بوادر انشقاق في المؤسسة العسكرية المصرية

ماذا يحدث في المؤسسة العسكرية المصرية التي يبدو أنها تفاجات بشدة من مستوى الأحداث وتسارعها، لدرجة نبهت إلى انها لم تكن تمتلك اي فكرة للتعامل مع الموضوع، وقد تركت بعيدة عن الاحداث الداخلية بسبب خوف النظام منها واعتماده اساسا على وحدات مباحث أمن الدولة والأمن المركزي ووحدات الشرطة , وكلها بأيدي أمينة يختارها رجل أمن النظام الأول اللواء الحبيب العادلي وزير الداخلية السابق ومدير مباحث أمن الدولة اللواء حسن عبد الرحمن , ولكن انهيار المؤسسة الامنية ووزارة الداخلية الغامض خلال ساعات من بدء الاحداث القى بالمسؤولية كاملة على عاتق المؤسسة العسكرية.

 في الساعة السابعة مساءا من يوم الجمعة وبعد تزايد نداءات الاستغاثة لتدخل الجيش بعد انهيار القانون وهروب عناصر الشرطة، شاهد المصريون وحدات عسكرية تتقدم باتجاه منطقة الفنادق الراقية المطلة على النيل وباتجاه منطقة ماسيبرو، حيث توجد وزارة الخارجية ومبنى التلفزيون تقدم الجنود بصمت وسط ترحيب من المتظاهرين، وبدا الجنود غير مبالين حتى عندما صعد المتظاهرون على مدرعاتهم او كتبوا عليها يسقط مبارك وشاركوا الناس العناق ورفع العلم المصري , حتى بدا المشهد كأنه جزء من فيلم يصور ثورة يوليو او مشاهد من انقلاب عسكري , ولكن المشهد انتهى عند هذا الحد رغم النداءات المحمومة من السكان لنجدتهم أو حماية أمكنة مثل المتاحف الهامة او البنوك أو مطاردة البلطجية وهجماتهم على البيوت والمحال، ولم يحاول هؤلاء الجنود الاشتباك مع الناس في كورنيش النيل أو ميدان التحرير حتى غير مكترثين لفرض حظر التجول الذي كانت بلاغات التلفزيون الرسمي تذيعها .


خلف الصور وفي مقر قيادة الجيش، كان أركان المؤسسة العسكرية يخوضون معركة في مابينهم كادت أن تنفجر عدة مرات .
فبحسب مصادر في القاهرة فإن الرئيس مبارك أصر على قيام الجيش بقمع التظاهرات ومساعدة قوات الأمن المركزي ووحدات مباحث أمن الدولة، ولكن الفريق سامي حافظ عنان رئيس الاركان رفض هذا الاجراء وانتهى الامر بحل وسط بإرسال وحدات مختارة لحماية الاماكن الهامة , وبدا لافتا للمشاهدين ان وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي معزول عن الأحداث وسال احد الجنود أمام مبنى التلفزيون الى أي وحدات تنتمي الكتيبة المنتشرة في المكان فجاءه الجواب نحن الحرس الجمهوري , والغريب عدم معرفة وزير الدفاع لنوع الوحدات التي تحمي العصب الحساس في العاصمة من لباسهم المميز أو شاراتهم، ولم يشارك في النقاش الصاخب حول اي من الوحدات العسكرية ستتدخل وعرف في النهاية أن اللواء قائد الحرس الجمهوري نجيب عبد السلام هو من أرسل القوات الى قلب العاصمة , ومن المعروف أن المشير طنطاوي هو رجل يمثل البيرواقرطية العسكرية وليس له ولاء خاص داخل الجيش، وقد احتفظ به الرئيس مبارك كل هذه الفترة لانه بلا طموح حقيقي و بدون وزن .
وقد تركزت الأضواء على شخصية عسكرية برزت فجاءة حين اعلنت الولايات المتحدة أن الفريق سامي عنان قرر قطع زيارته للولايات المتحدة، والعودة بأقصى سرعة الى القاهرة مما أطلق تحليلات عن تشابه الأحداث مع الاحداث التي سبقت مقتل الرئيس السابق انور السادات في العام واحد وثمانين، حين سافر نائب الرئيس آنذاك حسني مبارك إلى الولايات المتحدة في زيارة رسمية امتدت ثلاثة أيام، وعاد بعدها لحضور احتفالات أكتوبر التي انتهت باغتيال أنور السادات على يد عناصر من الجيش بتخطيط المقدم في المخابرات العسكرية عبود الزمر، ومن تنفيذ الملازم اول خالد الاسلامبولي وانتقال مبارك منذ ذلك الحين إلى سدة الرئاسة الأولى.

