بعض الإعلام العربي أضر بالقضايا والحقوق العربية

الساحل السوري والفلسطيني ساحل واحد هو الساحل الشامي المقابل والمجاور للساحل المصري قبل أن تجلب الحركة الصهيونية والدول الاستعمارية أمواج المهاجرين اليهود لاغتصاب فلسطين، والعلاقة بين مدينة جبلة والقدس تذكرنا بالشهيد الشيخ عز الدين القسام ولجوئه إلى فلسطين خلال الاحتلال الفرنسي لسورية، والسيد سامر يوسف ابن جبلة والقدس، وهو كما يحدثنا في هذا اللقاء، لا يستطيع أن يميز بين شبر هنا وشبر هناك من الأرض العربية. والمحامي سامر يوسف صاحب ومدير إذاعة 'شام إف إم' كان مع أسرة هذه الإذاعة يحتفلون بالذكرى الثالثة لانطلاقة هذه المحطة الجادة، التي لا يرى صاحبها خطوطا حمراء في البث الإذاعي إلا ما يسيء لقضايا الأمة العربية. ورغم أن افتتاح محطة بث إذاعي لا يخلو من مغامرة ضمن هذا الطوفان الإعلامي من الإذاعات والقنوات التلفزيونية الجديدة، إلا أنه استطاع من خلال التزامه بالمبادئ والقيم الأخلاقية التي تحافظ على متانة النسيج الاجتماعي وتعزيز مناعة الأمة، من خلال الفنون والبرامج الثقافية والاجتماعية المتنوعة التي تقدمها هذه الإذاعة، أن يكسب لهذه الإذاعة رصيدا شعبيا واسعا بين جماهير المستمعين، وكان لـ'القدس العربي' مع السيد سامر يوسف هذا الحوار في مبنى الإذاعة بدمشق؟
- درست الحقوق، لكنك تعمل في الإعلام وقد أنشأت مؤسسة إعلامية، أين الحقوق من الإعلام؟
- 'الحقوق ليس فقط ادعاء وقضايا، بل إنها تتيح الاطلاع على جميع القضايا والمشاكل، الموجودة في البلد والمجتمع، ومنها يمكن معرفة أدق التفاصيل في الحياة الزوجية من دراسة الحقوق، طبعا بالإضافة للأمور المالية والاقتصادية والتاريخ ومعرفة شاملة لكل مجالات العلوم. دراسة الحقوق غنية جدا وتشمل كل أمور الحياة. أكثر الأشياء تجدين المحامي له دور فيها، أيضا قضايا دولية، كل هذا مشمول في دراسة الحقوق. لكن ما علاقته بالإعلام؟ هذه قصة لها علاقة بالهواية، ليس لها علاقة في دراستي، أنا من مواليد 1970، درست بجامعة حلب ثم انتقلت وتخرجت من جامعة دمشق. لم يكن عندنا في جامعاتنا دراسة إعلام، لكن هذه الهواية عندي من وقت كنت بالصف السادس، دائما تلاقينني حامل الراديو أفتل على المحطات وأحاول ألتقط منها لأن في سورية لم يكن في إلا إذاعة دمشق. لكن كان يأتينا من لبنان كان عندهم نهضة بهذا المجال، نهضة كبيرة وفوضى كبيرة، كنت تلقطين على الراديو على موجة (الإف إم) أكثر من خمسين إذاعة لبنانية، وعشرات محطات التلفزة. اليوم نظمت أمورهم أكثر بحيث صار الموضوع قانونيا أكثر. أنا باعتباري من بيئة ساحلية، كنا دائما يأتينا وسائل إعلام من تركيا، من قبرص، من لبنان، من فلسطين المحتلة.. كنا نشوف الأعداء كيف يتوجهون لنا من خلال الإعلام العربي الذي يبثونه، كيف كانوا يحطون برامج حلوة ليجذبوا المستمع للإذاعة الصهيونية، حتى يمرقوا لنا خبرا نسميه 'سم بالدسم'. نحن في سورية كنا واعين لهذه القضايا، وأنا كنت أعي لماذا يعملون كل هذا الفن الحلو الذي يقدمونه كرمال أيش؟ صرت أسأل نفسي: لماذا إذاعة العدو تريد أن تعطيني أم كلثوم الساعة 6 مساء؟ كان فيه موعد يوم ليش؟ هل 'الإسرائيلي' يحب أم كلثوم؟ أو يحطون أغاني جميلة لفيروز، طبعا فيه سبب: أنت يا عربي تعال اسمع، بعد ذلك كانوا يمررون لك أخبار بينها ليجتذبوا المستمع، والناس تعتاد أن هناك دولة اسمها إسرائيل، إعلامها حلو وما هو جامد، لكن غالبية الناس تتفهم الغرض من هذا الموضوع'.
