيق بين المخابرات التركية والمجموعات الإرهابية المسلحة في سورية ويتضمن اعترافات بإرسال السلاح والمسلحين بالتنسيق مع مشيخة قطر.

ودفع نشر هذه الفضيحة الجديدة وغيرها إلى بروز ردود أفعال هستيرية من قبل أردوغان وطاقمه منها حجبه موقع يوتيوب الذي نشر هذه التسجيلات والتهديد بإغلاق موقع فيسبوك لمنع انتشار أي تسجيلات صوتية جديدة تكشف المزيد من الفضائح لممارساته ونهج حكومته وذلك بعد أيام من حجب موقع تويتر في محاولة منه لخنق كل القنوات التي تكشف فضائحه وتعري سياساته الداخلية والخارجية أمام الرأي العام التركي.

وتضاف إلى هذه الفضائح أيضا حملات القمع التي مارسها أردوغان ضد الاحتجاجات التي شهدتها تركيا منذ شهر حزيران الماضي والتي أدت إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى واعتقال المئات من المحتجين وهو الأمر الذي أدى إلى زيادة النقمة الشعبية ضده وضد حكومته ما سيؤدي وفق العديد من المراقبين إلى بروز نتائج هذه النقمة من خلال صناديق الاقتراع.

وعلى الرغم من كل المحاولات التي يقوم بها أردوغان لتوظيف كل قدراته للنجاح في هذه الانتخابات إلا أن كل المعطيات تسير بما لا تشتهي سفنه حيث يعمل جاهدا على التركيز على ما حققه من النواحي الاقتصادية قبل سنوات متجاهلا التراجع الواضح في نسبة النمو وتراجع الاستثمارات في تركيا خلال السنوات الأخيرة.

يضاف إلى ذلك محاولته توريط بلاده في العدوان على سورية والذي ظهر جليا في السماح للمجموعات الارهابية المسلحة بالتسلل إلى الأراضي السورية من تركيا وتزويدها بالسلاح وصولا إلى الاعتداء السافر عبر اسقاط الطائرة السورية قبل أيام عدة وهو ما رأت فيه المعارضة التركية محاولة "لتوريط تركيا فى حرب هدفها الكسب الانتخابي والمصالح الانية الضيقة لحزب العدالة والتنمية".

داعية إلى "محاكمة أردوغان أمام المحاكم الدولية لارتكابه جرائم حرب في سورية وتركيا".

وبهذا الصدد أكد كمال كيليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري التركي "أن حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان تحولت إلى عصابة داخل الدولة التركية ويجب محاكمة مسؤوليها بعد أن حولوا الدولة إلى أداة في السياسة الداخلية".

وأشار كيليتشدار أوغلو إلى أن "أردوغان الذى امتنع عن إرسال ابنه لأداء الخدمة العسكرية الالزامية أصبح أسير أطماعه وجشعه بحيث لن يتردد عن جر ابناء تركيا الشباب إلى الأزمة في سورية "لافتا إلى أن "حكومة حزب العدالة والتنمية تخطط لاحداث تطور طارىء لتنسى الشعب التحقيقات فى قضية الفساد والرشوة عبر افتعال حرب مع سورية وأي مؤامرات ومخططات من هذا النوع في دولة ديمقراطية سيضع تركيا في موقف حرج على الساحة الدولية".

ولا يمكن في هذا السياق استبعاد تأثير هذه الخطوات على نتائج الانتخابات البلدية التي تجري اليوم وخصوصا أن شعبية أردوغان وحزبه طوال السنوات الاثنتي عشرة الماضية بنيت في قسم كبير منها على سياسة صفر مشاكل التي نظر لها اردوغان وأقطاب حزبه مطولا لبناء علاقات متينة مع دول الجوار والتي أسهمت فعلا في تحسن الأوضاع الداخلية التركية على مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

لذلك يمكن تبرير حجم الخوف الذي يشعر به اردوغان تجاه نتائج الانتخابات البلدية التي تجري في تركيا اليوم والتي اعتبرها أردوغان بمثابة استفتاء على مستقبله السياسي حيث قال بأنه "إذا لم يحرز حزبه المرتبة الأولى فى هذه الانتخابات فإنه سينسحب من الحياة السياسية" وخصوصا أن كل المعطيات واستمزاج الرأي العام التركي يظهر تحولا كبيرا في النظرة إلى سياسات أردوغان وحزبه والتي باتت تشكل خطرا على مستقبل تركيا وشعبها بعد سلسلة المغامرات الفاشلة التي زجها أردوغان بها.