بيروت بديل دمشق للبعثات الأوروبية؟

 

مع الزيارة التي قام بها نائب وزير الخارجية الصيني قبل ايام قليلة لدمشق معلنا دعمه للاجراءات التي اعلنها النظام السوري بتنظيم استفتاء حول الدستور في 26 من الشهر الجاري، وضعت الصين نفسها جنبا الى جنب مع روسيا في استكمال كل عناصر الكباش السياسي الدولي حول سوريا مع الدول العربية والغربية على حد سواء.

فزيارة المسؤول الصيني التي اتت بعد ايام من زيارة مماثلة قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف اعطت النظام دفعا معنويا من اجل القيام بما التزم القيام به تزامنا مع اجتماع اصدقاء سوريا الذي يلتئم في تونس في الرابع والعشرين من الشهر الجاري.

وليس واضحا ما اذا كان في استطاعة النظام ان يجري هذا الاستفتاء الذي تشكك مصادر معنية في امكان التحضير له في المدة القصيرة بين الاعلان عنه والظروف الميدانية لاجرائه التي تمنع التواصل بين المدن والقرى السورية، فضلا عن الاوضاع الصعبة جدا للمواطنين السوريين.

لكنه التحدي الابرز الذي يبدو ان روسيا والصين تعولان عليه بقوة من اجل توفير اوراق في ايديهما تسمح لهما باستمرار الدفاع عن النظام في وجه الدول التي طالبته بالتنحي في عملية انتقال سلمي وضعت اطارها الجامعة العربية باعتبار ان نجاح النظام في تنظيم هذا الاستفتاء من شأنه ان يشكل عنصرا بالغ الاهمية اكثر بكثير من اي حسم عسكري يمكن ان يقوم به في اي مدينة او بلدة تتحدى ادارته.

ففي النهاية، فإن ادارة النظام عملية سياسية يظهر خلالها قدرته على رعاية عملية انتقال سياسية للنظام مما كان عليه الى نظام تعددي ديموقراطي من ضمن الدستور الجديد الذي اعلن عن وضعه يمكن ان تساعده في تثبيت وضعه نسبيا في موازاة الدعم الروسي والصيني له.

في حين ان عدم نجاحه في ذلك سيحرج موقف كل من الدولتين اللتين اخذتا على عاتقهما على ما يبدو مساعدة النظام بعدما اخذتا جانب حمايته بالفيتو في مجلس الامن تجنبا لدعم الخطة العربية للانتقال السلمي في سوريا.

كما ان هذا الفشل بأي طريقة كانت سيثبت عجزه عن رعاية الانتقال السياسي وعدم رغبة السوريين في ان يتولى هو هذه الرعاية او ان يكون جزءا منها، علما ان المصادر المعنية تعتقد بأن الظروف لا تسمح بتقويم ممارسة الشعب السوري حريته في هذا الاستفتاء في غياب مراقبين حياديين او اعلام حر في شكل كامل.

 وبحسب المصادر المعنية، فان الاسبوع الطالع يشكل محطة مهمة في ضوء اجتماع اصدقاء سوريا في تونس الذي يسبق موعد الاستفتاء في سوريا وقد وسعت روسيا قاعدة انتقادها القوي له وابلغت اعتراضها عليه الى وزراء دول خارجية اوروبيين التقاهم وزير الخارجية الروسي الاسبوع الماضي.

اذ ان روسيا تأخذ على المؤتمر دعمه او دعوته المعارضة السورية من دون دعوة النظام وكون المؤتمر يحصل خارج اطار المؤسسات الدولية كالامم المتحدة وما شابه، علما ان المؤتمر لم يتقرر الا للرد على الفيتو الروسي والصيني الذي عطل قرارا دوليا حول سوريا. وكانت ثمة اراء متعددة حول دعوة المعارضة او عدم دعوتها حتى قبل ايام قليلة وغلب الاحتمال الاول باعتبار ان المؤتمر يقوم اصلا على مبدأ تقديم الدعم للشعب السوري.

 


وتكشف هذه المصادر ان هناك مجموعة خيارات ديبلوماسية واقتصادية تشكل ضغوطا اضافية على النظام موضوعة على الطاولة امام المؤتمرين. بعض هذه الخيارات مهد له البرلمان الاوروبي الذي طالب الاسبوع الماضي بسحب السفراء الاوروبيين المعتمدين في دمشق ووقف التعامل مع سفرائه المعتمدين في الدول الغربية.

وهو امر لم تسقطه مصادر ديبلوماسية معتمدة في بيروت من الاعتبار على قاعدة ان تعتمد البعثات الديبلوماسية الاوروبية العاملة في بيروت كبديل مؤقت عن تلك العاملة في دمشق، مع تأكيدها دلالة هذا الموقف خصوصا ان الكثير من البعثات لم يترك لبنان في زمن الحرب على رغم قسوتها وبقي فيه، في حين يمكن ان تغادر العاصمة السورية كرسالة توجهها الى النظام عن رفضها التعامل معه.

وقد كان لافتا دخول مصر الى نادي الدول العربية التي استدعت سفيرها في دمشق، علما ان القاهرة لم تكن من صقور العرب في التعامل مع الازمة السورية في الاشهر القليلة الماضية مما يشكل مؤشرات اضافية على ضغوط متزايدة على النظام ستعتمد في المؤتمر.

يضاف الى ذلك ما يمكن ان يتخذ على قاعدة ابقاء الحركة الدولية متوازية مع الحركة العربية وغير متقدمة عليها في الشأن السوري وابقاء الاهتمام مركزا على ما يجري في سوريا كون هذا العامل، وفق ما تعتقد المصادر المعنية، يلجم حركة النظام على رغم ما يقوم به كونه لا يريد ان يعطي خصومه اوراقا اضافية بما يحرج حلفاءه الدوليين المدافعين عنه حتى الان.