- كطفل عنده لمحة يقظة وذكاء، كان ينتبه بأن أغنية ما جميلة يمرر العدو معها السم، اليوم كثير من الشباب يمكن أن لا يشغلهم ما وراء الأغنية من خبر سام يحمل معه الكثير من الضرر للمجتمع، هذه الفطنة التي تحتاج إلى مخيلة واسعة، لا بد أن يكون في البيت والبيئة المحيطة أشياء ثقافية وتربية قومية واعية؟
- 'البيئة العامة وتأثيراتها مهمة جدا، والتربية كذلك تبدأ من البيت، أنا وعيت على أبي مناضلا في حزب البعث، وعاش المأساة. نحن صحيح من جبلة، لكن كنا عايشين بالقدس. هذا واقع بالإضافة الى أن الحس القومي واضح في سورية، أنا وعيت ضمن كل النشاطات التي تعمل بالحي أو المدرسة بالإضافة للبيت، هذا كله كان يدرس لنا وكنا على وعي به، لأن الدولة كانت تبذل جهدا لتفهم الطلاب ماذا يجري، وعندما كان يصعب علي فهم شيء كنت أستفسر من البيت، كما تعرفين أن العائلات الوطنية دائما تكون عندها حساسية لأي مشهد صغير فورا تنبه أطفالها. بما أن العرب أكلوا مقالب كثيرة وخدعا كبيرة، تعلموا. نحن وصلنا وفهمنا من الذي صار مع العرب بالزمن الماضي من قصص وخداع هذا عرفناه ودرسناه'.
- هل ترى الشباب العربي اليوم مؤهلين بنفس الهمة أو بنفس الإحساس الذي كان من قبل، سواء في سورية أو في باقي الوطن العربي؟ وإن كان يوجد بعض التراجع.. أين تقع مسؤولية إعلامنا في توعية المجتمع وتزويد الشباب بالمناعة الكافية لأنهم أمل المستقبل؟
- 'للأسف الشديد أنا بحكيها بحرقة، في الماضي كانت المخططات واضحة جدا، سواء جاءت من بريطانيا أو فرنسا أو غيرهما، كان واضحا بأنه غريب ومريب يجب أن تشككي فيه، لكن اللعبة صارت تنطلي علينا وعلى الشباب العربي بشكل عام، صارت أدواتهم هي منا وفينا للأسف الشديد، صار الفكر المدمر منا فينا، تجدين الفضائيات كل واحدة على شكل ولون. في بعض الفضائيات تشعرين بأن إسرائيل ما فيها تخدم حالها بمقدار ما هذه الفضائية تخدمها، ولا أمريكا أو أي دولة استعمارية أو مخطط مضاد للعرب والعروبة، صارت أدواتهم منا وفينا، برأيي هم كسبوا بعض الشيء. وأنا أتوقع أن يكون لدى الناس نسبة ذكاء عند قراءة الخبر أو مشاهدته، حتى لو جاء من محطة عربية، لأن بعض المحطات سواء كانت إخبارية أو دينية طائفية تشعل النار بين هذا وذاك، هذه من تتصور أنها تخدم السنة أو الشيعة أو المسلمين أو المسيحيين، لكن هذه القنوات تخدم إسرائيل، هذه واضحة إنما صارت بأصوات عربية. ومن هنا تأتي أهمية الإعلام، وهذا الشيء نحن أدركناه من زمان. لكن للأسف، نحن بسورية بعد ما صرنا كما يجب إعلاميا، نحن بالسياسة أقوياء ونعتبر اللاعب الرئيسي بالشرق الأوسط، ولكن إعلاميا ما زلنا ضعيفين جدا للأسف الشديد'.
