بورصة الدراما السورية 10

 

ما يزال الجدل دائراً حول المسلسلات السورية الأبرز التي حققت حضوراً لدى المشاهدين والنقاد، وعلى الرغم من الكم الكبير من هذه المسلسلات، ومن تفاوت الآراء حول الكثير منها، إلا أن النقاشات تركزت في عدد محدود إن كان سلباً أو إيجاباً أو الاثنين معاً، وهو ما يؤشر إلى أن الكثير من استطلاعات الرأي حول شعبية هذه المسلسل أو ذاك هي مجرد اجتهادات قد تتدخل فيها الأهواء.

 

 

 

الدراما السورية في رمضان ..موضوعات مكررة لم يخل بعضها من الجرأة



رغم ما حظيت به الدراما السورية خلال الموسم الرمضاني الحالي، الذي شارف على الانتهاء من متابعة عالية على كافة شاشات الفضائيات العربية، الا انها عانت من "ازمة نص" جعلت موضوعاتها مكررة، لكن لم يخل بعضها من الجرأة.
فقد احتلت المسلسلات السورية غالبية شاشات الفضائيات العربية، حتى انه لم تكد تخلو فضائية من مسلسل سوري او اكثر، على ان هذه الوفرة الانتاجية التي بلغت اكثر من 30 مسلسلا، لم تفرز نوعا دراميا لافتا، فقد اتكأت الدراما السورية هذا الموسم على سمعتها الطيبة السابقة. 
وراح صناع هذه الدراما يستسهلون العمل، معتمدين على تلك السمعة، فجاءت النتائج مخيبة للآمال، رغم وجود استثناءات هنا وهناك، تثبت ان الدراما السورية قادرة على انتزاع اعجاب الجمهور، إن هي تقيدت بالشروط الانتاجية الصحيحة المستندة الى المهنية والخبرات المتراكمة.
ويقول الصحفي السوري راشد عيسى لوكالة انباء (شينخوا)، إن الأزمة التي عانت منها الدراما السورية في هذه السنة تمثلت في "أزمة النص". 
واضاف عيسى ان "الكتاب الذين حققوا نجاحات في مسلسلات سابقة وقعوا هذه السنة في فخ الاستسهال".
واوضح ان "الكتابة الدرامية بدت اعتباطية ومربكة بعد غياب اسماء بارزة هذه السنة مثل حسن سامي يوسف، ونجيب نصير، ونهاد سيريس، وخالد خليفة وسواهم". 
وشدد على ان المشكلة تكمن في "الكتابة الرديئة"، مشيرا الى افتقار الدراما السورية "لكتاب سيناريو مرموقين يمكن لهم ان يحافظوا على مكانة هذه الدراما التي تكرست عبر السنوات".
وضرب عيسى مثالا بالكوميديا السورية، موضحا "انها فقدت القها وجاذبيتها إذ خضعت لشروط الممثل النجم، كما هي الحال مع مسلسل (ابو جانتي)، الذي كتب ونفذ من أوله الى آخره وفق مقاس النجم سامر المصري".
لكنه عاد واستثنى من هذا النوع الدرامي الجزء الثاني من مسلسل "ضيعة ضايعة" للمخرج الليث حجو، الذي جاء "متكاملا في عناصره الفنية،ومدهشا في لوحاته الكوميدية الراقية".
ورغم ما عانت منه الدراما السورية، غير انها تميزت بـ "انقلاب درامي سوري نحو البطولة النسائية"، حسب عيسى.
ففي هذا الموسم الرمضاني حضرت المخرجة رشا شربتجي، والكاتبة يم مشهدي، التي كتبت نص مسلسل (تخت شرقي) بخصوصية نسائية لافتة، فضلا عن اعمال اخرى كان للنساء فيها حظا وافرا مثل مسلسل (وراء الشمس)، و(كليوباترا) للنجمة سولاف فواخرجي، و(ما ملكت أيمانكم).
من جانبه، رأى الناقد السينمائي السوري محمد عبيدو في اتصال هاتفي مع (شينخوا) ان "الدراما السورية في هذا الموسم تحلت بالجرأة".

