بعد صدور مذكرات التوقيف.. تيار المستقبل متمسك بالتقارب مع سوريا

 

 طغت مذكرات التوقيف التي أصدرها القضاء السوري بحق 33 شخصية في الدعوى المقامة من اللواء جميل السيد ضد شهود الزور ومفبركيهم على الاهتمامات الداخلية، لما تمثله من تطور نوعي ومزدحم بالدلالات، لا سيما انه ينبع من دمشق ويصب في بيت رئيس الحكومة الذي يحتضن عدداً كبيراً من المطلوبين للعدالة السورية.

وخطف الخبر الآتي من دمشق الأضواء من جلسة مجلس الوزراء اللبناني المقررة اليوم لاستكمال البحث في مشروع موازنة 2011، والتي مهد لها رئيس الجمهورية ميشال سليمان باتصالات واسعة، رمت الى ضمان انعقادها تحت "مظلة أمان"، وسط توقعات بعدم التداول بالبند المتفجر المتعلق بتمويل المحكمة بناء على رغبة سليمان.

كما أن مصادر وزارية قالت لـ"السفير" إنها تستبعد أيضاً ان تتم مناقشة تقرير وزير العدل حول شهود الزور لأن الوزراء لم يكونوا حتى ليل أمس قد تسلموا نسخاً عن التقرير، علماً أن الأصول تقضي بأن يطلعوا عليه مسبقاً لدراسته، قبل عرضه على طاولة مجلس الوزراء.

في هذه الأثناء، كان الرئيس الحريري يواصل زيارته الى السعودية والتي كان قد قصدها الجمعة بناء على طلب عاجل من القيادة السعودية للقائه، بعد عودة الأمير عبد العزيز بن عبد الله من دمشق التي زارها قبيل ايام حيث التقى الرئيس بشار الأسد، علماً أنه كان مفترضاً أن يعود الحريري الى بيروت سريعاً، ولكن تقرر ان يمدد وجوده في الرياض حتى ساعة متأخرة من ليل أمس، لاستكمال البحث مع المسؤولين السعوديين.

وقالت مصادر واسعة الاطلاع لـ"السفير" إن الاتصالات الناشطة بين سوريا والسعودية في الأيام الأخيرة، ثم زيارة الحريري الطارئة الى الرياض، إنما تندرج في إطار السعي الى بلورة تسوية متكاملة، ولكن المصادر تجنبت المغامرة بإطلاق توقعات إيجابية حيال حصيلة الجهد المبذول، مشيرة الى وجود خشية من ان يعطل الموقف الاميركي أي محاولة لتجنيب لبنان فتنة القرار الظني.

وسط هذه الأجواء، تبلغ اللواء الركن جميل السيد من محاميه في سوريا، ان قاضي التحقيق الاول في دمشق قد أصدر 33 مذكرة توقيف غيابية بحق قضاة وضباط وسياسيين وإعلاميين وأشخاص من جنسيات لبنانية وعربية وأجنبية، ومن بينهم القاضي الألماني ديتليف ميليس ومساعده المحقق الألماني غيرهارد ليمان، وذلك اثر انتهاء المهلة القانونية للتبليغات في الدعوى المقدمة من قبل اللواء السيد امام القضاء السوري منذ

حوالى السنة في مؤامرة شهود الزور وشركائهم خلال التحقيق في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

وإذا كان صدور مذكرات التوقيف يعكس مساراً قضائياً متدرجاً، انطلق منذ قرابة عام، إلا ان ذلك لا يلغي الأبعاد السياسية لمذكرات التوقيف التي توحي بأن فترة السماح السورية للرئيس سعد الحريري قد انتهت وأن ساعة الوفاء بالالتزامات قد دقت "تحت طائلة المسؤولية"، لا سيما وان معظم المطلوب توقيفهم ينتمون الى فريق رئيس الحكومة.

في هذا الوقت، قالت أوساط بارزة في تيار المستقبل لـ"السفير" إن مذكرات التوقيف الصادرة عن القضاء السوري هي خطوة مستغربة، خصوصاً وأنها جاءت بعد المبادرات الإيجابية للرئيس سعد الحريري تجاه سوريا وبعد جهود مضنية بذلها لإقناع جمهوره بأهمية وضرورة التقارب معها.

وأشارت الأوساط الى انه وبرغم "خيبة الأمل التي تركها الإجراء السوري"، إلا أن تيار المستقبل متمسك بالتقارب مع سوريا، لأن رغبتنا في بناء علاقة جيدة معها هي نتاج اقتناع.

وأكد محامي اللواء السيد في دمشق فصيح عشي لوكالة "فرانس برس" ان قاضي التحقيق السوري حاول أكثر من مرة تبليغ المدعى عليهم عن طريق السلطات اللبنانية بالدعوة لاستجوابهم، لكن السلطات اللبنانية امتنعت، ونظراً لعدم حضور أي من المدعى عليهم للاستجواب لم يكن امام قاضي التحقيق بعد الانتظار الطويل غير المعتاد سوى إصدار مذكرات التوقيف، معتبراً أن الإجراء المتخذ تم حسب الاصول والقانون وإن جاء متأخراً.

إلى ذلك، واصل النائب وليد جنبلاط ابتعاده المتدرج عن المحكمة الدولية، وهو اعتبر أمس «ان لا حاجة الى المحكمة الدولية اذا كانت ستجعل الدم يسيل»، مجدداً القول إن كشف حقيقة شهود الزور هو المدخل لمعرفة حقيقة من اغتال الرئيس رفيق الحريري.

وتساءل خلال جولة له في الجبل (عاليه): من قال إنه ليس هناك شهود زور في اتهام حزب الله في اغتيال الحريري؟ منبهاً الى ان هناك غيوماً كبيرة تطل على لبنان.

وأوضح جنبلاط أن «اللقاء الديموقراطي» سيدرس القرار من تمويل المحكمة الدولية، اذا طرح الموضوع، لافتاً الانتباه الى ان اللقاء يضم نواباً مستقلين ونواباً ملتزمين بقرار «الحزب التقدمي الاشتراكي»، مع الأخذ بعين الاعتبار ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون قد يجد مصادر تمويل اخرى.

ولاحقاً، قال جنبلاط لـ«السفير» إنه يتمنى ألا تصل الامور الى التصويت في مجلس الوزراء على بند التمويل وأن تُحل المشكلة بشكل توافقي، أما إذا لم يحصل ذلك فسأتخذ الموقف السياسي المناسب الذي يتلاءم مع مصلحة الوفاق الوطني مع الخط السياسي الذي أتبعه منذ 2 آب 2009.

 

 

شام نيوز- السفير- وكالات