- برأيك، ما هي أهم الأسباب؟
- 'أنا لا أريد أن أحلل حتى لا يقال ما صار له كم سنة بمؤسسة إعلامية. أنا أرى أن منح هامش أوسع من الحرية يفترض أن يكون حتى شعبك يقبل إعلامك، افتحي له هامشا من الحرية، بعد ذلك الأمور الجانبية والهامشية يجري النقاش فيها، حتى لا يدخل أي مندس في هذه الوسائل، كما يصير في الإعلام العربي. إن كان الخوف من هذا الاندساس أو خوفنا أن هذه القنوات تعمل ضد المصلحة العربية وعلينا أن نسكر أفواهنا، أعتقد أن هذا غير صحيح وليس لصالح الأمة. لازم يكون عندنا هامش أوسع من الحرية، وأهم شيء أن تكون القيادات الإعلامية متنورة'.
- دور الإعلام العربي في هذه الفترة التي يواكبها تحول واضح في المنطقة وهو يصب في مصلحة إسرائيل، وتتحول القضية الفلسطينية لقضايا متعددة الجدار، القدس، غزة وغيرها... هذا الإعلام العربي، برأيك، سواء المسموع أو المقروء أو المرئي، ماذا قدم للمجتمع العربي من الحقيقة؟ وهل ساهم البعض منه، بشكل مباشر أو غير مباشر، بخدمة العدو؟ أين نقاط الضعف، وأين نقاط القوة بإعلامنا في هذه الفترة بالذات؟
- 'إذا أردنا أن نحكي بالمنطق، فإن هذا الانفتاح الإعلامي العربي بتصوري ليس للعرب يد فيه، عملوا لنا فضائيات وعملوا لنا أقمارا (ستلايت) بكل البلدان العربية، كان هذا مخططا بأنا نحن الذين نريد أن نبث لهذه العقول العربية ونغذي الشيء الذي نريده، فيه محلات نحن استفدنا بالتأكيد من هذا الانتشار، لكن توجد فوضى شديدة، فيه قنوات عبرية بالمطلق، وليست عربية، رغم هذا الشيء نحن العرب استفدنا. عندما تقوم إسرائيل بضرب غزة بالقنابل الحارقة التي أثرها يبقى لسنين، وكيف تشوه الأجساد، مجرد أن الناس والعالم يشاهد هذه الجرائم فهو شيء جيد ويفيدنا. لكن صار عند الناس عادي أنهم يرون مئة قتيل مثلا في العراق أو غيرها، دبابة إسرائيلية تدهس عائلة فلسطينية، هذه المشاهد الدموية بدأنا نألفها ونبلعها. لكن لما الطفل يشوف أعمال إسرائيل وجرائمها صار يعرف، بدل ما أنت تعلميه إياها، بمعنى أن الأجيال استفادت من المحطات بأن ترى جرائم العدو وسوف تحفظ بذاكرتهم، طالما الأطفال واعين ما يشاهدون فهذا المبدأ لا يموت والحق لا يضيع. هذه إيجابية الفضاء العربي الإعلامي المنفتح، لكن السلبية التي تحدثنا عنها، هناك ناس دخيلة على الإعلام. طبعا كل عمل فيه سلبيات وايجابيات، لا يوجد شيء بالمطلق. ونحن المفروض نعالج هذه السلبيات، مثلا: قناة الحرة، وراديو سوا، أمريكا فرضتهما علينا وخلتنا نشوفهم بصورة صافية وأكثر من قناة، حاولوا يدخلوا على سورية، لكن الدولة لم تسمح بتركيب محطات هنا، مع ذلك نلتقطها من لبنان، من الأردن، لكن رغم هذا الشيء لما الواحد يشوفها، رغم ملايين الدولارات التي تصرف عليها لا أحد ينخدع. فيه قنوات انكشفت حتى لو الرؤوس الذين يعملون فيها عرب، لكن وضحت سياستها وانفضحت'.