 


والمقارنة بين ما جرى عام ١٩٨١ وما يحدث اليوم، هي من قبيل الإشارة إلى احتمال حلول عنان مكان مبارك بمباركة أميركيّة، بعدما كان في واشنطن خلال اندلاع شرارة المواجهات بين الشرطة والمحتجين، ولها ما يبرّرها بعدما سارعت وزارة الخارجية الأميركية على لسان المتحدّث باسمها، فيليب كراولي، إلى التعبير عن تحفّظها بطريقة غير مباشرة على خطوة تعيين عمر سليمان نائباً للرئيس المصري.
ومفاجأة التحفظ الأميركي على سليمان، رغم ما يعرف عن الأخير من علاقات جيدة مع اسرائيل ، عزاها البعض إلى ان سليمان مرشح اسرائيل وليس الولايات المتحدة التي تفضل عنان وثيق الصلة بوكالة الاستخبارات المركزية ووزارة الدفاع الأميركيتين .
ويبدو أنّ عنان ٦٣ عاماً الذي يوصف بأنه رجل الظل، يسير حتى الآن وفق نداءات العواصم المؤثرة بضبط النفس وعدم قيام الجيش بقمع المتظاهرين .
هذه السياسة لم يكن بإمكان عنان تطبيقها لولا الشعبية الكبيرة التي يتمتع بها بين الضباط، بعدما أمضى معظم سنوات حياته متنقّلاً بين جبهات القتال وبعد سجل مشاركة ممتاز في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر.
وتدرّج عنان، الذي ينحدر من مدينة الدقهلية في محافظة المنصورة في المؤسسة العسكرية متولّياً العديد من المناصب الرفيعة، بينها منصب قائد قوات الدفاع الجوي، قبل أن يعين رئيساً للأركان عام 2005،
وقد بدا المشهد العسكري غريبا عصر يوم الاحد حين بدأت مقاتلات سلاح الجو المصري تحلق على ارتفاع منخفض فوق ميدان التحرير والقاهرة عموما، وقد احتار المراقبون في طريقة فهم الحدث وقد فهمت بأنها رسالة تهديد للمتظاهرين بأن الجيش قد بدا ينفذ صبره على الاحداث، ولكن مراقبين في العاصمة المصرية قالوا ان اشتباكا وقع داخل المؤسسة العسكرية حين هددت وحدات مدرعة وخصوصا اللواء اركان حرب صبحي صدقي قائد الجيش الثالث، الذي تمتد منطقة نفوذه من القنطرة شمالا حتي فايد جنوبا ومن طريق الاسماعيليه الصحراوي غربا حتى الحدود الاسرائيليه شرقا بالتدخل لقمع التظاهرات واللواء صدقي المعروف بولائه الشديد للرئيس مبارك , هذا التهديد اربك القادة العسكريين في القاهرة وطلب الفريق سامي عنان تدخل وحدات مدرعة من الجيش الثاني بقيادة اللواء اركان حرب محمد فريد حجازي ولكن اللواء حجازي رفض خوفا من اشتباكات مدمرة بين مدرعات الجيش الثاني والثالث وسط العاصمة .
وقد جاء الحل اخيرا على يد الفريق رضا حافظ قائد القوات الجوية المصرية الذي ارسل طائرات اف خمسة عشر الى سماء القاهرة وضواحيها، لتهديد اي فرقة عسكرية تفكر في الاقتراب من القاهرة , والفريق رضا حاصل على بكالوريوس الطيران والعلوم العسكريه عام 1972 وماجستير في العلوم العسكريه وزميل كليه الحرب العليا الفرنسيه، واتبع دورات متقدمة جدا في الولايات المتحده الامريكيه ومن اكثر ضباط الجيش حصولا على الاوسمة , وكانت معلومات صحفية اشارت الى ان المجلس السياسي للمعارضة المصرية قد عين الفريق حافظ رئيسا للمجلس الانتقالي العسكري لما وصف بثورة 25 يناير ,
وعندما عجز عن دخول القاهرة وجه اللواء صبحي صدقي الآلاف من جنود الجيش الثالث الميداني المصري للانتشار في مدينة السويس المصرية، بعد أن اطلق محافظ المدينة نداء بفقدان السيطرة على المدينة .. وتفيد الانباء المتداولة أن قائد الجيش الثالث الميداني اللواء أركان حرب صدقي
صبحي، يشرف شخصيا على خطة الانتشار وتامين المدينة خصوصا في الاماكن الحيوية بالمدينة .. وتفيد الانباء أيضا بانه اعطى اوامره الشخصية للجنود باطلاق النار على المتظاهرين في ميدان الاسعاف بالمدينة..في حال رفضهم مغادرة الميدان..

 

شام نيوز- خاص