 


وقال عبيدو ان هذه الدراما "تجاوزت الكثير من المحظورات كما لاحظنا في مسلسل (لعنة الطين)، الذي تناول قضايا معقدة وشائكة لم يكن الاقتراب منها مسموحا حتى وقت قريب، ومسلسل (ما ملكت ايمانكم)، الذي طرح مسائل دينية اثارت انقساما في الشارع السوري، وسجالا في وسائل الإعلام بين مخرجه نجدت أنزور والشيخ محمد سعيد رمضان البوطي".
واضاف ان "هذه الجرأة العالية لا تنفي، في المقابل، وجود تهريج مجاني في بعض المسلسلات مثل (ابو جانتي)، وكذلك وجود حوارات وثرثرة مملة تفتقد لاية قيمة فنية أو جمالية مثلما تابعنا في الجزء الخامس من مسلسل (باب الحارة) للمخرج بسام الملا".
بدوره، قال الصحفي السوري سالار اوسي، إن الدراما السورية "فقدت خصوصيتها وهويتها في هذا الموسم الرمضاني، وراحت تكرر المواضيع على نحو ممل". 
وتابع ان الدراما السورية "جاءت ضعيفة وكأنها اطمأنت الى شهرتها الواسعة، فراح صناعها يبنون على ذلك النجاح، لكنهم اخفقوا هذه المرة". ولاحظ اوسي ان "نصيب الدراما التاريخية كان ضئيلا هذه السنة، فضلا عن ضعفه من نواحي المعالجة الدرامية مثل مسلسل (القعقاع بن عمرو التميمي) للمخرج المثنى صبح، الذي طغى عليه الصبغة الدينية، و(كليوباترا) لوائل رمضان الذي جاء فاشلا وخاليا من اللمسات الجمالية المبدعة".
ونوه اوسي في المقابل بمسلسلات قليلة حققت تميزا مثل (وراء الشمس) ، و(تخت شرقي).
واتفق المخرج السينمائي الفلسطيني فجر يعقوب مع سابقيه، إذ لاحظ تكرارا في المواضيع المطروحة، وحذر من ان ذلك "يضع الدراما السورية على المحك وقد يخرجها من ميدان المنافسة". والمح يعقوب الى ان "هذه الدراما بدأت تتراجع بعد سنوات من النجاح".
ودعا صناع الدراما السورية الى ضرورة "الانتباه الى هذه النقطة، والابتعاد عن الاستسهال وسرعة الانتاج بهدف اعادة الألق الى هذه الدراما".
وقال ان "الكتابة الدرامية عانت من الثغرات، وبدت ضعيفة وساذجة احيانا". وشدد يعقوب على ان "الساحة الدرامية السورية لا تفتقر الى المواهب والكفاءات، غير ان النزوع الى الربح السريع، والنمط الاستهلاكي الطاغي أوقعا هذه الدراما في المحظور الذي ينبغي التمعن فيه مليا بغرض معالجته وتجاوزه".

إبراهيم حاج عبدي

وكالة شينخوا الصينية

 

 

القعقاع بين يدي المثنى: بلاء الدراما ونكبة التاريخ!

 


سبقت مسلسل (القعقاع بن عمرو التميمي) دعاية كبيرة عن ضخامته الإنتاجية، تجاوزت شهرة هذه الشخصية التاريخية التي لم يولها المؤرخون القدامى اهتماماً كبيراً، فالقعقاع لم يكن من الشخصيات الشهيرة في صدر الإسلام، ولم يرد المؤرخون نسباً له سوى أنه من قبيلة تميم التي جاء وفدها إلى النبي الكريم في السنة التاسعة للهجرة بعد غزوة تبوك، ليعلن دخول القبيلة في الإسلام... ولم يكن للقعقاع أي ذكر بكل الغزوات أو السرايا التي بعثها رسول الله انطلاقاً من دار الهجرة في المدينة المنورة، كما لم يعرف عنه أي جهاد في عهد النبوة، الأمر الذي يدل على إسلامه المتأخر، ثم صحبته للنبي في العامين الأخيرين قبيل وفاته.

