بريجنسكي في كتابه الجديد: أمريكا اليوم كالاتحاد السوفييتي قبيل سقوطه!

زبغنيو بريجنسكي

 

 

 

د. عيد ابو سكة - البعث

 

 

لا يمكن لأحد ممّن تابع تاريخ أمريكا السياسي أن ينسى ملامح وتقاطيع وجه زبغنيو بريجنسكي، اليهودي بولندي الأصل الذي كان مستشاراً لمجلس الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس الأسبق جيمي كارتر(1976- 1980)..

هذا الرجل، شبّه أوضاع وظروف أمريكا الآن بما كانت عليه ظروف وأوضاع الاتحاد السوفييتي قبيل سقوطه في مطلع تسعينيات القرن الماضي، جاء ذلك، قبل أيّام، بمناسبة مناقشة كتابه الجديد " رؤية استراتيجية.. الولايات المتحدة وأزمة القوة العالمية"، الذي يجيب فيه عن أسباب الاعتقاد بأن الولايات المتحدة في طريقها للانحطاط والسقوط كقوة عظمى.


أما مظاهر التشابه في رأيه فأهمها وجود نظام حكومي مشلول، غير قادر على إجراء تعديلات جادة في السياسات الداخلية والخارجية، وإنفاق عسكري بميزانية باهظة ومحاولة فاشلة مستمرة على مدى عقد لإخضاع أفغانستان، لكن دون فائدة. وهذا ما فشل أيضاً الاتحاد السوفييتي في تحقيقه.

وأضاف بريجنسكي صاحب كتابي "الفوضى" و"رقعة الشطرنج الكبرى" وسواهما بأنه ينبغي على واشنطن أن تكون قوية بدرجة كافية لتصبح الشريك الأول والمسؤول عن دول الشرق لا سيما الصاعدة التي بدأت تكشّر عن أنيابها- في إشارة إلى الصين ـ حيث ينبغي لأمريكا أن تستحوذ على دور القوة المتوازنة، لكنه استدرك وقال: إنه لا يعتقد بأن حرباً أمريكية مع الصين سوف تقع.. على الأقل ما بين العشر إلى الخمس عشرة سنة المقبلة .


النصيحة التي يقدمها بريجنسكي، في كتابه الجديد، تتمحور على الاقتراح بمعالجة المعضلات الأمريكية الأربع التالية:


- النتائج التي يمكن أن يترتب عليها انتقال ثقل القوة العظمى من الغرب إلى الشرق، وتأثير استيقاظ البشرية إنسانياً، في إشارة الى ما سمّي الربيع العربي وعدوى انتشاره على مدار العالم .


- أسباب تقلص تأثير الولايات المتحدة الدولي وعلامات تراجعها على المستوى الداخلي والخارجي، وكيف أنها أهدرت فرصتها العالمية بعد انتهاء الحرب الباردة.. وكيف يمكن لها أن تنقذ نفسها وتستعيد قوتها بمراجعة نظرتها الجيوبوليتيكية القديمة .


- لو سقطت أمريكا فعلا.. ما التأثيرات ومن سيكونون ضحايا هذا السقوط؟ وهل يمكن للصين أن تقوم بدور أمريكا أو تحل محلها بحلول متوقع ما بين 2020-2025 ؟.


- وأخيرا إذا ما تمكنت أمريكا من استعادة عافيتها فكيف حينئذ ستحدد أهدافها؟ هنا يقترح بريجنسكي ويناقش فكرة ضم تركيا وروسيا لاتمام التوسع النفوذي الأمريكي بشكل أكثر حيوية وحتى الحدود مع الصين قبل 2025 .


إذاً، لايزال الرجل على هوايته القديمة في رســم الخرائط الجيوبوليتيكية، وتكرير الأفكار حول سبل الحفاظ على هيمنة أمريكية على العالم، وخصوصاً تلك التي أوردها بمشاركة مستشار أمن قومي آخر هو برنت سكاو كروفت في الكتاب المشترك "أمريكا والعالم" الصادر في طبعته الأولى عام 2008 ، بينما شقّ رئيسه كارتر لنفسه خلال العقود الثلاثة الماضية طريق الاندماج الميداني بفضّ النزاعات الدولية، وليس بتلوينها واستمرار اللعب على نظرية القوة وخيلائها، كما يفعل بريجنسكي.. وإن كنّا لا ننكر للرجل، في كتبه عموماً، فضيلة إثارته وتأكيده للحقائق الدامغة لسياسة الولايات المتحدة، المنحازة كليّا لصالح الكيان الصهيوني، والتي رأى عبر كتابه الجديد، وهو يهودي، أنها ازدادت أكثر فأكثر في عهد باراك أوباما!.