- قررت أن يكون عندك مؤسسة إعلامية بسورية، هل واجهت صعوبات؟ وهل عملت حسابات للكم الإعلامي الموجود ضمن الخسارة والربح؟ أو جاء المشروع من أجل هدف مادي أو هناك هدف ما تريد إيصاله للمستمع العربي والعالم؟
- 'لوأنه هدف مادي بالمطلق كنت شفت 'شام إف إم' الموجودة حاليا غير 'شام إف إم' التي تفرد مساحة كبيرة للثقافة، مساحة كبيرة للمشاكل الاجتماعية، مساحة كبيرة للطرب والفن الراقي والجميل، ومساحة يومية للست فيروز التي تعلمنا الاعتزاز بكرامتنا. لو أن الهدف مادي بحت كانت محطتنا تأتي بالمطربين الصغار (الجذابين) هؤلاء الذين يأتون بالفلوس. بنفس الوقت أقول: نحن لا يمكن أن نعمل مشروعا إعلاميا ونعتمد على التبرعات، بالنهاية هناك دخل لازم يكون موجود وهو يأتي من الإعلان، لازم نمسك العصا من الوسط، لا نقدم الشيء السخيف فقط ليجيب الفلوس، وبنفس الوقت لا نقدم البرامج الجامدة التي لا تجيب أي فلوس بالمرة، أي مشروع بالعالم يجب أن يكون عنده دخل ليستمر، ونحن الدخل عندنا إعلانات ونراعي ذلك ضمن حدودنا، نضع برامج لا تسيء وجيدة نسبيا، هذا هو هدفي من الراديو، المصداقية في البرامج'.
- المشروع الإعلامي يحتاج إلى إدارة جيدة، أنت كمدير وصاحب مؤسسة إعلامية، هل برأيك النجاح يعتمد على الشخص نفسه صاحب المؤسسة، أو يعتمد على فريق العمل؟ وكيف تتعامل مع مؤسستك وفريق العمل فيها؟
- 'الواقع أن المدير الجيد أو الممتاز وحده لا يستطيع أن يعمل مشروعا إعلاميا ناجحا أو إذاعة ناجحة ولا يمكنه ذلك، المدير الجيد بشكل عام بحاجة لناس جيدين معه، لازم يكون هناك فريق عمل وإدارة، لهذا لا يكفي من دون أن يكون في بعض الأحيان تشاور وحوار لنصل إلى نتيجة ما، لا بد من تقديم مقترح ما، برنامج، فكرة مشروع، لأنه عندما يكون أكثر من عقل يفكر ويشارك يطلع معهم أكثر وأغنى من عقل واحد يفكر، لكن المدير مهم لأنه إن وجد فريق جيد ومدير غير جيد يجعلهم لا يعرفون كيف يشتغلون، لازم يكون فيه تناغم وتوازن بين الطرفين، ليطلع عمل جيد'.