وهكذا فقد أراد المسلسل أن ينبش في سيرة شاعر وفارس، لم تكن لحياته خصوصية درامية، ولا شهرة سائرة، وإن كان له دور مهم في الفتوحات التي توالت في عهد الخلفاء الراشدين، فحارب المرتدين في عهد أبي بكر، وكان بطل القادسية في عهد عمر بن الخطاب، وشهد فتنة مقتل عثمان بن عفان، ثم ما كان من أنصار علي بن أبي طالب، في موقعة الجمل، ثم في معركة صفين ضد جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان.

ولا يبدو في اختيار سيرة هذه الشخصية كمادة لمسلسل تاريخي، أية رؤية خاصة سوى المرور على الفتن التي عصفت بتاريخ صدر الإسلام، منذ مقتل عثمان بن عفان، وما تلا ذلك من أحداث جسام لم يكن فيها القعقاع سوى فارس من فرسان كثر أبلوا في ساحات الجهاد بإيمان وإخلاص.

لكن إذا استثنينا هذه المسألة على اعتبار أن المسلسل يؤرخ لفارس وشاعر عربي عاش في صدر الإسلام وكفى، فإن العمل يبقى مجرد مسلسل تلفزيوني يبحث عن موضوع وعن شخصية بطولية، صيغت سيرتها في نص سردي يروي أكثر مما يجسد، وينشغل بالحدث العام، أكثر مما يضيء الجوانب الخاصة لهذه الشخصية التي لم يعرف الكاتب محمود الجعفوري كيف يرمم سيرتها الذاتية في ظل فقر ما نقله عنها المؤرخون القدامى والمحدثون سوى بسالتها وحنكتها في القتال، وزهدها في الغنائم التي كان يجنيها الفاتحون.

 


ويبدو أن المخرج المثنى الصبح تعامل مع الموضوع من هذا المنطلق، فلم ير في سيرة القعقاع سوى مساحة لإخراج المعارك وحشد الحشود، واستعراض عضلات إخراجية وبذخ إنتاجي، كان يعوزهما هدف درامي بدا غائباً على مدار العمل، فهل يصنع الناس المسلسلات التاريخية كي يقولوا إنا قادرون على تصوير معارك ضخمة، والاستعانة بخبراء أجانب ومصممي معارك ومبارزات وشركات غرافيك ساهمت في صنع تحفة اسمها (أفاتار) وجاءت لتضفي بعض المؤثرات الخاصة على عملنا؟!

سؤال لا أطرحه برسم الأخ المثنى الذي أعطانا الجواب بطريقة غير مباشرة حين أشار في حوار صحافي مع ملحق 'تشرين دراما' نشر بتاريخ (5/9/2010) قال فيه بالحرف: 'أنا لم أجتمع بالكاتب بعد تسليمه النص، وبالطبع قمت بتغييرات على النص يحق لي كمخرج أن أقوم بها'. فما هذا العمل التاريخي الذي لا يشعر المخرج ولا لمرة واحدة بالحاجة للاجتماع بالكاتب، ثم يقوم بتغييرات على النص من دون الرجوع إلى الكاتب الأصلي، إن لم يكن عملاً بلا رؤية... وما هذه الثقة التي يملكها السيد المخرج إزاء معرفته بهذا التاريخ وشخصياته وكأنه يحمل دكتوراه في تاريخ صدر الإسلام تجعله في غنى عن استفسار أو نقاش مع الكاتب؟!

