بعد الشيعة.. تنظيم القاعدة يعلن الحرب على مسيحيي الشرق !!

 

لايختلف صباح بغداد عن اي مشهد عرفته المدينة منذ التاسع من نيسان عام الفين وثلاثة, دفن القتلى , معالجة الجرحى , التمسك بالحياة او لملمة الاغراض للرحيل الى المنفى .

 معركة كنيسة النجاة في الكرادة بين الشرطة العراقية ومسلحين من تنظيم القاعدة الذين احتجزوا عشرات الرهائن المسيحيين في الكنيسة أسفرت كما بات معلوما عن  عشرات القتلى من الرهائن والخاطفين ورجال الشرطة العراقية.

الحدث العراقي لايحمل جديدا.. فأعمال العنف لم تتوقف يوما.. ولكن الجديد هو الطريقة والمطالب , فللمرة الأولى يتصرف تنظيم القاعدة بطريقة احتجاز الرهائن جماعيا وتقديم مطالب محددة للإفراج عنهم, فهو اعتاد أسلوب السيارات المفخخة أو احتجاز أحد الاجانب وإظهاره يتوسل على التلفزيون, وتقديم مطالب يعرف أنها غير قابلة للتطبيق مثل سحب القوات الامريكية فورا  .

ولكن عملية سيدة النجاة اتخذت طابعا مختلفا أيضا على صعيد المطالب.... فالخاطفون لم يطالبوا بقضية تتعلق بشأن عراقي عدا تفصيلة صغيرة تتعلق بإطلاق سراح أرملة عبد الله المهاجر الذي خلف أبو مصعب الزرقاوي في قيادة التنظيم والذي قتل بدوره على يد القوات الامريكية.

المطالب كانت اطلاق سراح مسلمات مصريات محتجزات في أديرة قبطية في مصر, في تناغم مع مطلب الإسلاميين في مصر الذين يتحدثون عن احتجاز قبطيات إعلن إسلامهن وتزوجن من مسلمين, ولكن الكنيسة القبطية احتجزتهن في الأديرة  لحمايتهن على مايبدو من مسيحيين غاضبين.

تنظيم القاعدة لم يهتم بنظرية أن من احتجزهم في بغداد هم من الكاثوليك, في حين أن المسالة في مصر تتعلق بأقباط أرثوذكس, فهو على مايبدو يتعامل مع المسيحيين بصورة عمومية.

وطبعا ليس غريبا أن يتجاهل تنظيم مثل القاعدة الموقف اللافت الذي اتخذه مجلس السينودس لأساقفة الكاثوليك في الشرق الاوسط في الفاتيكان في روما, والذي أثار غضب إسرائيل حين انتقد قضية استخدام عبارات دينية مثل أرض الميعاد التي ترد في العهد القديم لتبرير احتلال وقتل الغير, كما هاجم إسرائيل لرفضها السلام, وقال إن احتلالها للأراضي العربية هو أم كل المشاكل والأعمال المتطرفة في المنطقة والتبرير الرئيس الذي يستخدمه المتطرفون الإسلاميون لتبرير أعمالهم واكتساب تعاطف في أوساط واسعة في الشارع الإسلامي وبالتالي تزايد الهوة بين المسيحيين والمسلمين في المنطقة نتيجة الدعم الامريكي والغربي عموماً لإسرائيل بما يؤدي الى هجرة واسعة لمسيحيي الشرق .

طبعا هذه ليست المرة الاولى التي تتناغم فيها أعمال تنظيم القاعدة بما يصب في مصلحة السياسة الامريكية في الشرق الاوسط أو تستفيد منها اسرائيل.. وهناك من يعتقد أن هذا التنظيم قد وجد أصلا لتبرير السياسة الامريكية في المنطقة منذ حادثة البرجين في نيويورك .

القاعدة كانت المساهم الرئيسي في تهجير المسيحيين العراقيين بعد الهجوم الشامل على كنائس بغداد والموصل بين العامين ألفين واربعة والفين وثمانية, ما أسفر عن  هجرة واسعة للمسيحيين العراقيين من كلدان وآشوريين الى سوريا ومنها الى استراليا ودول الشمال الاوروبي.

القاعدة تعرف ما تفعل, وكذلك الولايات المتحدة, ولكن كيف تستجيب القوى الحية في المنطقة لهذه الاعمال ... بالمزيد من الحديث المضجر عن الوحدة الوطنية وتعايش المسجد مع الكنيسة والمعانقة بين الهلال والصليب من قبل رجال دين المؤسسات الرسمية قليلي المصداقية,  ردود الفعل الباهتة لهذه الدرجة  غير قادرة على مواجهة هجمة بهذا المستوى من الوحشية والهمحية وبنفس الوقت من الاتقان والفعالية.

حديث سقيم عن التعايش وتاريخه ومحاولات بائسة لإيجاد مخارج للاختلاف الديني مثل قضية صلب السيد المسيح كما يقول المسيحيون أو رفعه الى السماء كما يقول المسلمون, ولاأعرف لماذا نحتاج الى التوفيق أو التلفيق كي نتعايش كأفراد في الشرق الأوسط, كأننا لانستطيع أن نتعايش إلا إذا أزلنا اختلاف عقائدنا.

بهذه الردود الباهتة من الحكومات وقوى المجتمع المدني لن يكون بعيداً ذلك اليوم الذي ستتحول فيه الارض التي انطلق منها بولس الرسول لينشر المسيحية في العالم الى مكان يضيق بالمسيحيين, ولتكون أرض المسيحية الأولى بدون مسيحيين.

 

شام نيوز – خاص