- في هذه المؤسسة ما هي البرامج والخطوط الحمر الموجودة عندكم، خاصة أن الكلمة لها تأثير كبير كتأثير الصورة، كذلك ما هي علاقتك بالبرامج من حيث الإعداد والأشراف؟
- 'بشكل عام، الخطوط الحمر عندي كل شيء من الغرب أشعر بأنهم يريدون أن يفرضوه علينا بطريقة ما. لا تستغربي وتقولي: أنتم إذاعة ولستم سياسيين. لا، فيه غلط هنا، أنت لما تسخرين جميع أنواع الفنون، لما تقدمين أغنية مثل العلكة تمضغ لتخلص حلاوتها، أنت تكونين تطبقين سياسة بالنهاية، لأنهم يشربوننا القصص بالأغاني، بالسمع، بالبرامج، بطريقة مخاطبة الناس وذائقة الناس، كله مدروس. لا تفكري أي شيء يمر هكذا. متى وفي أي زمن كان عندنا هذا الكم الهائل من الفجور ومن السخف في الأداء والأغاني والأشكال التي تطلع، طبعا أنا ما عندي دعوة للتعصب وما أنا ضد التحرر، لكن التحرر غير الخلاعة التي عما نشوفها، صارت كل أغانينا (سيكس) مع العلم أن أوروبا المتحررة أكثر منا ليس كل أغانيهم هكذا، معناها فيه شيء موجه، وهو أن القيم العربية لازم تهدم، كل شيء مرتبط ببعضه، لما تروح القيم الأخلاقية للمجتمع، عندما يفرط بأي قيمة تتدحرج البقية بعدها، وهكذا يفرط بالأوطان وكل شيء. الخط الأحمر عندي لما أشعر بأني أساهم في هدم شيء في المجتمع، مثلا عندما نقدم برنامجا عن موضوع جنسي، يقال عيب! من وجهة نظري لما أقدم هكذا موضوع وجيب مختصين يشرحون أين الغلط ونقدم توعية هذا مفيد، لكن أن يمرق الجنس المسيء قدامهم مئة مرة باليوم، هذا اسمه الهدم بطريقة خلاعية'.
- ما دمنا في حديث الفنون والمجتمع هناك قضايا كثيرة مثل أغاني مميزة لازم تقدم، كصوت السيدة فيروز، سؤالي لك كمحام عن قضية تثار ضد السيدة فيروز وهي ليست فنانة وسيدة عربية وحسب بل عالمية، كيف تقيم مثل هذا المجتمع الذي وصل إلى هذه المرحلة؟ ألم يعد يؤمن بشيء إلا بالمادة وبأي طريقة؟
- 'سأقول شيئا مهما، شايفة كيف يحاولون أن يهدموا الأشياء المهمة عند العرب، أي شعب في العالم عنده في تراثه وعاداته أشياء جميلة، هذا كله يعملون على هدمه عندنا، كما تهدم إسرائيل البيوت الفلسطينية، وهذا ما أراه بالقيم والأخلاق العربية، ومنها أهم فنانة عربية تحمل قيمة، يبدو صار مطلوبا أن هذه القيم تتهدم، ليش؟ لأن إسرائيل كانت تطلب من بعض الإعلاميين العرب الذين تمون عليهم لتوقف أغاني فيروز، ومنها أغنية 'القدس'، 'راجعون'. بعض الدول استجابت، بعض المحطات وقفت هذه الأغاني. بالتأكيد إسرائيل تعرف ماذا تمثل هذه السيدة، وماذا أعطت وتعطي للعرب، لأن وقفتها فيها عز بتعلمنا نحترم نفوسنا، بتعلمنا كيف نخلي العالم كله يحترمنا، المطلوب ما نكون نحن محترمين، لا أريد أن أكبر الموضوع وأقول أنه يوجد مخطط عالمي وهو يتزامن مع الشيء الذي صار مع فيروز، يتزامن مع هدم قيمنا كلها ومنها هذه القيمة الموجودة، فيروز'.