لقد أمضى الراحل الكبير مصطفى العقاد سنة كاملة في القاهرة مع كاتب السيناريو الايرلندي هاري كريغ أثناء كتابة نص فيلم (الرسالة) بمشاركة خمسة من كبار الأدباء المصريين والمهتمين بأدب السيرة، وأثناء التصوير كان الكاتب يرافق عمليات التصوير مشهداً بمشهد ويتناقش مع الممثلين والمخرج عن رؤيته لأداء الشخصيات التاريخية التي كتب عنها، وأنا أفهم أن (الرسالة) مختلف في قيمته التاريخية وقيمه المهنية وثقافة صانعيه عما نراه في مسلسل (القعقاع)، لكن أن تصل المسألة حد أن يأخذ المخرج النص ويمضي هكذا من دون أن يلتقي بالكاتب ولا حتى لمرة واحدة، فهذا أمر يعبر تماماً عن حالة الثقة المفرطة بالنفس التي يعيشها مخرجو الدراما السورية الشباب اليوم، والتي تدعو للرثاء حقاً.

وأعتقد أن الكثير من القراء سيشاركونني هذا الشعور العميق بالرثاء حين يقرؤون كلمات المثنى صبح وهو يقول في الحوار المشار إليه عن عمله: 'أنا بكل تواضع أقول انني رفعت السقف في الدراما التاريخية العربية فنياً ودينياً وتاريخياً، وأي عمل تاريخي سيقدم لاحقاً يجب أن يبدأ من بعد القعقاع'، فإذا كان يقول هذا عن عمله (بكل تواضع) فماذا سيقول إذا أراد أن يتحدث (بشيء من الغرور) يا ترى؟!

لقد تابعت الكثير من حلقات (القعقاع بن عمرو التميمي) فلمست فيه ضعف الحبكة وطغيان السرد، ولاحظت ضياع حضور الممثل مقابل تعزيز مشهدية قتالية تلغي الأثر الحقيقي للشخصية ولدورها في التواصل مع مشاهد يفترض أن يتفاعل مع أبطال التاريخ، قبل أن يتحمس لمعاركه، ويشنف آذانه لسماع صليل السيوف ورؤية مشاهد الدم، وجدت غياب أثر الإدارة الإخراجية على كثير من الممثلين وحزنت لسلوم حداد وهو يبذل جهداً بلا طائل، وشعرت بالكثير من ممثلي الأدوار الثانوية الذين كان همهم أن يتحدثوا العربية الفصحى بطلاقة على حساب الإحساس الدرامي للمشهد، ربما لأن المخرج كان كل همه إدارة الخيول والفيلة التي يتباهى أنه صورها في الهند..لا إدارة البشر.

وعندما رأيت الرايات البيض والسود تنتشر بكثرة في أيدي الجيشين في معركة (صفين) وكأنها صور زعيم عربي في مسيرة تضامن وتأييد، تساءلت إن كان هؤلاء سيقاتلون بالرايات والأعلام لا بالسيوف، ثم إن كانوا سيتقاتلون بالسيوف... فكيف سيديرونها ضد بعضهم بعضاً وهم مولعون بحمل هذا الكم من الرايات؟! وتذكرت، بالقياس، قصة استشهاد حملة اللواء في معركة (مؤتة) وكيف استشهد زيد بن حارثة ثم جعفر بن أبي طالب ثم عبد الله بن رواحة وهم يحمون راية المسلمين تباعاً، وليس لدى كل منهم راية يتزين بها، فهل كان التشكيل الجمالي هنا أهم من الحقيقة التاريخية؟! وهل كانت التقنيات والإكسسوارات أهم من المعاني والدلالات؟!

إن مسلسل (القعقاع بن عمرو التميمي) هو نموذج معّبر للغاية عن الطريقة التي يفكر بها المخرجون الشباب، وعلى حالة انعدام الثقافة وقلة المعرفة التي يتعاملون فيها مع موضوعاتهم ومع التاريخ الذي نُكب حين صار بين أيديهم.. وهو عمل لن يبقى في الذاكرة طويلاً، لأنه مشغول بلا إحساس وبلا رؤية وبلا هدف درامي حقيقي، يمكن أن يقول لنا ماذا تعني سيرة القعقاع بن عمرو التميمي البيضاء هذه، وما الذي يمكن أن تقوله لمشاهد اليوم، خارج تصوير فتن وانقسامات عاصرها القعقاع كما عاصرها غيره، وقدمها لنا العمل بحس مذهبي سافر، وما الذي تعنيه خارج التمسح بالعصبية القبيلة لمن يرون في أنفسهم امتداداً لقبيلة تميم التي يروي العمل سيرة فارس من فرسانها؟!

