بعض دلالات الاعتراف بفلسطين

مع أن إسرائيل تُعير ما يمكن أن يترتب على قرار الجمعية العمومية في الأمم المتحدة تأييد إقامة دولة فلسطينية من جانب واحد في حدود 1967 من ردود فعل فلسطينية شعبية، اهتمامًا أكبر من الاهتمام بجوهر القرار نفسه، لكون الأمم المتحدة لا تملك القدرة أو الصلاحية على إنشاء دول جديدة.
إلا إن أحد كبار الخبراء القانونيين في "المعهد الإسرائيلي للديموقراطية" (مستقل)، وهو الدكتور عميحاي كوهين، أكد أخيرًا في تحليل قانوني للموضوع أن مثل هذا القرار ربما ينطوي على دلالات سياسية وقانونية مهمة، في حال اتخاذه بغالبية ساحقة تفوق "الأغلبية الأوتوماتيكية" التقليدية في هذه المنظمة الدولية.
وبرأيه فإن قرارًا كهذا سيعني من جهة أولى اعتراف غالبية دول العالم بهذه الدولة، ومن جهة أخرى سيؤدي إلى طرح حقوق هذه الدولة المستحقة في جدول الأعمال العالمي في صلة مباشرة مع مسألة ما الذي يتعين على إسرائيل أن تفعله عقب قيامها.
وشدّد أيضًا على أن الاعتراف العالمي بالنسبة لسيرورة نشوء دول جديدة، بات في الآونة الأخيرة أكثر أهمية وتأثيرًا من النصوص الجافة التي تتضمنها المواثيق والمعاهدات الدولية في هذا الشأن، وفي مقدمها "ميثاق مونتفيديو"من عام 1933 الذي شمل التعريف الكلاسيكي لموضوع إقامة دولة جديدة.
واستعرض الوضع الشائك لهذا التعريف ومدى ملاءمته مع أحكام القانون الدولي.
وبناء على الدلالتين السالفتين أشار هذا الخبير إلى أن الجهود الإسرائيلية المبذولة لكبح مبادرة أيلول الفلسطينية تركز أساسًا على الحؤول دون تعبئة غالبية ساحقة مؤيدة لها في الأمم المتحدة، وخصوصًا في ما يتعلق بالاعتراف بحدود 1967 باعتبارها حدودًا دائمة للدولة الفلسطينية، ذلك بأن الاعتراف العالمي بهذه الحدود من شأنه في قراءته أن يجعل إسرائيل تواجه وضعًا إشكاليًا للغاية تصبح فيه، ربما على المدى القريب، بمثابة دولة تحتل أو تغزو أراضي دولة أخرى تحظى باعتراف عالمي.
وخلص إلى القول إن من الجائز أن لا تتوافر في الوقت الحالي مثل هذه الغالبية الساحقة للاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية، وعندها فإن إسرائيل سوف تعتبر أنها خرجت رابحة من هذه الجولة.
لكن مع ذلك لا أحد يمكنه ضمان عدم توافر غالبية ساحقة كهذه في المستقبل تعبر عن اعتراف دولي شامل بالموقف الفلسطيني، حتى في ما يتعلق بقضية الحدود الدائمة، ومجرّد ذلك يستدعي الدخول في مفاوضات حقيقية وجديدة، وإلا فإن إسرائيل سرعان ما ستجد نفسها في خضم وضع سياسي وقانوني لا تُحسد عليه.
انطوان شلحت - القدس