- أين دور الإعلام العربي في مواجهة الأزمات؟ وهل يمر على مثل هذه القضايا مرور الكرام؟
- 'للأسف الشديد، لو أنه صار تفجير بالحي الشيعي أو الحي السني بالعراق، يبث الخبر بأن تفجيرأ صار بحي كذا ومقتل مئة، أنا أرى أن هذا الإعلام أصبح لا يهتم إلا بالإثارة، أي شيء يحمل إثارة يقدمه، نحن مع المشكلة التي واجهتها فيروز، قلنا حافظوا على هذه القيمة، فيروز. هذا ليس تجريحا بأولاد منصور الرحباني لأن أباهم وعمهم بنيا هذا الرمز، طلعوا من الفردية، هذا الرمز أصبح عربيا، نحن من هذا المنطلق حكينا، خصصنا مساحة كبيرة في هذه القضية'.
- كيف تتعامل مع المنافسة الموجودة في الساحة الإعلامية؟
- أنا رجل مسالم لا أحب المشاكسة. ولكني بنفس الوقت عنيد، إذا أردت شغلة أحاول قدر المستطاع أن أعملها، لما قررت أن أفتح إذاعة كان يوجد سبع إذاعات كلها بتشبه بعضها. تقليد الإعلام اللبناني، هذا كان سائدا عندنا في سورية. لما دخلنا الساحة صار 180 درجة مختلفا ولا يشبه أحدا غيره، بعد فترة بدأ الإعلام السوري يتغير، تغيروا 180 درجة'.
- كيف تتعامل مع عائلتك في البيت؟ بنفس الروح القومية، ومع عائلتك الثانية في العمل هل يوجد حوار أم أن المدير يأمر وعليهم التنفيذ؟
- 'أنا عائلتي بالبيت مقصر بحقهم بسبب العمل الكثير، لكن أعلم أولادي الروح القومية لأن نحن العرب انظلمنا كثيرا، وأكثر ناس ظلموا العرب هم العرب أنفسهم للأسف الشديد. أولادنا لازم يرضعون هذه المبادئ مع الحليب. أنا عندي عائلتان بالبيت وبالعمل. وهنا نتعامل مع بعض بالنقاش والحوار بحيث تظل العلاقة مريحة، لكن يجب أن يكون فيه قرار وإلا تحترق الطبخة، حاولت أن أعمل توازنا، وعندما يحتاج الأمر إلى قرار آخذه وأمشي فيه بشكل يرضي الجميع، هنا تجمعنا روح المحبة والزمالة أكثر من علاقة موظفين'.
- كيف تنظر إلى الوضع السياسي في المنطقة، وخاصة تلك الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل مع أسطول الحرية؟ وحصار غزة، هل برأيك ستحل المشكلة قريبا أو سيؤدي تعنت إسرائيل وانقسام العرب إلى مزيد من الكوارث؟
- 'كثير جيد هذا الذي حدث، بعكس ما يحكى أن اليهود أذكياء وخبثاء، لكن قضية هجومهم على أسطول الحرية أثبت أنهم حكومة مجرمين، المشكلة أنه لا يوجد مجتمع دولي، لو كان هذا المجتمع الدولي موجودا كان يجب أن تقطع جميع الدول علاقتها بإسرائيل، لو سورية أو أي بلد عربي عملت ما عملته إسرائيل لانعقدت، ليس فقط محكمة دولية واحدة فقط، بل كان تحول مجلس الأمن لمحكمة كما يفعل دائما، وقد كشفت ضربتهم أسطول الحرية أنهم شعب همجي متوحش ما عندهم قيم ولا أخلاق. كانت هذه لصالحنا. لكن المنطقة، كما أعتقد، قادمة على جحيم. لأنهم يفبركون قصصا جديدة، كما أن فلسطين تنزف يوميا من الشهداء والسجون والحصار والجوع والعطش، لذلك العصابة الموجودة بإسرائيل لا تفكر بالسلام أبدا، وهم يضعون الفلسطينيين بسجن يصغر عليهم يوما بعد يوم، والتهويد بالقدس لا يتوقف'.
القدس العربي