 

دراما تحيي العظام وهي رميم!

بعد أن انتقدت مشاركته في مسلسل (الحاجة زهرة وأزواجها الخمسة) في سياق حديثي عن مشاركة الممثلين السوريين في الدراما المصرية الأسبوع الماضي، وبعد أن اعتقدت أن دوره قد انتهى بإعلان موته في الحلقة الثانية عشرة من المسلسل، أرسل لي النجم باسم ياخور رسالة قصيرة على هاتفي الجوال قال فيها: (يبدو أنك ما كنت متوقعني عيش من جديد في هذه الدراما التي تحيي العظام وهي رميم).

من الواضح أن باسم كان يسخر في ما بين سطور رسالته، من الحالة المفبركة لعودته فاقداً للذاكرة بعد حلقات من الغياب، على اعتبار أن الطائرة التي كان يقودها سقطت وتحطمت لكنه لم يمت، وأنا أحيي باسم على سخريته الشجاعة هذه، مؤكداً مرة ثانية أن دوره في (الحاجة زهرة) أقل بكثير من الأدوار التي قدمها ويقدمها في الدراما السورية.. وهو لا يضيف سوى لحسابه البنكي فقط!

 

فضيحة الكورس في (تحدي النجوم)!

وإذا كان السؤال عما يضيف مشروعاً دائماً، فإن برنامج (تحدي النجوم) الذي يقدمه الفنان أيمن رضا في التلفزيون السوري، مستضيفاً فيه نجوم التمثيل من أجل أن يسرحوا ويمرحوا في ملاعب الغناء.. هذا البرنامج يطرح السؤال نفسه عما يضيفه الغناء لبعض الممثلين الذين بالكاد يقبل بهم الجمهور كممثلين، فهل عليه أن يتحملهم وهم يعتدون على فن الغناء؟!

وهكذا فربما كان برنامج (تحدي النجوم) ليس تحدياً لمن هو الأقدر على الغناء بين الممثلين، ولمن هو الأجدر بالتصويت من قبل الجمهور، بل هو تحد لقدرة المشاهد على تحمل الكثير من الأصوات التي تجعل آذان الذواقين تصرخ وتستغيث ولا من مغيث سوى جهاز الكونترول!

لا ننكر طبعاً أن البرنامج قياساً لبرامج التلفزيون السوري التي تعاني من جمود مزمن، يتميز ببعض الحيوية والحركة، وأن هناك محاولة لتقديم مسابقة غنائية في شروط احترافية تبلي فيها الفرقة الموسيقية بقيادة هادي بقدونس بلاء حسناً، لكن المشكلة تبقى في الفضيحة التي يسببها الكورس... لأن أصوات الكورس المصاحب في معظم الأحيان هي أجمل من أصوات نجوم التمثيل الذين نحسد الكثير منهم من دون شك، على ما يتحلون به من شجاعة من أجل القفز فوق أسوار الغناء العالية!

محمد منصور

المصدر: القدس العربي- لندن

 

 

 

مخرج "ما ملكت أيمانكم": وجه الإنسان هويته، فلماذا يخفيها؟

 

أكد المخرج السوري نجدت أنزورأن الرسالة الاهم التي أراد عمله التلفزيوني الأخير "ما ملكت أيمانكم" إيصالها إلى المشاهد العربي، هو أن المجتمعات العربية ما زالت "مجتمعات ذكورية تتعامل مع النساء وكأنهن سبايا وإماء".

وقال في حوار مع برنامج "في الصميم" إن الحالات التي عرضها في مسلسله هي "حالات عامة وليست استثناء". وشدد على أن وظيفة الدراما "تسليط الضوء على النواحي السلبية في المجتمع لكشفها وفتح حوار حولها".

يذكر أن مسلسل أنزور "ما ملكت أيمانكم" قد أثار الكثير من الجدل في الأوساط الشعبية والثقافية حول الموضوعات الحساسة التي طرحها من خلال شخصياته النسائية الثلاث.

وقد وجه أحد رجال الدين البارزين في سورية رسالة مناشدة إلى المحطات الفضائية التي تبث المسلسل طالبا منها وقف بثه منددا باقتطاع عنوان المسلسل من آية قرآنية.

ويجري عرض المسلسل في أربع محطات فضائية فقط في حين امتنعت فضائيات أخرى عن عرضه.

لسنا مجتمع "شروال" وحارة

وفي رده على الأسباب التي دعت محطات خليجية لعدم بث عمله التلفزيوني "ما ملكت أيمانكم"، قال أنزور إن المحطات السعودية تريد المجتمع السوري أن يكون مجتمع "شروال "وحارة، في إشارة إلى المسلسلات التاريخية التي يتم إنتاجها خليجيا.

واستغرب ألا تهتم هذه المحطات التي تصرف ملايين الدولارات، حسب قوله، على تنظيم واستضافة مؤتمرات ضد الإرهاب، بعرض عمل فني يدحض الإرهاب ويكشف مخاطره للجمهور العربي.

لمن الكلمة العليا؟

وعن العلاقة بين الجهة الممولة وصاحب القرار في العمل الفني، يقول أنزور إن العمل الفني هو رهن الراعي، أي الممول، فإن جودة العمل تتوقف، حسب قوله، على طبيعة الممول ذاته إن كان ذو توجه وطني أو أنه مجرد مستثمر للمال. وفي سؤال عن مصدر التمويل لمسلسله "أهل الوفا"" احتد المخرج السوري قائلا: "هل شرط أن يكون التمويل مشبوها كلما أنتجنا عملا وطنيا؟" وأكد أن هناك الكثير من "الطيبين" الذين يريدون استثمار أموالهم في أعمال وطنية وخيرة "كنوع من الزكاة".

أهل الوفا مسلسل أخرجه نجدت انزور، وتدور أحداثه حول عملية تنفيذية نوعية تقوم بها المقاومة ضد المحتل. ويقول الفيلم انها قصة مقتبسة عن حادثة واقعية حصلت خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. ويعرض الفيلم كيفية تصرف القائد الميداني للعملية وتفاعل سكان المنطقة معه ومساعدته.

 


منع النقاب

وبارك المخرج السوري الدعوات في سورية لمنع المنقبات من دخول الجامعات او التدريس في معاهد وزارة التربية والتعليم، قائلا إن "وجه الإنسان هويته فلماذا يخفيها؟"، معتقدا بأن النقاب "بدعة لا علاقة لها بالإسلام، وأن التطرف والتشدد الديني هما نتيجة الانحلال الأخلاقي في المجتمعات".

وكانت وسائل إعلامية محلية سورية قد نقلت الشهر الماضي عن مصادر موثوقة ومقربة من وزارة التعليم العالي، أن وزير التعليم السوري قد أعطى توجيهات تقضي بمنع دخول الطالبات المنقبات إلى حرم الجامعات السورية. كما تم نقل 1200 منقبة من العاملات في التعليم إلى وزارة الزراعة والإدارة المحلية.

الرقابة السورية "شفافة"!

واستغرب المخرج السوري من الفكرة الصارمة السائدة عن الرقابة السورية، قائلا "ليس هناك سيف مسلط على رقابنا في سورية".

وأكد أن هامش الحرية واسع جدا للمبدعين هناك، واستنتج أن هذا الفضاء من الحرية، حسب قوله، قد يكون هو السبب في نجاح وتطور وانتشار الدراما السورية.

ويرى أن لائحة الممنوعات التي كانت سائدة قبل انتشار الفضائيات هي "لائحة سعودية، وأن بعض الفضائيات ما زالت متمسكة بها".

المصدر: بي بي سي برنامج في الصميم